أقلام حرة

لا وجود لحسن النية في التزوير / صادق غانم الاسدي

وما رافقه من تداعيات أثقلت بها جراحات المواطن العراقي وغياب الأمن الذي يعتبر عصب الحياة وبه نستعين على قضاء حوائجنا وتوطيد العلاقات الإنسانية ورسم سياسة المستقبل في ظل معطيات الواقع الأمني الذي يقرر استقرار كافة الجوانب،شهد العراق خلال تلك الفترة أفعال ومسميات بعيدة عن ارثنا وتقاليدنا وثقافتنا المستمدة من روح الدين الإسلامي الحنيف،على الرغم من أنها كانت موجود عبر التاريخ ولكن ليس بهذا الحجم والتأثير والمبالغة في هندستها وصياغتها والتستر عليها، ما نحن بصدده من خلال هذه السطور هو التزوير، لم يكن التزوير أو الفساد حالة غريبة أو طارئة تفاجئ بها الشعب العراقي، ولكن عندما يكون التزوير ضمن خطة مرسومة مسبقا وإستراتيجية تتخطى بها رقاب الناس لتتسلم قمة المسؤولية والحكم من بين المتخاصمين وتطبيق العدالة وتذليل مصاعب الناس فهذا ينذر بكارثة ويدمر أسس بناء المجتمع، وللتزوير أنواع كثيرة منها تزوير القول والفعل والأمانة والعملة وما يخصنا هو تزوير الشهادات والعمل بها من اجل أغراض متعددة، يعتبر هذا النوع اخطر أنواع التزوير أذا ماتمت العملية بنجاح ودون دراية وبصيرة نافذة، فسيكون الدمار واضحاَ على المستوى الإنساني، لان المزور سيحصل على منصب رفيع يؤهله أن يحكم ويتمتع بصلاحيات لايحلم بها، والذي يمارس هذا النوع بالتأكيد انه لايعرف العدالة والحق لان مابني على الباطل فهو باطل،وقد شهدت الفترة الماضية الكثير من حالات التزوير لمواطنين رشحوا لخوض الانتخابات النيابية ومجالس المحافظات، فقسم منهم تم كشفهم وإحباط محاولاتهم الدنيئة وقسم متمرس في تلك العمليات فلم يتم كشفه لحد هذه اللحظة،ولكن أرادة الله وعمل الباطل لايثمر لصاحبه الخير حتما سيأتي اليوم الذي سيقع وتكون عواقبه وخيمة بقدر تعمقه وفعله للشر،ربما قسم من الناس يتصور ليس كل عمليات التزوير هي مؤثرة فمثلا الذي يزور شهادة الأول متوسط إلى الثاني برأي الكثير ليس له جانب وعمق في التأثير على المجتمع لان مساحة وحجم التزوير لا تتعدى أغراض وقتية،في حين أن الدكتور حينما يحصل على شهادة مزورة ويقوم بفتح عيادة كما حصل لا احد الأطباء في منطقة البياع وهو يمارس طبيب اختصاص العيون بعدما تم كشفه من قبل المفتش العام في وزارة الصحة الدكتور عادل محسن، هذا النوع من التزوير له ضررا كبيراً لان حجم مساحة العمل كبيرة والاحتكاك مع مختلف شرائح المجتمع، إنا أقول التزوير تزوير سواء الذي يحصل على شهادة سادس ابتدائي أو شهادة عليا لان الجانب الروحي والإنساني والعقائدي قد نفذ من بصيرة الإنسان ومارس جرم خطط له قبل عملية الشروع بالجريمة ولا توجد نية حسنه أو جهل بالموضوع، بدليل أي عمل يقوم به شخص لتزوير شهادة دخول وخروج من المستشفى والتي أصبحت من الظواهر الجديدة في المجتمع العراقي وأخذت تتكاثر بالفترة الأخيرة أو تزوير العملة أو الحصول على شهادة دراسية، أول عمل يقوم به المزور هو دراسة كاملة للموضوع ومقارنة حالة التزوير مع الحالة الأصلية واستخدام أدوات وأقلام أو أوراق مطابقة قبل تنفيذ الجريمة أذن أركان التخطيط قبل العمل متاحة وتمت باختياره وبرغبته ولا وجود لحسن النية كما يشاع عند بعض الناس وهم يحملون مشاعراً يتعاطفون بها مع المزورين، وللأسف الشديد أن القاسم المشترك لتلك العملية تشمل كل أطياف المجتمع ولا استثني منها أي مكون أو ديانة، وكانت حصة الوزارات من حالات التزوير كثيرة وأيضا اختلفت الوزارات في معاقبة حالات التزوير فقسم تم فصلهم والأخر اكتفى بالمعاقبة ووزارة تسترت لعدم وضوح الأمر، في الوقت الذي نفتقر إلى قانون رادع يحد من اخطر مرض وآفة تهتك بالمجتمع،مع أن الدين الإسلامي يوكد على حرمان المسلم من دخوله الجنة في حالة ثبت انه أدلى بشهادة الزور ولا يختلف الأمر أن التزوير يضلل المجتمع عن العدالة وبه ينتهك حقوق الناس وتنتشر الفوضى ويوسد الأمر لغير أهله في تحمل المسؤولية، أي يتربع على قمة القرار من لايستحقها بجدارة، فتنعدم الأمانة وتغيب الروح الوطنية والشعور بالمسؤولية ويتفكك المجتمع،ونحن نتطلع إلى حكومتنا المنتخبة ومجلس النواب والى رجال الدين من على منابرهم ومنظمات المجتمع المدني المؤثرة والقريبة من سلطة القرار أن تقف وقفة حق ولا تتهاون مع المزورين كما قاتلتم القوى التكفيرية وسالت الدماء على ارض الوطن من اجل إرساء الأمان وبناء مجتمع يحترم القانون والدستور ويبني الدولة العصرية وهي حلم العراقيين جميعا.

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2260 الثلاثاء 30 / 10 / 2012)


في المثقف اليوم