أقلام حرة

هل يستطيع الطالباني حل الازمة العراقية؟ / عماد علي

وتمعن في استراتيجية سياساته بالدقة وقارنها بما كان عليه وممارساته للمنصب السياسي وهو احد قيادات حركة التحرير الكوردستانية، يستطيع هذا المتابع ان يقارن ويجد الفروقات البينة في تعامل الطالباني مع الاحداث العديدة في العراق خلال هذه الفترة ويتلمس مدى اعتداله المطلوب وعلى العكس مما كان وعمل وفعل باستمرار خلال الصراع الدائم منذ الستينات الى مابعد الحرب الداخلية بين الحزبين الرئيسين في الاقليم بين الاتحاد الوطني والديموقراطي الكوردستاني، وكان من الاجدر ان يفعل ما يسير عليه اليوم في كوردستان منذ عقود، ولو كان الطالباني بنفس الروحية والحنكة لما يمارسه اليوم من السياسات العديدة مع الاخذ بنظر الاعتبار انانية ومراهقة قيادات الديموقراطي الكوردستاني اثناء الحركة التحررية الكوردستانية في الثورة الجديدة بعد النكسة وطوال حكم الدكتاتورية في العراق لما كان الشعب الكوردي والظروف والواقع والمستوى العام لاقليم كوردستان من جميع النواحي في هذه الحال والدرجة، ولو كان حريصا كما يفعل اليوم في العراق كان بالامكان للقضية الكوردية ان تقطع اشواطا اكبر وتتقدم دون اي خوف من التراجع والنكسة مرة اخرى. فكانت المصلحة الحزبية والشخصية قبل اي شيء هي الاولوية في سياساتهم العامة وقياداتهم التي تراوحت على نفس الحال بذاتها دون اي تقدم يُذكر في الشكل او الجوهر رغم تغيير المراحل التارخية التي مرت بها الثورة الكوردية، وبقوا كما هم جنرالات قديمة على الحال ذاتها بنفس الفعل والنظرة والعقلية جامدين في قيادة هذه الثورة اليتيمة وهذا الشعب المغلوب على امره .

اليوم وبعد كل تلك التجارب والوصول الى الموقع الاول في السلطة العراقية وتحقيق الاحلام والامنيات الخاصة التي كانت اولى  الاولويات لديهم، نلاحظ ونلمس الحكمة قد ظهرت  بعض الشيء في النظرة والتعامل مع الاحداث المتكررة في العراق وهذه نابعة من مدى اصرار الرئيس العراقي على ارضاء الجميع سواء كان داخليا او خارجيا عن سياساته وايفاءه بوعوده وعهوده . وكما نرى ان الرئيس الطالباني يتوخى الحذر الشديد في ابداء المواقف في الامور التي تخص الشان الكوردستاني ومستقبل الاقليم وما يتطلبه واقع الشعب الكوردي وحقوقه المشروعة ويعمل ما في وسعه وجهده لاظهار اعتقاداته بعراقية عقليته وايمانه ونظرته وتعامله وسياساته على الرغم من اعتقاداته وافكاره  المتباينة بشكل عام، ويفعل ما بوسعه ان يكون على المسافة ذاتها من الجميع ويحاول جهد الامكان ان يكون في وضع وعلاقة عامة وحال يلجا اليه الجميع عند الضرورة، وهذا خير ما يفعل على ما يعتقد ولكن هذا ليس بمقبول ان كان على حساب طرف ضحى في تاريخه اكثر من اي شعب في المنطقة. ولكن ليس هذا مربط الفرس في حل القضية العراقية المستعصية والاحداث والازمات والخلافات المتجذرة المتعددة الاسباب والابعاد .

هناك عوامل تاريخية واخرى دينية مذهبية عدى قومية التي اخذ الدهر منها كثيرا وتعقد وهناك مصالح مختلفة ومؤثرات خارجية وتدخلات عالمية في شؤون لا مجال  الا الاستمرار عليه في محاولة كل طرف للسيطرة على زمام الامور في النظام السياسي العام في العراق . المماطلة في التقارب بين القوى السياسية وفشل محاولات التحاور والنقاش مع البعض من اجل ايجاد الحلول فان الهدف منه هو التربص من كل طرف للانقضاض على الاخر في اية فرصة سانحة، والتملص من ابداء اية خطوة يمكن لها ان تسوي الامور او يمكن ان تدفع الى التطبيع بشكل عام هو الامر المسيطر على زمام الحركة السياسية العراقية بشكل عام .

في خضم تلك الاحداث ومن افرازات تلك العقليات والتوجهات المؤدية الى استعصاء القضية وتعقيد الازمات وتشابكها، ماذا يمكن للرئيس الطالباني ان يفعل مع تلك العقلية والتاريخ والفكر والفعل الذي يحمله من اجل الوصول الى الحلول المقنعة للجميع وليس على حساب احد،  وكما يحس الشعب الكوردي ان اي تدخل للقادة الكورد وكما يعلنون بانهم جزء من الحل في الازمات العراقية المتكررة كان دائما على حساب حقوقه المشروعة ونضاله الدامي وتضحياته الكبيرة . هناك دستور دائم وفيه من الثغرات، وهناك مصالح اقليمية وفيها من الضغوطات على الجميع وحسب الاتجاهات، وهناك صراعات داخلية ومنها دامية وفيها من الموانع التي تمنع اي تقارب محتمل، وهناك مصالح حزبية وشخصية تسد الطريق وتقطع اي نفس عن اي خطوة محكمة متجهة نحو الحل دائما، وهناك مستجدات نتيجة الثورات الجديدة في المنطقة وفيها من الفرضيات والطلبات والضرورات المختلفة . اذن الحل ليس بيد الطالباني مهما ادعى المتفائلون، حتى وان كان يمتلك العصا السحرية التي لا يمكنها فرض اي شيء على هذا الواقع المرير . وعليه يجب ان ينتظر الشعب العراقي بجميع مكوناته وفئاته نتيجة الانتخابات النيابية المقبلة وما يتمخض عنها وكيف يستقر الوضع ولمن تكون الكلمة ومعصم القوة الذي يلائم هذا الواقع العراقي وهذه العقليات وهذا الشعب والتاريخ وهذا المستوى من الوعي والثقافة العامة المتدنية للاسف. والسؤال المنطقي الذي  يفرض نفسه هو؛ ان كان الطالباني لم يتمكن من انهاء الصراع الداخلي الكوردستاني ولم يقطع دابر الخلافات ولازالت التداعيات تفعل ما تشاء في الامور العامة في اقليم كوردستان وكذلك نتيجة تعنت الاطراف الاخرى ايضا، فكيف به ان يقدر على حل الازمة العراقية المستعصية ولو بنسبة بسيطة جدا .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2270 الجمعة 09 / 11 / 2012)


في المثقف اليوم