أقلام حرة

مخاضات سياسية (1) .. الساحة الكردستانية / امين يونس

وذلك لسببٍ بسيط، هو ان القوى السياسية الفاعلة في الساحة، أي التحالف الوطني والقائمة العراقية والتحالف الكردستاني .. كُلها تُريد حالياً .. المُحافظة على الوضع الراهن، والتَمُسُك بالمُكتسبات والإمتيازات الكبيرة التي تحصل عليها .. وتأجيل حسم كافة الأمور المُهمة .. الى ما بعد الإنتخابات العامة القادمة . وأرى ان إنتخابات مجالس المحافظات، التي من المزمع إجراءها في 20/4/2013 .. ستكون تمريناً جيداً لكافة القوى السياسية .. وفضاءاً واسعاً لإطلاق بالونات الإختبار .. وجَس نبض بعضها البعض .. وإستكشافاً مُبكراً لإحتمالات، التحالف مع هذا الطرف او ذاك .

- على الجانب الكردستاني، أرى من المُفيد الإشارة الى مايلي : كما يبدو فأن هنالكَ مناقشات وإجتماعات " علنية " بين حِزبَي السلطة وأحزاب المعارضة والأحزاب الاخرى .. وكذلك إجتماعات " سرية " أو " غير رسمية " بين كُل حزب من هذه الأحزاب، مع حزبٍ آخر أو أكثر .. لإستمزاج الآراء وإمكانية التحالفات . علماً ان هنالك، شكلٌ من " التفاهمات الضمنية " بين الأحزاب الثلاثة الأكبر " الديمقراطي والإتحاد والتغيير " .. حول كركوك والمناطق المتنازع عليها .. والخطوط العريضة لهذه التفاهمات الضمنية، تدور في الفلك التالي : إقرار الحزب الديمقراطي، بنفوذ الإتحاد الوطني وحركة التغيير في كركوك ومناطق ديالى وصلاح الدين المتنازع عليها .. في مُقابل إعتراف الاتحاد الوطني، بنفوذ الحزب الديمقراطي، في نينوى .. ( وفي حالة التنسيق الثنائي بين الاتحاد الوطني وحركة التغيير في كركوك وبعلم الحزب الديمقراطي .. فلا مانع، من دخول إنتخابات مجالس المحافظات في كركوك ونينوى، في قائمة موحدة، ورُبما مع الاتحاد الاسلامي وأحزاب اُخرى أيضاً ) .

- تجري مفاوضات مُستمرة وعلى عدة اصعدة، بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني .. من أجل إعادة الروح الى " الإتفاق الإستراتيجي " .. أو رُبما " مُراجعة " بعض البنود فيه . وهنالك إحتمالَين لِما ستؤول اليهِ هذه المباحثات : فأما التوصل الى حلول للخلافات في وجهات النظر بين الطرفَين وبالتالي، تمديد الاتفاق الاستراتيجي الى فترةٍ اُخرى .. والنزول في قائمة واحدة، وتقسيم النفوذ بينهما بعد إنتخابات مجالس المحافظات والانتخابات العامة . أو رُبما حسب الاحتمال الثاني .. عدم التوصل الى حلول مُرضية، وتأجيل إحتمال " التحالُف " بينهما الى ما بعد ظهور نتائج الانتخابات ووفقاً لنسب كُل منهما .

ان الإحتمال الاول، تواجهه بعض المعوقات : منها .. ان الحزب الديمقراطي " مُستاء " في دخيلتهِ، من المواقف غير الودية للإتحاد الوطني في الآونة الاخيرة، مثل إصطفاف بعض أعضاء البرلمان في اربيل، من منتسبي الإتحاد، مع المعارضة، في التصويت على التحقيق في بعض قضايا الفساد . ومنها ايضاً، عرقلة الطالباني، لمسألة سحب الثقة من المالكي، وتقاطع موقفيهما بالنسبة للتعامل مع الملف التركي والايراني.. وقبلها تساهُل قوى الأمن في السليمانية مع الذين هاجموا مقر الحزب الديمقراطي . وبالمُقابل فان الإتحاد الوطني، غير راضٍ عن حصول الحزب الديمقراطي، على قطعٍ أكبر من الكعكة الكردستانية، مثل حرمان الإتحاد من أي نفوذٍ في وزارة الموارد الطبيعية .. وكذلك تضييق الخناق على تنظيماته في بهدينان ونينوى حيثما أمكنَ ذلك . إضافةً الى لجوء الإتحاد الوطني في الفترة الأخيرة الى إسلوب، إطلاق التصريحات مِنْ قبل بعض قيادييه، بِصدد قضايا إشكالية وعُقدِية قديمة وحديثة، تؤدي الى ردود افعال متشنجة من الطرف الآخر، وبالتالي تساعد على التأزيم . هذا كله في جانب، وفي الجانب الآخر .. فان الحزب الديمقراطي، يتطّير من " تقارب " مُحتمَل بين الاتحاد وحركة التغيير، غايته الإلتفاف على الحزب الديمقراطي وسحب البساط من تحت قدميه ! . لكل هذه الأسباب، أعتقد أن نقاط الإفتراق بين الطرفَين أكثر من نقاط الإلتقاء " في اللحظة الراهنة " على الأقل .

بصورةٍ عامة، الإتحاد الوطني .. يقبل كما أظُن .. ان يشترك مع الحزب الديمقراطي، في قائمة موحدة، في إنتخابات مجالس المحافظات وحتى الإنتخابات العامة .. بشرط .. أن يتقاسما ما يفوزان بهِ [ مُناصفةً ] .. غير ان للحزب الديمقراطي رأياً آخر .. إذ يقول، بتقسيم المقاعد حسب عدد الاصوات التي يحصل عليها كل طرف . إذ يعتقد الحزب الديمقراطي، انه سيحوز ( بمفرده ) على أصوات أكثر بصورةٍ واضحة، في كل من اربيل ودهوك ونينوى، وكذلك في الانتخابات العامة في بغداد .. وليحصل الاتحاد على نسبة أعلى منه، في السليمانية وكركوك (إذ سيتقاسمها على الأرجح مع حركة التغيير والأحزاب الاسلامية) .. أي بمعنى آخر .. يقترح الحزب الديمقراطي " في حالة عدم التوصل الى إتفاق مع الإتحاد " .. بالنزول في قوائم منفصلة، ثم التحالف بعد الانتخابات، بشروط جديدة تعتمد على نتائج الانتخابات !.

- أغلب ما وردَ أعلاه .. هو ما يُفكر فيه الحزبان الديمقراطي والإتحاد .. لكن الساحة الكردستانية، ليست حكراً عليهما كما هو معلوم .. فان حركة التغيير عندها ما تقوله ! .. وكذلك الإتحاد الاسلامي والجماعة الاسلامية .. بل والشيوعي الكردستاني والإشتراكي والكادحين أيضاً .

وزيارة " نوشيروان مصطفى " قبل يومَين، الى كركوك ولقاءه مع المحافظ وبعض اعضاء مجلس المحافظة، ذات رمزية مُهمة .. فهو يقول للجميع : أنا موجود ! . رُبما لاتمتلك حركة التغيير خيارات عديدة، لكن لن تتوقف مُحاولات  المالكي، لإستمالة الحركة وشق الصف الكردي .. والسؤال هو : هل ان جمال وفتنة المالكي، ستنجح في النهاية في إغراء وإغواء، حركة التغيير " حتى بالتزامن مع جَر الطالباني نفسه والاتحاد الوطني، الى جبهة : المالكي / ايران " بالضد من جبهة علاوي / البارزاني / تركيا ؟ أرى بأن تبسيط الجواب ب نعم او لا، غير دقيق .. لأن كُل القيادات الكردستانية الحالية بلا إستثناء، لها تأريخ ليس ببعيد، من تحالفات، أقل ما يُقال عنها، انها [غير منطقية، وغير معقولة، ولم يكن أحد يتوقعها] !!.

 

يتبع ...

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2271 السبت 10 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم