أقلام حرة

المالكي والبارزاني وجهان لعملة واحدة / عماد علي

البارزاني والمالكي اللذان يمتلكان من التاريخ المثير، انهما خلقا وترعرعا في واقع وثقافة عامة مختلفة شيئا ما عن البعض من حيث النشاة الا انهما حقا ضحية الدكتاتورية في تفكيرهما وعقليتهما ونظرتهما الى الاحداث وما يتبعان  في سياستهما البراغماتية المجردة النابعة من الدوافع المصلحية الحزبية كانت ام الشخصية الضيقة على حد سواء، وان كانا مؤمنين بالايديولوجيا القومية والمذهبية المختلفة عن البعض نتيجة تربيتهما المختلفة الا انهما يستغلان العقائد التي لا يؤمنان بها من خلال ممارساتهما التكتيكية من اجل الوصول الى غاياتهما العديدة وفي مقدمتها تحقيق الاهداف السياسية والطموح الشخصية لهما مهما ادعا غير ذلك . صراعهما المعلن منذ مدة قريبة جدا وما يدعيانه على الملأ من الاعذار والحجج ويفسرانها على انها من اجل الشعب ومن صميم المباديء النقية ! التي يؤمنان بها، الا انها ليست الا محض سياسة مجردة من اي مبدا  فقط ، وهو ما يفيدهما جوهريا في توجهاتهما السياسية ويزيد من رصيدهما قليلا ومؤقتاعند هذا المستوى الموجود من الثقافة العامة للشعب في هذه المرحلة . فان كان البارزاني يستغل العاطفة من اجل اثارة الراي العام من الزاوية القومية لتجميل ما افسدته ستراتيجته وتكتيكه السياسي المخزي طوال الصراع الداخلي الدامي ومما اسفر عن حتى تعاونه مع الشيطان والدكتاتورية البغيضة، وفي المقابل فان المالكي يستغل المرحلة الحالية من التهيج الحاصل وما يمكنه من الاستفادة من الفوضى والعزف على الشعور القومي لاظهار وطنيته والحصول على التعاطف القومي لجمع التاييد والدعم من مختلف الفئات والمذاهب على خلاف ايمانه باعتقاداته المذهبية وان استغل اشد الوسائل فتكا في محاربة منافسيه وغرمائه وبحجج واعذار شتى غير منطقية، وممارسة سياسات معينة لارضاء كافة الاطراف على حد سواء، وهذا ما نجح فيه خارجيا محاولا الاستفادة من تلك التجربة داخليا في المستقبل القريب . لقد تغيرت الظروف السياسية العامة للعراق وترسخت الارضيات الملائمة من اجل نيل الاصوات والتاييد من مختلف الفئات بحركات تكتيكية معينة تتقبلها الثقافة العامة ومستوى نظرة الفرد العراقي وتركيبته الاجتماعية الى الامور العامة، وهذه هي النقطة الهامة لتثبيت الموقع من اجل الفوز في الانتخابات المقبلة التي هي من اولويات اهتمام المالكي قبل البارزاني، لانه يستغل العاطفة القومية ايضا كضد مما يستعمله البارزاني وربما يتحالف هو ايضا مع الشيطان  من اجل اعتلاء كرسي رئاسة الوزراء في الدورة المقبلة، وان كان المتحالفون معه لتحقيق غرضه من صلب التركيبة البعثية ومخلفاتها والشوفينية التي اوجدتها الدكتاتورية طوال سنوات حكمها وما تبقى منها الى يومنا هذا . فليس امام البارزاني الا الاثارة ذاتها اي الدعوات القومية القحة التي توفر له مجالا اوسع لجمع التاييد والمطلوب ومسح او تغطية ما ارتكبه من الاخطاء في هذا المضمار جراء تحالفه وتعاونه المستمر مع العديد من المخالفين وحتى اعداء القضية الكوردية الكلاسيكيين سواء داخل العراق او خارجه من الدول المجاورة، وان كان ضامنا لهذا الجانب من نتيجة هذه الاثارة اكثر من المالكي لاسباب عديدة ومنها عدم وجود دولة خاصة بالكورد على العكس مما موجود من الدول المذهبية في المنطقة .

لقد ابتلى اقليم كوردستان بهذه الافعال السياسية والخطوات التكتيكية النابعة من ضيق افق الرؤى الموجودة لدى هذه القيادات في تحديد مسار الصراع الذي يضع ما لدى الشعب من المصالح العليا جانبا ويرمي ما يهمه بشكل عام في سلة المهملات كما فعلوا خلال العقدين الماضيين، وهكذا العراق اليوم يسير في الاتجاه ذاته منذ سقوط الدكتاتورية، والظروف السياسية الثقافية الاجتماعية العامة الحالية ارض خصبة لمساعدة السير نحو الجحر ذاته من ممارسة السياسة ذاتها في عموم البلد. قد يبدا التناطح بشكل مباشر في فترات معينة وتبدا الزيارات المكوكية بشكل مبتسر بين بغدا واربيل لاسباب تهم الطرفين في المرحلة المقبلة، الا ان المتضرر الاوحد من هذا الصراع هو الشعب بشكل خاص .

من اكبر المآسي التي يجب ان يقف الجميع عندها هو ضرب جوهر الديموقراطية الحقيقية جراء هذا الفكر والتطبيق والسياسة المتبعة من قبل كلا الطرفين او المنصبين السياسيين الرئيسين في العراق واقليم كوردستان، وما هو المخيف هو ازاحة المخلصين القلة المتبقية لحد اليوم وتحطيم الافكار والتوجهات والخطوات الصحيحة في مسار الديموقراطية واشغال الجميع بالتكتيكات السياسيية المعيقة للعملية الديموقراطية الرضيعة بشكل عام .

من جانب اخر، بالافعال والسياسات ذاتها يمكن اضعاف الموقف والثقل المتواضع الموجود للدولة العراقية بما فيها ما يخص اقليم كوردستان ازاء المتربصين او الجهات الخارجية التي لها المصلحة في تراجع العراق ومكوناته من جميع المجالات . لذا يمكن ان نعتبر كلا الشخصيتين البارزاني والمالكي حجر عثرة امام المسيرة السياسية الصحيحة والديموقراطية والحرية المنشودة، وهذا ما يعود بالضرر التام على افراد الشعب العراقي بكافة فئاته . وهذا ايضا ما يضع سدا منيعا امام الانتقال السلس للوضع العراقي والكوردستاني العام الى المرحلة الجديدة المقبلة، وبالاخص ما يخص حياة الشعب العراقي من الناحية السياسية والاقتصادية والثقافية، والاحتمال الاكثر واردا ومتوقعا هو التراجع عن كل الخطوات الصحيحة السابقة التي اتبعت حتى اليوم ايضا . الحل المطلوب لهذه المعضلة الموجود لدى الشعب العراق والشعب الكوردي معا واللذان يمكن ان يمنعا هذا الخطر المحدق يمصيرهم ومستقبل اجيالهم، ويمكنهم النجاح في المهمة هذه من خلال تعمقهم في اختيار الاصح للرجل الملائم في صناديق الاقتراع بعيدا عن الاهازيج والعواطف التي تخبط الحابل بالنابل دائما قبل ان يستفحل الامر ولم نجد الفرص لهذا الطريق والنفق ايضا . وبداية نهاية المشكلة تنبثق في انهاء الدور الرئيسي لهذين الشخصيتين البراغماتيتين، البارزاني والمالكي اللذان يجب ان يوقفا عند حدهما في السياسة التي يتبعانها حتى اليوم رحمة بمستقبل الشعب العراقي والكوردستاني . 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2272 الأحد 11 / 11 / 2012)


في المثقف اليوم