أقلام حرة
الحكومة والحمار / سالم مشكور
فانتقده الناس ووصفوه بالقاسي على الحمار فنزل هو وترك ابنه الصغير فانتقدوه لانه شيخ كبير يسير بينما ابنه يمتطي الحمار، فركب الشيخ وجعل ابنه يسير فانتقدوه أيضا وقالوا: يا له من قاسٍ على ابنه، فما كان منه الا ان حمل هو وابنه الحمار وسارا به وسط ضحكات الناس وانتقاداتهم ايضا .
استحضرت هذه القصة وانا أتابع ردود الفعل المعترضة على قرار استبدال البطاقة التموينية ببدل نقدي . اصوات تتعالى منددة وسياسيون يتبارون لاعلان براءتهم من القرار رغم ان كتلهم صوتت عليه عبر وزرائها . ومحطات التلفزة تعرض مواطنين يتباكون ويصرخون لانقاذهم من "الجوع"" القادم . اخرون يناشدون رئيس الوزراء العودة عن القرار رغم انه شخصيا كان معارضا له خلال التصويت عليه في مجلس الوزراء كما يؤكد اعضاء في المجلس .
قبل هذا القرار ومنذ سنوات، كان هناك صراخ ايضا، وكانت هناك مناشدات واعتراضات وتذمر لكنها بالاتجاه المعاكس تماما . كلها كانت تنصب على عدم جدوى البطاقة التموينية: السياسيون كانوا يطالبون بالغائها، والاقتصاديون قدموا دراسات عديدة لاستبدالها بمبلغ نقدي والمواطنون كانوا يصرخون عبر الشاشات ان مواد البطاقة لا تصلهم وان وصلت فهي منتهية الصلاحية ومتأخرة دائما . الان حصلت القناعة بعدم جدواها وبتحوّلها الى مجال هدر لمليارات الدولارات عبر عملية فساد واسع تكتنفه مراحل الاستيراد والتوزيع، وصدر القرار بالمعالجة، لكن نفس تلك الاصوات عادت لتندد وتصرخ وتستغيث .
ما علاقة الفساد بهذه الصرخات؟
الناس المعترضون ينطلقون من مخاوف يزرعها سياسيون وتروجها وسائل الاعلام التي بات اغلبها يتصرف وكأنه سياسي مرشح للانتخابات وليس وسيلة إخبار وبث وعي وتوضيح حقائق ،وكثير من السياسيين يعترض لمجرد الاعتراض على قرار حكومي كما تعوّد، آخرون يريدون كسب اصوات الناس باي ثمن حتى لو كان مصلحة هؤلاء الناس . لكن البعض يبدو مصدوما من القرار ويعارضه بشكل هستيري، الامر الذي يطرح تساؤلات عن علاقة ذلك بما يقال عن علاقة سياسيين كُثر بصفقات توريد مفردات البطاقة، والمثل يقول :"قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق".
لست في وارد تقييم قرار الحكومة لكنني اتساءل : كيف ستتعامل الحكومة مع الاعتراضات؟ هل ستحمل الحمار وتسير به؟ أم تظل راكبة – كما يقتضي الحال- مهما اعترض الاخرون؟
تابع موضوعك على الفيس بوك وفي تويتر المثقف
............................
الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2272 الأحد 11 / 11 / 2012)