أقلام حرة

الخدمة الاجتماعية في الانتخابات البلدية بفنلندا / يوسف ابو الفوز

التي ستجرى في نيسان من العام المقبل، كيف يمكن لنا الاستفادة من تجارب الاخرين؟ بالطبع بعد الاطلاع عليها، حسنا، مؤخرا في نهاية تشرين الاول / أكتوبر الماضي اعلنت نتائج الانتخابات البلدية في فنلندا، التي تجري كل اربع سنوات، وبالتصويت السري، حيث تنافس فيها 16 حزبا وقائمة على شغل 9674 مقعدا في عموم المجالس البلدية، البالغ عددها 320 بلدية في 16 مقاطعة، واشترك في الانتخابات 37125 مرشحا (منهم رجال22703، ونساء14422)، ومتوسط العمر فيهم كان 48 سنة . وبعيدا عن نتائج الانتخابات وارقام ونسب الفائزين والخاسرين دعونا نتعرف قليلا الى اهم آليات الانتخابات البلدية في فنلندا فهو ما يهمنا !

 في البدء من المهم ان نعرف أن الناخب الفنلندي، حين يتوجه لاختيار ممثله في المجلس البلدي، يكون ذلك ارتباطا بالبرنامج الانتخابي ووعي الناخب وثقته بصدقية المرشح لتنفيذ برنامجه، والامر هنا لا يتعلق بالبرامج السياسة بل بالافكار والخطط التي سيعمل لاجلها المرشح من اجل تطوير الخدمات في منطقة سكن الناخب والنشاطات الاقتصادية والمشاريع، وكل ما يتعلق بحياته اليومية في الجوانب الثقافية والاجتماعية . علما ان الفائز في الانتخابات بمقعد في المجلس البلدي لا يستلم اجرا عن عمله لمدة اربع سنوات، فهو عمل طوعي يدخل في مجال الخدمة الاجتماعية، ويستلم عنه مكافأت رمزية فقط عند كل اجتماع وتكون خاضعة للنظام الضريبي بحيث المتبقي منها بعد استقطاع الضريبة لا يكفي احيانا لاجور النقل الى مكان الاجتماع ! في فنلندا البالغ عدد سكانها حوالي 5,4 مليون نسمة كل مواطن بلغ الثامنة عشر من العمر بغض النظر عن جنسه وقوميته ولونه له الحق في التصويت والترشيح للأنتخابات البلدية، كما يملك حق التصويت المواطنون المقيمون بصورة دائمة في البلاد وايضا حملة جنسيات الاتحاد الاوربي من المقيمين بشروط تخص عقود العمل، ويعتبر التصويت قرار شخصيا وطوعيا ويعاقب القانون كل تأثير او ارغام على خيار الناخب خارج الاطار القانوني للحملات الانتخابية . وقبل بدا الانتخابات، وقبل اكثر من شهر، ترسل البطاقات الانتخابية بالبريد الى البيوت حسب سجلات الاقامة في سجل النفوس المدني، حيث تقسم البلدية الى دوائر انتخابية، وتحدد مكانات للتصويت العام ويتم الاستفادة في هذا الحال من المدارس خلال عطلة الاسبوع، ومواقع الإدارات البلد?ة ومكاتب البر?د . كما يمكن التصويت المسبق لمن هم خارج البلد وذلك في السفارات ومن هم في السجون والمستشفيات وطواقم السفن المبحرة ودور الرعاية الاجتماعية، وكذلك يمكن للبعض ضمن ممن هم محدودو الحركة والفعل الادلاء بأصواتهم وهم في بيوتهم وذلك ضمن ترتيب وقرار من لجنة الإنتخابات . وحسب القوانين يمكن لعشرة اشخاص تأسيس قائمة انتخابية، وفي البلديات الصغيرة ينخفض العدد الى خمسة، ويمكن لاكثر من حزب او قائمة تسجيل ائتلاف انتخابي، وكل هذا يتم وفق برنامج انتخابي معلن، يحترم قوانين البلاد ولا يحمل دعوات عنصرية او كراهية ضد الاخرين ويعني بتوفير الخدمات وتطوير حياة الناس، وتنظم القائمة الانتخابية وفق ارقام تصاعدية للمرشحين مع صورهم ومعلومات عن مهنهم واعمارهم، مع رمز القائمة وشعارها . وعملية التصويت السري تتم، بعد اثبات الهوية وابراز البطاقة الانتخابية، باختيار مرشح واحد يكتب رقمه بسرية ضمن ورقة التصويت شرط ان لا يكون احد قريبا من الناخب اثناء كتابة الرقم عند كشك التصويت . أهمية الانتخابات البلدية تكمن في أن نتائج الانتخابات البلدية لها تأثيرها المباشر على نشاط الحكومة التي تدير شؤون البلاد، فالسلطات المحلية وحسب القوانين الفنلندية لها صلاحيات واسعة لتوفير الخدمات الاساسية للمواطنين، والبلد?ات تتمتع بالإدارة الذات?ة بموجب الدستور، وهي شريكة للحكومة في صنع القرار فيما يخص مواطنيها، والمجلس البلدي ?و ال??ئة المقررة العل?ا في البلد?ة، فمثلا له الحق في فرض الضرائب المحلية، وعقد اتفاقات جانبية مع بلديات مجاورة فيما يتعلق بالقروض وانجاز المشاريع، وقد كانت نفقات عموم البلديات الفنلندية لعام 2011 لتوفير الخدمات فقط 40 مليارا يورو . وحالما يتم فرز الاصوات يتم نشر النتائج من خلال موقع لجنة الانتخابات المركزية ووزارة العدل . ومن المفيد الاشارة الى ان فنلندا تتبع في نظام الانتخابات البلدية طريقة عالم الرياضيات البلجيكي "فيكتور دي هوند" (1841 ـ 1901)، اذ ان دور الاصوات مهما كان عددها متواضعا يكون لها تأثير داخل ترتيب القائمة الانتخابية، والامر الحاسم يكون في مجموع الاصوات لكل القائمة . المعروف ان العديد من الدول التي تستخدم هذه الطريقة، ومنها بريطانيا ودول الاتحاد الاوربي، ودول في امريكا اللاتينية .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2273 الأثنين 12 / 11 / 2012)


 

في المثقف اليوم