أقلام حرة

وقف التموين .. باطل / ابراهيم الخياط

لانها اليوم تشيع تكويم المديونية وغدا تلغي البطاقة التموينية ثم تخصخص الماء والهواء والنار والتراب حسب الوصفة الدولية.(

هذا ما نشرته جريدتنا "التيار الديمقراطي" في عددها 23 ليوم الاحد 14/10/2012 وضمن زاوية (مسك الكلام)، أي قبل ثلاثة أسابيع من القرار المجحف بالغاء البطاقة التموينية، القرار الذي صعق الاوساط الشعبية، وأغضب الفعاليات السياسية والاجتماعية المؤثرة، وانتفضت عليه المراجع الدينية، لانه يتعكز على حجج واهية لا تستر عورة الحكومة التي تدعي أن المواطن سيكون أول المستفيدين! من خلال تعويض تافه (500 دينار يوميا) بما لا يكفي تلميذ الابتدائية كي يشتري (لفة) من حانوت المدرسة، وللامعان في اهانة الناس طمأنتهم الحكومة بأن قرار إلغاء البطاقة التموينية يحقق مصلحة المواطن بالدرجة الأساس!!

وهذا كلام يثير الاستغراب والتعجب ويستحق الرفض، فحتى لجنة الاقتصاد والاستثمار بمجلس النواب أعربت عن استغرابها لالغاء البطاقة التموينية في مثل هذه الظروف المتمثلة بعدم وجود قوانين تحد من استغلال التجار للسوق المحلية مع اضطراب اغلب دول المنطقة سياسيا واقتصاديا بما يجعل المواطن ضحية للجشع، وليس لمصلحة المواطن كما تدعي الحكومة المتخبطة.

أما أهل الخبرة فقد وصفوا القرار بـ "غير المدروس"، وانه يعبر عن فشل سياسات التنمية، وتوقعوا أن يؤدي إلى "تضخم، وزيادة في الكتلة النقدية".

وطبعا ستضحك الحكومة علينا بعد حين وستخرج من كيسها مئات الاعذار لتلغي التعويض التافه أيضا وللسبب اياه أي مصلحة المواطن بالدرجة الاساس، وليس قولنا هذا يأتي رجما بالغيب بل ما كشف عنه ثامر الغضبان كبير مستشاري رئيس الوزراء بنص قوله أن "الحكومة تهدف من وراء القرار إلى التدرج، لكي تنسحب لاحقا من هذا الملف".

لقد صار هذا الملف كرة نجسة ـ حسب التصريح ـ ولذا تحاول الحكومة ناصعة البياض أن لا تلوّث ثوبها بهذه اللطخة المشبوهة، وكأن آلاف الناس ما خرجوا ولا هتفوا ولا طالبوا بالبقاء على البطاقة التموينية وزيادة مفرداتها وتحسينها أيام الاحتجاجات المباركة في 25 شباط 2011 وما تلاه، وقد تكون الحكومة قد فعلت فعلتها هذه لتعاقب الناس لانها طالبت، في محاولة لتدجين الصوت ورفع الدعم وترضية البنك والصندوق الدوليين.

ان الضرر كبير على الناس من هذا القرار الناقم، فالبطاقة على شحتها ورداءتها واستيرادها من أسوء المناشئ كانت هي المعين لملايين المواطنين، فليس العراق كله منطقة خضراء ياحكومتنا الحكيمة التي لا تعرف كيف تعيش الناس، مثلا، في العشوائيات والحواسم، وفي مناطق الحسينية والمعامل والذهب الابيض ببغداد، ومناطق التأميم والجبهة بالرمادي، والكزيزة وشط الترك واطراف القبلة بالبصرة، ومناطق العرضات ونهاوند وحي المحمودية بالعمارة، وحي الكاطون وجرف الملح ببعقوبة، وحي الجهاد (زويريجات) وحي شهداء الداموك بالكوت، وحي العسكري وحي الولاء بكربلاء، وحي الممدودة وحي العروبة بكركوك، وحي الشهداء ودور السكك (270 دار) بالسماوة، وحي المهجرين وحي الطين بتكريت، وحي الوحدة وحي رمضان بالديوانية، وحي الجامعين وحي البلاش بالحلة، وحي صدام (سابقا) الزهراء (حاليا) وحي رجم حديد بالموصل، وحي الرحمة وتجاوزات شارع المعمل بالنجف، وحي المعدان وحي التنك وحي الجنود وجرف التعبان وجرف الزبالة في كل مدينة، فهل تعرف حكومتنا الجواب، ويقيني أنها لا تعرف حتى أسماء هذه المناطق أو أين تقع، فكيف تفكر بهم؟ ثم هل تعلم حكومتنا الرشيدة أن أعداد الارامل في العراق هي بالملايين وان أعداد اليتامى بالملايين وأعداد العاطلين بالملايين وأعداد العوائل الفقيرة (وليس الافراد الفقراء) بالملايين أيضا.

المطلوب عدم السكوت على الغاء البطاقة التموينية، حتى تعرف الحكومة أن حقوق الناس خط أحمر لا يمكن عبوره، وكي تتراجع عن قرارها الخاطئ والظالم والذي فندته استبيانات وزارة تخطيطها بنتيجتها أن الناس تريد وباصرار الابقاء على سلتها التموينية، فالناس تشوّر لدرجة أن الحكومة انثولت فما عادت تفرق بين القرارات التي تنفعها والتي تضرها وهي أمام مستحقات انتخابية.

 

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2273 الأثنين 12 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم