أقلام حرة

الاسلحة الروسية للعراق فساد أم فيتو امريكي؟ / كامل المالكي

من تلك الصفقة ام ان شبهات الفساد التي احيطت بها واتهام مسؤولين مقربين من مكتب رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة كانت هي السبب؟ الاجابة عن هذه التساؤلات يرتبط بطبيعة الصفقة والمواقف والتداعيات التي رافقتها .

ففي الفترة التي سبقت سفر الوفد العراقي برئاسة المالكي الى روسيا ابدت الولايات المتحدة استغرابها من عقد الصفقة رغم انها حاولت التخفيف من اثر الصفقة على العلاقة بينها وبين حليفها العراق في ضوء الاتفاقية المعقودة بين الطرفين والتي تحدد طبيعة تلك العلاقة بما في ذلك موضوعة التسلح وبناء الجيش العراقي على اسس جديدة، لكنها في المحصلة بدت غير راضية عن تلك الصفقة ان لم تكن منزعجة منها. لذلك حاول الجانب العراقي هو الآخر جبر خواطر الصديق الامريكي مبررا بان الصفقة لم تكن تشمل اسلحة هجومية انما اسلحة دفاعية وخاصة في نطاق مكافحة الارهاب ولكون الجانب الامريكي يستغرق وقتا طويلا في تنفيذ صفقات التسلح للدول فان العراق بات مضطرا للجوء الى دول ثانية ليست روسيا وحدها بل جيكيا التي زارها المالكي في اعقاب زيارته لروسيا .

لكن الولايات المتحدة التي التزمت الصمت لاحقا لااعتقد انها اقتنعت بهذه المبررات وتوقفت عن الضغط على الحكومة العراقية ويفسر ذلك ايضا ما قامت به بعض الكتل السياسية المشاركة في الحكومة والعملية السياسية بالضد من الصفقة، تارة بما تصفه بالمخاطر التي ستلحق ببعض القوميات والاقليات بسبب مطالبتها ببعض حقوقها حيث يؤدي ذلك بالحكومة الى قمعها على الطريقة الصدامية، وتارة اخرى بعدم اخذ راي كتل سياسية اخرى بمثل هذه الصفقات الكبيرة او الاطلاع على محتوياتها كما عبرت عن ذلك كتلة العراقية في اكثر من مناسبة، وقد دفع الامر بعض هذه الكتل الى زيارة الولايات المتحدة لمنع حدوث مثل هذه الصفقة مثلما فعل السيد مسعود البارزاني الذي زار امريكا لهذا الغرض، وهذا بدوره يؤكد الاعتقاد بان تفجر ازمة شبهات الفساد بشكل مفاجىء لم تكن سوى وسيلة لايقاف هذه الصفقة في محاولة لتجنب مايسفر عن ابرامها من تداعيات واشكاليلت داخلية واقليمية ودولية وان الولايات المتحدة من خلال بعض قنوات الضغط واجهزتها الاخرى المعروفة استطاعت ارباك هذه الصفقة من خلال تسريب معلومات حول شبهات فساد بهدف الغاء الصفقة وبنفس الوقت حفظ ماء وجه الحكومة العراقية التي يصعب عليها ربما الرضوخ لقرار امريكي مباشر لايقاف الصفقة .

ان مواقف الجهات المرتبطة بالحكومة ازاء الصفقة وشبهة الفساد فيها لم يكن مقنعا ويدعو الى الحيرة فالحكومة العراقية لم تصدر بيانا رسميا بشان الغاء الصفقة بسبب شبهة الفساد فيها واكتفت بتصريح للمسؤول الاعلامي في مكتب رئيس الوزراء السيد الموسوي والذي اعلن لوسائل الاعلام بان رئيس الحكومة الغى الصفقة مع روسيا وفي نفس الوقت نجد ان اطرافا اخرى في الحكومة تعلن عن عدم التوقيع على اي صفقة للسلاح وان اي شبهة للفساد غير موجودة اصلا فيهاوهذا ما صرح به مؤخرا وزير الدفاع وكالة سعدون الدليمي الذي تساءل في مؤتمر صحفي عقده مؤخرا كيف يمكن ان يحدث فساد في صفقة لم تعقد او يوقع عليها اصلا؟ وبدا واثقا من نفسه من نفي هذه الشبهة عن الصفقة جملة وتفصيلا، فيما دعا الناطق الرسمي باسم الحكومة السيد على الدباغ رئيس الوزراء وهو أحد الاسماء التي تداولتها بعض وسائل الاعلام على اساس ارتباطه بشبهات الصفقة الى اجراء تحقيق عاجل حول الموضوع مايدفع الى صحة ما ذهبنا اليه في وجود اسباب اخرى غيرما يتم تناقله عبر وسائل الاعلام وهي لايمكن ان تخرج عن ساحة تأثير قوي لدولة عظمى كالولايات المتحدة  .

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2274 الثلاثاء 13 / 11 / 2012)


في المثقف اليوم