أقلام حرة

قول على قول: اذ دعتك قدرتك على ظلم الناس / حميد الحريزي

 

القدرة على الظلم يمتلكها الانسان حين يكون في موقع القوة والسلطة على من هو اضعف منه، هذه القوة اما تكون قوة جسدية، او قوة العزوة والتبع والمال، او قوة المنصب السلطوي .............

فأما قوة الجسد فهي قوة طبيعية سواء اكانت طبيعية بالولادة او مكتسبة بالتمرين والرياضة، تقترب هذه القدرة ان استغلت استغلالا تسلطيا على الضعفاء في البنية من ابناء الجنس الواحد فإنما تدل على نكوص الفرد نحو الوحشية وطبيعة الافتراس ند الحيوانات كما يحصل في الغابة .... ولاشك ان هذه القوة غير دائمة فالإنسان بطبيعته ضعيفا يمكن ان تهد كيانه اضعف الكائنات الحية ومنها الطفيليات وحيدة الخلية والبكتريا والفايروسات التي لا ترى إلا بالمجهر الالكتروني .... فما اجدر بمالك القوة الجسدية ان يكون حكيما متبصرا .... متآخيا مع اخيه الانسان الاضعف جسديا، ومنها الاطفال والمرض والشيوخ والنساء ... وإلا ينحدر الى مستو ى الحيوان الوحش....

اما القوي الثاني بقوة الانصار والإتباع لقبيلته ولحزبه وطائفته وعصابته .... فعليه ان يدرك بان قوته هي حاصل جمع قوى الضعفاء والأقل نه شأنا في المرتبة القبلية او الحزبية او من شلة العصابة ... يتوجب عليه ان يحترم هذه القوى التي صنعت منه جبارا قويا، حيث يمكن ان تتخلى عنه وتنقلب ضده ليكون من عامة الناس ان لم تصفيه جسديا وفي التاريخ البعيد والقريب الكثير من الشواهد على هذه الوقائع والحوادث حتى داخل العائلة الواحدة .....

اما قوة السلطة وهي الاخطر بين اشكال وأنواع قدرة الظلم والقهر لأنها تستند على قوة الردع للدولة وهيبتها ونفوذها ... متمثلة بالحكومة التي يفترض ان تكون مستوظفة لدى المواطن الانسان الفرد في البلد المعين ومن ثم الشعب وليس العكس كما هو في بلداننا ..... تاني خطورة هذه السلطة وامتلاك هذه القدرة حين تكون غاشمة ومستبدة تتحكم في مصائر الناس وحياتهم ... باسم القانون مستغلة المنصب الوظيفي المسند اليها من قبل راس الحكومة ... هذا الامر ينطبق على كل مكونات الهيكل الهرمي في مؤسسات الدولة كرئيس الدولة ورئيس الوزراء انتهاء باسط رجل امن في الشارع او موظف حكومي ...

ان ثقافة الهيمنة وسد نقص فرض الارادة بين الاعلى والأدنى في مجتمعنا تفرز الكثير من السلوكيات والممارسات السادية المستندة على قوة المنصب وضعف الذات ... وللأسف نجد هذا السلوك متمثلا حتى لدى ذوي الشهادات العليا من المدراء والمدراء العامين وعمداء الكليات والمعاهد رغم ان بعضهم يحمل درجة عالم وبرفسور في اختصاصه .....

فالمدير القدير يدير مؤسسته ودائرته بالإقناع والقدوة والمثل الحسن وبذلك يكون بمثابة الاب الصالح الحكيم في تعامله مع افراد اسرته ..... هكذا يكون امام مرؤوسيه من موظفين او عمال او طلبة وحتى وزراء .. يعمل جاهدا الى تنمية روح التفاني وحب وإتقان العمل لديهم مقتدين بسيرته وسعة صدره وحكمته في انجاز واجباتهم وتعاملهم مع مواطنيهم ضمن عملهم الروتيني اليومي .....

المدير الناج او المسئول الناجح من لا يضع مبدأ العقوبة في اولويات اجراءاته وقراراته في تقييم وتقويم فعل وسلوك معيته بل ان يكون ناجحا وقادرا على ترسيخ النزاهة والتفاني والإبداع في العمل لديهم لتكون العقوبة اسوء الحلول في الادارة الناجحة ..

ان يضع نفسه محل الموظف او العامل او الطالب او المواطن الذي يريد محاسبته وبالتالي يحكم هل ان اجراءه منصفا وعادلا ومقوما ؟؟؟ اهو نابع من دافع شخصي لإظهار السلطة والجبروت ضد الادنى والأضعف ؟؟؟

ان يسال نفسه هل ما فعله نابا فعلا من حرصه على الصالح العام وتطور العمل وليس لانه لا يظهر مزيدا من التبجيل والقردنة والولاء لسيادته ؟؟؟

هل ان ما اقدم عليه وسبب فيه الاذى للادنى هو الحل الوحيد لمعالجة حالة الخلل او النقص او الخرق الذي يرى ان الانسان الاضعف اقدم عليه ؟؟؟

من كل ذلك نخلص الى المعنى الكبير لحكمة سيد البلغاء ونصير المظلومين والفقراء الامام علي عليه السلام وهو يذكر هؤلاء الطواغيت ان مهما بلغ جبروتكم وسلطتكم فسلطة الله اكبر منكم وسيحاسبكم ان في الدنيا او الاخرة ..... والأمر الاشد مرارة ان يصدر مثل هذا الظلم من ادعياء شيعة الامام علي وممن ادعوا بالحرية والديمقراطية والعدالة ... وممن من الله عليهم بالمناصب والمكاسب فأداروا لنعمته ظهر المجن فاستكبروا واستأثروا .. ونسوا قول الامام علي عليه السلام (احبب لأخيك ما تحب لنفسك واكره له ما تكره لها)

فهل يحب هذا المنكر ان يظلم وان يهان وان تسلب حقوقه ؟؟؟

هذا ماالله واتقواؤمن بالله واليوم الاخر اما من لايؤمن فلابد له ان يتعض من دروس التاريخ ويعلم بان فوق كل جبار قدير وفوق كل جبار من هو اقوى منه وان السلطة لو دامت لغيرك لما وصلت اليك، عليه ان يستمع لكل اصحاب الرسالات وأصحاب الحكمة وعظماء التاريخ ..... عليهم ان يعرفوا ان الظلم والقهر دمر اعظم الامبراطوريات واشد الديكتاتوريات بطشا في التاريخ .... فاسمعوا وعوا يا اصحاب المناصب .... ويا حديثي النعمة ممن حصلتم على فرصة الحكم والجاه وما كنتم بها تحلمون .... اتقوا الله واتقوا قيم الحق والعدل في تعاملكم مع الناس ...

 

تابع موضوعك على الفيس بوك  وفي   تويتر المثقف

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2275 الخميس 15 / 11 / 2012)


في المثقف اليوم