أقلام حرة

مرسي المعصوم: تكريس للطغيان لا تحصين "للثورة".. حكم فخالف فكذب فخان فبغى فطغى / إيناس نجلاوي

الحاكم بأمر بديع والشاطر! بتاريخ 22/11/2012 انتهت عصابة البنا من السطو على كل السلطات و آخرها القضائية، وتمكنت في ظرف 4 أشهر من التأسيس لأكبر وأبشع ديكتاتورية في التاريخ المصري؛ ديكتاتورية إخوانية تحكم من مكتب الخفافيش في المقطم برئاسة مصاص الدماء محمد بديع ونائبه خيرت الشاطر (أبو جهل المصري)، وتحظى بتأييد أمريكا والكيان الصهيوني وتتمتع بتمويل قطري.

مساء الثلاثاء ومن جامع عمرو بن العاص استهزئ مرشد جماعة الإخوان محمد بديع بانجاز بناء السد العالي، كاشفا عن حقد بغيض على حقبة جمال عبد الناصر ("والكاتمين الغيظ") وكره إخواني شديد للجيش المصري. وشبه بديع –في خطبته- مرسي بـ"ذي القرنين"!! وشتان بين الزعيم عبد الناصر وبين العياط مرسي...

يحفظ التاريخ لعبد الناصر انه خرج للجماهير في 26جويلية1956 يعلن عن تأميم قناة السويس شركة مساهمة مصرية. وسيكتب التاريخ كذلك انه في يوم 22/11/2012 أعلن مرسي عبر "تويتر" عن تأميم الدولة المصرية شركة مساهمة إخوانية إرشادية؛ مؤسسا لربيع الديكتاتورية الإخوانية الصهيوأمريكوقطرية، وكله بما لا يخالف شرع الله!!

شهد الأسبوع المنصرم حركة غير اعتيادية على مواقع الإخوان الالكترونية، وكانت صفحة رابطة الإخوان بالعالم على الفايسبوك تهيئ المتابعين لتلقي مثل هذه الصدمة من خلال تنزيلها بين الفينة والأخرى صورة مرسي وعليها عبارة "اغضب"، "غضب الحليم"، "الحليم سيغضب"، وتدعو إلى ترقب قرارات هامة في غضون الأيام المقبلة. صاحب ذلك تصريح الإمام الذي أدى خطبة صلاة جنازة شقيقة الرئيس بأن "مرسي سيدنا بأمر من الله، لان الله أتاه الملك، واصطفاه و ولاه علينا، لذلك يستحق هذا اللقب"!!!

كان الجميع يترقب شن هجمة جديدة على القضاء للتغطية على الحرب الدائرة في محمد محمود وكذلك مأساة قطار أسيوط التي ضاعت ضمن تسارع الأحداث في القاهرة بشكل جنوني. وقد أصبحنا على يقين بأن ولائم مرسي مسمومة، وكل مأدبة طعام تنظمها الرئاسة يليها الإطاحة بالضيف وعزله. وقد تزامنت الوليمة التي أقيمت على شرف النائب العام مع انتهاء مهلة الـ100يوم للفت الأنظار عن "كشف الحساب"، ثم تراجع مرسي عن قرار إقالته، أو بالأصح إرجاء ورقة الإقالة لاستخراجها حين تضيق مساحة اللعب.

لكن مكر الإخوان –والذين يخططون لهم- تجاوز كل حدود خيالاتنا وتعدى أزمة النائب العام. يوم الخميس صدر الأمر لأتباع الإخوان بالتوجه نحو دار القضاء العالي للمطالبة بتنحية النائب العام، وحمل لافتات تؤيد قرارات الرئيس مرسي التي لم تصدر بعد! ما يعني أن القرار صدر من مكتب الإرشاد وأن مؤسسة الرئاسة المصرية تحولت إلى مكتب تنفيذي يمرر القرارات الآتية من المقطم (مركز الحكم الفعلي).

في مساء ذات اليوم، صدرت القرارات عبر المتحدث باسم رئاسة الجمهورية الذي أعلن عن إصدار الرئيس لإعلان دستوري جديد ينص على مايلي:

المادة الأولى؛ وتتضمن إعادة التحقيقات والمحاكمات المتعلقة برموز النظام السابق و "كل من تولى منصبا سياسيا أو تنفيذيا أثناء الثورة".

من البديهي أن محاكمة شخص سبق الحكم عليه، لا تعاد إلا إذا ثبت توفر أدلة جديدة، وهذا لا يحتاج إلى قرار فما بالك بإعلان دستوري لأنه روح القانون. أما عبارة "كل من تولى منصبا" فهي في علم السياسة تسمى تصفية حسابات مع الخصوم السياسيين، والهدف ليس إعادة محاكمة مبارك فالعبارة بتلك الصياغة تطال احمد شفيق وطنطاوي وعنان والجنزوري...

وقد أضيف للمادة بند صرف معاشات لمصابي ومعطوبي الثورة لإضفاء صبغة الحرص على الثورة عليها. لكن مرسي انشغل بتعويض ضحايا فترة مبارك، وأهمل المصابين والقتلى في فترته وخاصة في محمد محمود!

المادة الثانية؛ وتحصن القوانين والقرارات الرئاسية منذ تولي مرسي السلطة في 30جوان وبموجبه تصبح كل القرارات السابقة واللاحقة نهائية ونافذة وغير قابلة للطعن أو وقف التنفيذ أو الإلغاء وتسقط جميع الدعاوي المتعلقة بها والمرفوعة أمام جهات القضاء.

كان الصديق أبو بكر –رضي الله عنه- يقول "إذا أخطئت فقوموني". أما مرسي فينزه نفسه عن الخطأ ويعلن بان قراراته غير قابلة للطعن أمام أي جهة ولأي سبب، أو كما ورد في صفحات الانترنت الساخرة (مرسي "إن أصبت فأعينوني، وان أخطئت فانا حر"). أي انه جعل نفسه معصوما تماما كبابا الفاتيكان (في عرف المسيحيين)، وقراراته وحي سماوي غير قابل للمراجعة فما بالك التقويم. أهكذا يكون تطبيق شرع الله؟ والله لو أن أبا بكر حي، لجز رقبة مرسي وأشعل النار في مكتب المقطم بعد أن جمع داخله بديع والشاطر والبلتاجي والعريان والغيطاني والبرنس وبركات والجزار.

المادة الثالثة؛ وتتعلق بإقالة النائب العام الحالي وتعيين المستشار طلعت إبراهيم محله لمدة أربع سنوات، ودون التشاور مع المجلس الأعلى للقضاء والحصول على موافقته.

منذ تنحي مبارك، توالت الدعوات بإسقاط النائب العام واعتباره احد اكبر رموز الفساد واتهامه بعرقلة التحقيقات وإخفاء الأدلة التي تثبت تورط النظام السابق في معركة الجمل، تلك المذبحة التي كتبت نهاية النظام. لكن المهللين للقرار غفلوا على أن مرسي عزل نائب عام تابع لمبارك وعين نائب عام جديد تابع للإخوان، وحتى دون المرور على المحكمة الدستورية. فالنائب العام الجديد هو احد رموز تيار الاستقلال –ذو التوجه الإخواني- بنادي القضاة، والذي أعلن عن فوز مرسي برئاسة الجمهورية قبل أن تصدر النتائج بأيام ويتم الإعلان عن فوزه. أي أن مرسي مازال يسدد الفواتير للذين ساهموا في نجاحه ويرد الجميل على حساب هيبة الدولة المصرية. وقد تم الكشف أن النائب الجديد تربطه علاقات نسب ومصاهرة مع الرئيس ومع وزير العدل الإخواني مكي الذي افترى على الدين بالقول أن قانون الطوارئ مذكور في القران الكريم! ويرد عليه النائب العام "الأسبق" أثناء الجمعية العمومية الطارئة لنادي القضاة "على كده يبقى حبيب العادلي ولي من أولياء الله الصالحين"!!

ثم إن المتهم الأول في موقعة الجمل صبري نخنوخ اعترف بأن من خطط للمذبحة هم محمد البلتاجي وصفوت حجازي وحسن البرنس وأنهم كلفوه بتأجير البلطجية وإطلاقهم على متظاهري التحرير ليضعف موقف مبارك مع تزايد أعداد القتلى. وبتعيين نائب عام إخواني سيتم بالتأكيد إخفاء كل الأدلة التي تدين الإخوان، وربما تصفية نخنوخ جسديا. وهكذا يتبين أن هذه المادة التي في ظاهرها انتصار لمطالب الثورة، ليست سوى التفاف على الثورة وضحاياها وحماية للقتلة الحقيقيين.

المادة الرابعة؛ وتنص على تمديد عمل الجمعية التأسيسية لإعداد مشروع الدستور لمدة شهرين.

عجبا لقطار النهضة، فهو لا يتوقف حتى بعد انسحاب كل قوى المجتمع المدني من عضوية الجمعية. ورغم ذلك، مازال مرسي يصر على أن دستور أم أيمن والغيطاني يؤسس لشرعية جديدة و "يرسي ركائز الحكم الرشيد الذي ينهض على مبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية ويلبي طموحات الشعب و يحقق آماله"!!!

المادة الخامسة؛ لا يجوز لأية جهة قضائية حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور.

وهي تكرار واستنساخ للمادة الثانية من الإعلان، واستماتة لتمرير دستور على مقاس الإخوان يثبت أواصر حكمهم. وتأتي هذه المادة قبل 9ايام من الفصل في دعاوي إبطال حل مجلس الشورى وإلغاء الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور، المنظورة أمام القضاء. وهو بذلك شل المؤسسة القضائية واسقط أحكام المحكمة الدستورية حتى قبل صدورها؛ تلك المحكمة التي حلف فيها اليمين والآن يحنثه في سابقة خطيرة وازدراء علني لقضاء مصر. وهنا نتسآل، ماذا يفيد "الثورة" تحصين الجمعية التأسيسية التي انسحبت منها كل القوى السياسية والمجتمعية ولم يبق سوى متطرفو السلفية ونواب الإخوان لتطريز دستور أم أيمن؟ وهل حماية الثورة تقضي بعدم المساس بمجلس الشورى الذي يعتمد في تعيينه رؤساء الصحف الوطنية شرط التسبيح بحمد الإخوان، ويضيق على حرية التعبير ويجهز على منابر الإعلام، ويبارك غلق الصحف والقنوات الفضائية وحبس الصحفيين بتهمة المساس بالذات المرسية المعصومة؟ كيف يكون الإبقاء على مجلس الشورى مكمم الأفواه وكاسر الأقلام ضمن ما أطلق الإخوان عليه اسم "قانون حماية الثورة"؟!

المادة السادسة؛ و تخول الرئيس إذا قام خطر يهدد ثورة 25يناير أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها، أن يتخذ الإجراءات والتدابير الواجبة لمواجهة هذا الخطر على النحو الذي ينظمه القانون.

بعبارة أخرى، مرسي الذي ندد في برلمان 2005 بأعلى صوته ضد قانون طوارئ مبارك يريد الآن تطبيق الأحكام العرفية، خاصة وان وزير "عدله" قد اكتشف أن الطوارئ مذكور في القران وحلال شرعا!

ويعلق الدكتور ضياء رشوان، مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، لجريدة الفجر المصرية أن المادة السادسة من قرارات الرئيس التي يربأ بوصفها بالدستورية، لأنها لا تتفق مع أي قواعد دستورية. هذه المادة –يشير رشوان- إلى أنها جزء مشوه من المادة 74 من دستور1971 التي تبيح للرئيس العمل بقانون الطوارئ في حالة تعرض البلاد لخطر داهم وذلك بعد استشارة رئيس الوزراء ورئيسي مجلسي الشعب والشورى على شرط أن يتم استفتاء الشعب خلال 60يوما. أما مرسي –يتابع رشوان- فارتضى اتخاذ القرار منفردا –بالمشاركة مع المكتب التنفيذي للإخوان-: "رأى انه بديل عن الشعب ونوابه وكل شيء".

بعد الإعلان عما سمي إعلانا دستوريا، طلب مكتب الإرشاد من قطيعه المحتشد أمام دار القضاء الانتقال يوم الجمعة نحو قصر الاتحادية لتأمين رئيس الإخوان من "شر أهل مصر الفلول"!! وفي نفس الوقت، انتشر كوادر مبنى المقطم على قنوات الجزيرة خاصة يبررون تصرفات الرئيس المفاجئة و يصنفونها بأنها تصب في خانة مصلحة الشعب ومحاربة رموز النظام السابق، وأنها "إجراءات مؤقتة" لحماية "مكاسب الثورة" لحين الانتهاء من وضع "دستور الثورة"!!! سيسجل التاريخ للإخوان أنهم من ابتدعوا مصطلح "الديكتاتورية المؤقتة" و "الطغيان المرحلي"! ولا يتحرجون من التعلل بأن الأمة هي مصدر السلطات. فهل الأمة فوضت مرسي ليتحول إلى إله وفرعون يخصي مؤسسات البلاد ويمنح ذاته المنزهة صلاحيات لا حدود لها تخوله حتى تأجير قناة السويس لقطر، أو بيع الأهرامات للكيان الصهيوني حتى يتسنى لهم إقامة محافلهم الماسونية هناك؟!

فحتى عبد المنعم أبو الفتوح –الإخواني دائما- دوّن عبر تويتر أن "تمرير مطلب ثوري وسط حزمة من القرارات الاستبدادية انتكاسة للثورة". وهكذا هم الإخوان، يستدعون "روح الثورة" لقصف خصومهم ويخلطون بين مصلحة الوطن ومصلحة الجماعة. ويتذكرون "القصاص للشهداء" فقط حين يريدون تصفية منافسيهم. وقد عاد حازم أبو إسماعيل إلى الظهور ليعلن دعمه لقرارات مرسي قائلا: "هناك أمهات قلوبها تحترق وتنتظر القصاص". والعالم العربي بأسره مازال ينتظر الأدلة التي تثبت المؤامرة العالمية التي وقعت على أبي إسماعيل لخوف الكون بأسره من تطبيقه لشريعة الله إذا ما تم له حكم مصر! وقد وعد بإظهار الأدلة بعد ذهاب المجلس العسكري. وها قد رحل العسكري إلى غير رجعة، فهات برهانك إن كنت صادقا.

بقرار إداري اسقط مرسي القضاء المصري وحطم السلطة القضائية، واثبت مجددا انه إداري فاشل يحيط نفسه بمستشاري سوء زينوا له الاستهتار بالدستور وتفصيل نص دستوري استثنائي لمحاربة شخص النائب العام، كما أن التشكيك في مصداقية ونزاهة الأحكام القضائية يهدم النيابة وكل أجهزة القضاء المصري. وهو بذلك يهوي بكل هياكل الدولة المدنية. ما يفهم منه أن جماعة الإخوان تفسر التطهير على انه ختان للشرعية وإخصاء للمؤسسات الدستورية...

ومن منطلق أن السواد ليس كله سواد، فإن الفارمان الذي أصدره مرسي ليس بكل هاته الكارثية التي يبدو عليها؛ فبفضله توحدت كل القوى السياسية في مقر حزب الوفد للوقوف ضد ديكتاتورية مرسي وإعلانه العصمة والفرعونية. وعقب صلاة الجمعة، خرجت أطياف الشعب المصري إلى الميادين تندد بديكتاتورية الإخوان. لكن الجزيرة التي تهوى صب البنزين على النار لم تنقل شيئا و أصرت على التركيز على قصر الاتحادية والاكتفاء بنقل التظاهرة الإخوانية المؤيدة لإعلان مرسي. أما القناة المصرية ففضلت كعادتها أن تكون عبدا للحاكم، فأتت بصورة مصغرة لمقر الاتحادية ليبدو للمشاهد أن الأعداد غفيرة، في حين التقطت كاميرتها التحرير من زوايا بعيدة تبين أن الميدان فارغ والحشد ضعيف.

حين بدأت الأمور تخرج عن نطاق السيطرة ومقرات تنظيم الإخوان تحترق، كتب مرسي على تويتر "احلم معكم جميعا بدستور مستقر وبمجلس شعب وبسلطات مستقلة تشريعية وتنفيذية وقضائية وهناك قلة من النظام القديم لا تريد لمصر النهضة"!!! وكيف تستقيم السلطات ومرسي اغتصبها جميعا و خصّها حصريا لنفسه وأبطل أحكام القضاء سلفا؟

بعد إعداد الحرس الجمهوري منصة له أمام قصر الاتحادية، خرج مرسي يخطب في مؤيديه ويقول كلاما غير مترابط ويكيل كل التهم لمعارضيه... عقب إعلان فوزه، اتجه لميدان التحرير وفتح ذراعيه مرددا أن لاحاجة له بالقميص الواقي لأنه وسط أهله وعشيرته. لكنه يوم الجمعة لم يجرؤ على التوجه نحو التحرير ولا مخاطبة المصريين، بل اكتفى بمنصة شديدة الحراسة أمام سور القصر الرئاسي وخطب في مؤيديه الذين جمعهم مكتب الإرشاد في أوتوبيسات. واثبت مجددا انه رئيس الإخوان، وليس رئيس كل الشعب المصري.

في خطابه، كرر كثيرا كلمة الانتقال؛ تحدث عن الانتقال من الديكتاتورية والخوف إلى سيادة القانون والحرية! لم يثبت في مكانه ويحدث مستمعيه، بل كان يتنقل يمينا وشمالا ويطوف بكل زوايا المنصة ليعطي الانطباع أن كلامه عام وموجه لكل قطاعات الشعب، وكان يمسك بشدة بالميكرفون وكأنه يقول انه مازال مسيطرا وقادرا على تنفيذ قراره.

وربما كان يقصد بالانتقال التحول إلى النموذج الإيراني الظلامي؛ فمن على منصة الاتحادية، هدد البلتاجي -الذي لا يملك أي صفة رسمية- بحل المحكمة الدستورية ومنع انعقاد الجمعية الطارئة لنادي القضاة. كما أن مرسي وصف المتظاهرين بالبلطجية الذين لا يريدون نهضة مصر، و نعتهم بـ"السوس" والمنفلتين ومثيري الشغب مقابل المال و وعد بتطبيق القانون عليهم، وقال إن معارضيه "يذهبون إلى حارات ضيقة ليمارسوا أشياء خاطئة"! متناسيا أن الثوار الذين يطعن فيهم اليوم، هم من شجعوا بالأمس أفراد الشعب على انتخابه نكاية في احمد شفيق. الآن تحول الميدان إلى مأوى لما وصفها بالقلة القليلة المعارضة التي تخرب مصر وتعطل الإنتاج وقطار النهضة! وهو نفس الميدان الذي نُصِّب فيه مرسي رئيسا و حمل على الأكتاف، اعتقادا بأنه أفضل من الفِل شفيق... وقد استقبل متظاهروا التحرير خطابه بالأحذية مكررين نفس المشهد الذي تلا خطاب مبارك الأخير. فهل يعتبر مرسي ويستوعب الدرس؟؟

وخيل له جنون العظمة انه من قاد الثورة، فقال بصوت مرتفع: "من رعى الثورة في الأول يرعاها الآن"!!! على حسب علمنا، من رعى الثورة في الأول هو المجلس العسكري الذي سحب البساط من تحت مبارك ونقل السلطة سلميا. و إن كان مرسي ينسى بسبب إصابته بالصرع، فنحن لا ننسى...

شكرا مرسي، شكرا سيادة الرئيس لأنك وحدت الشعب المصري ضد اهلك وعشيرتك وإعلانك (انقلابك) الدستوري. شكرا مرسي لان ميدان التحرير عاد أخيرا إلى الشعب، شكرا لأنك أعدت روح الثورة إلى الميدان. شكرا مرسي لان المظاهرات التي خرجت ضدك انطلقت لأول مرة من وعي شعبي ودون إيعاز من صبية ادبر و فريدوم هاوس (كوائل غنيم و أسماء محفوظ). شكرا مرسي لأنك السبب في توحيد كل القوى المدنية وإسقاط حساباتهم السياسية الضيقة...

و أخيرا، كما جاء في تغريدة ضاحي خلفان –قائد شرطة دبي- على تويتر: "مصر اليوم أمام مسارين لا ثالث لهما: إما أن ينتصر الرئيس على القانون أو ينتصر القانون على الرئيس." فاليوم تعيد مصر كتابة التاريخ العربي الحديث الذي شابه تدخل الخارج وعمالة الداخل. الربيع العربي الحق يبدو انه بدأ يوم الجمعة؛ الموافق لغرق فرعون في البحر. وبالتأكيد سيكون مكلفا وباهظا جدا، فميلشيات الإخوان مسلحة، وكتائب حماس ستتوافد عبر الأنفاق وسيناء إلى القاهرة لترد الجميل لمرسي، والداخلية ستؤمر عن قريب بإخلاء الميدان بالقوة، خصوصا بعد قطع الكهرباء والانترنت ليلة الجمعة في محيطه.

ضياع الحكم من تنظيم البنا بعد سنين الحرمان دونه الدماء والرقاب، فرابطوا يا أهل مصر، فإن تراجعتم استقرت أركان ديكتاتورية جماعة المرشد. وان ضغطتم بشدة، أجبرتم مرسي على التراجع عن منح نفسه صلاحيات لم يحصل عليها الملك فاروق وعبد الناصر والسادات ومبارك مجتمعين. ولا تشغلكم المعركة الدستورية عن أمنكم القومي، فاجعلوا عينا على ميدان التحرير وعينا على سيناء، فقد يكون الأمر برمته مناورة للتورية على حدث أكثر جللا يُعد له في الجنوب، لأن هيلاري كلينتون لا تزور المنطقة عبثا. و للقول بقية في مقال مقبل...

 

بقلم: إيناس نجلاوي- خنشلة

أستاذة بجامعة تبسة- الجزائر

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2285 الاحد 25 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم