أقلام حرة

مؤتمر الدفاع عن الأديان والمذاهب في العراق (2) / امين يونس

على دعوة حوالي المئة وخمسين شخص، من بينهم خمسة وثلاثون من الخارج .. وتتضمن النقل والمبيت والأكل .. فأجازف بالقول، انها تتراوح بين (80/ 100) ألف دولار [علماً ان الفنادق التي شهدتْ فعاليات المؤتمر .. كانت راقية وذات عدة نجوم . أعتقد ان [رعاية المؤتمر من قِبَل السيد رئيس الجمهورية .. كانتْ هي السبب، في بعض مظاهر "التَرف" التي رافقَتْنا أيام المؤتمر .. ولكي أكون دقيقاً، أتحدثُ عن نفسي على الأقل، فرُبما هنالك العديد من السادة المدعوين، مُتعودون على الإقامة في مثل هذه الاماكن وهذه الخدمات الراقية، فالذي اُسميهِ تَرفاً، يمكن ان يكون شيئاً عادياً بالنسبة لهم . عموماً، كنتُ في غرفة ذو سريرَين والكثير من المدعوين، كانوا في " سويتات " .. كُل شخص في سويت لوحده .. أي بمعنى آخر، كان بالإمكان، توفير نصف عدد الغُرف المحجوزة على الأقل .. ولو كانتْ الإقامة في فنادق ذات نجومٍ أقل .. فمن المؤكَد، ان المصاريف كانتْ ستكون أقل من النصف .

من نافلة القَول، ان [رعاية] نشاطٍ ما او مؤتمَر، والتي تتضمن التمويل، بالطبع .. تتطلب بعض "الإلتزامات " الأدبية، من قِبَل مُنّظمي الفعالية، تِجاه "الراعي". أعتقد ان "الإلتزامات الأدبية" تتراوح بين عدة مُستويات .. والقائمين على المؤتمر وإدارته .. وحسب مُستوياتهم وظروفهم وتقديرهم للأمور .. لهم الخَيار، في كيفية التعبير عن " الشُكر والتقدير " تجاه الجهة الراعية . أرى في هذا الصدد، ان بعض (المُبالغة) جَرَتْ في هذا المؤتمر، ويمكن إيجازها في ما يلي :

- كما فهمنا قبل المؤتمر، انه برعاية السيد جلال الطالباني، بِصفتهِ " رئيساً للجمهورية " .. وكان من المُتوقع أن لايحضر الإفتتاح شخصياً لإنشغالاته وإلتزاماته .. وكانَ من المُفتَرَض ان ينوب عنه، شخصية من مؤسسة رئاسة الجمهورية .. لكن الذي حدث، هو ان السيد " ملا بختيار " القيادي في الإتحاد الوطني الكردستاني، هو الذي مّثله، وهو لايحمل صفة رسمية، بل صفة حزبية " علماً انه لا إعتراض على شخص الملا بختيار" . إضافة الى ان مُمثِل نائب حكومة أقليم كردستان، قرأ كلمة أيضاً .. لم يكن واضحاً الغاية منها .

- بعد ختام المؤتمر وبعد الحفلة الفنية، وأثناء توزيع الجوائز التقديرية .. رَكز مُنظموا المؤتمر، ولعدة مراتٍ متتالية، الى انه " لولا " الدعم والمجهود المتواصلة، من قبَل السيدة " نرمين عثمان " الوزيرة السابقة والقيادية في الاتحاد الوطني، لِما إستطاع المؤتمر الإنعقاد والنجاح .. فأضافتْ السيدة نرمين، ان الفضل يعود للدعم المادي والمعنوي، للسيد " ملا بختيار " ! .

- من الطبيعي، ان الإدارة الحكومية او الأحزاب الحاكمة .. تعمل دوماً على كسب المزيد من التأييد، وبمُختلف الوسائل المُتاحة .. والحصول على دعاية .. ولعلَ رعاية مثل هذه المؤتمرات، في بعض جوانبها، تهدف الى ذلك " جزئياً " .

وللحق أقول .. ان الحصول على دعاية وتأييد من خلال هذه المؤتمرات والفوز بموطأ قدم راسخ فيها، لايقتصر على الإتحاد الوطني الكردستاني .. بل رُبما ان ما يقوم به في هذا المضمار، هو أقل من غيره !.

.......................................

 

إستنتاجي الشخصي، ينحصر في نقطة بسيطة: ان القائمين والمُنظمين لأي مؤتمرٍ من هذا النوع، يدركون تماماً، ومُسبَقاً .. " الإلتزامات الأدبية " التي ينبغي ان يلتزموا بها تجاه " المُموِل او الراعي " .. فلو إنعقد المؤتمر في أربيل مثلاً، لكان من الطبيعي ان يُرعى من قِبل السيد رئيس الاقليم .. ولكان من المُتوقع ان يكون لقيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، موقع متميز في المؤتمر وحصوله على الكثير من الاصوات " مثلما حدث هنا مع السيدة نرمين عثمان" .. ولو إنعقد في بغداد برعاية السيد المالكي، لجرى نفس الأمر هناك .. وهكذا .

أعتقد ان [البديل] هو، التوجه الى عقد أمثال هذه النشاطات " فهي في إعتقادي، ضرورية على أية حال" .. بالإعتماد على الإمكانيات الذاتية للأعضاء والمُساندين .. ولتكن الإقامات في أماكن متواضعة، وليكن الطعام بسيطاً .. وليتحمل المدعو جزءاً من مصاريف النقل .. وليسَ هنالك داعٍ للتبذير . فما دُمتَ صادقاً في إهتماماتك بالشأن العام، وحرصك على المُساهمة في تحسين الاوضاع السياسية والاجتماعية في العراق .. عليك ان تكون مُستعداً ان تُضحي قليلاً وأن تتطوع أحياناً .. ومعظم الشخصيات التي رأيتها في المؤتمر، من ذاك الصنف الرائع المُحتَرَم .

إذا طّبقَ المنظمون ذلك في المستقبل القريب " ويستطيعون إذا توفرتْ الإرادة مع النيات الطيبة ".. فأنهم سيتخلصون من [مأزق التمويل والتُهَم التي تُطلَق عليهم جُزافاً، بالتبعية للمُموِل والراعي] .. ويشعرون بالتالي بإستقلالية أكثر وإمكانية أكبر على النقد البّناء !.

 يتبع ..

 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2286 الاثنين 26 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم