أقلام حرة

الحسين ثقافة / حكمت مهدي جبار

عندما يستذكر  محنة الحسين في مواجهته  للسلطة الأموية المتمثلة بيزيد.وما تركته من آثار حزينة ومؤلمة على المسلمين.وكذلك بعبدا عن المنهج التاريخي في النظرة اليها .فأن موقف الحسين في تلك اللحظات التاريخية لم يكن هو موقف الرجل المعاند جزافا,والذي لايدري ماذا يريد سوى نزوة مغامرة تأسست على فورة عاطفية أدت به الى التهلكة...لا...وحاشى لرجل كالحسين تسوقه  العواطف الفارغة نحو غايات للتلذذ بشهوة السلطة أو حب الكرسي.

في تلك اللحظة الحاسمة كان الحسين يرى العالم بعين ثاقبة .متخذا قرار المواجهة وهو يعتمد برنامجا سماويا أراد من خلاله أن يعيش الانسان بكامل أنسانيته .انسانا يحب الحياة ويحب الناس كرصيد كبير عند ما تحين قيامة الناس بعد موتهم.

والحسين عند تلك اللحظة التاريخية لم يكن يستخدم أسلحة حربية كالسيف والرمح وهو مغرور بقوته كأنسان ومن معه من رجال شجعان.انما كان يستخدم أسلحة معنوية تستمد قوتها من السماء.مضيفا اليها أدوات التهذيب الأنساني من صلوة وتضرعات وأدعية..أذن كان الحسين يواجه بأعلى درجات الثقافة الأنسانية التي أساسها ألآيمان بأن على ألأنسان أن يعيش حرا متحررا مثلما أرادت له السماء والطبيعة.وليس من حق ألأنسان القامع للأنسان أن يتسلط ويتملك متذرعا بمثاليات السماء الآخرين وحفوفهم..

لماذا اعجبت الأمم والشعوب بمختلف ثقافاتها بالحسين في موقفه الخالد تجاه السلطة القامعة؟ ذلك لأن الحسين لم يقاتل من أجل الصلاة ولا الصوم ولاالزكاة ولا الحج .انما كان يقاتل من أجل أن يفهم ألأنسانية أن تلك الفعاليات ليست غاية أنما هي ادوات لغاية عظيمة يصبو اليها الانسان لاكتشاف حقيقته ووجوده.من يحسن أستخدامها ويعرف أسرارها ويصل ولو بالحد الادنى من أعتقاده لربما يتركها جانبا .فأذا وصل الانسان الى مستوى أنسانيته وعرف الله الخالق ومجد السماء وقدسيتها فلا داعي لوجود تلك الادوات.

أن قراءة متعمقة لخطابات الحسين وبياناته منذ شروعه بالمواجهة من يوم رحيله من المدينة تجد ان الحسين هو أعظم من وجد على الأرض بعد محمد وعلي يسعى لتحقيق أنسانية الانسان .عندما آمن بضرورة تأمين الطريق الصحيح نحو السماء لأستلهام قيمها وأخلاقها وتطبيقها على ألأرض.ولو كان الحسين قد وجد قيما وتعاليم أعظم أنسانيا من قيم الاسلام لذهب اليها واعتمد غليها كمنهج يعلم به الأنسانية.

هكذا تيقن الحسين بأن دين جده محمد هو الحل الامثل لتحقيق انسانية الانسان أضافة لثقافة أبيه عليا الذي عرف كيف يستخدم ادوات ذلك الحل.وهنا لم يكن من بد الا أن يصر على المواجهة والتحدي والثبات رغم كل التحذيرات والتخويف وخطابات اللوم من الآخرين..ولأنه آمن بقوة بذلك الأمر فلم يخيفه ولم يرعبه ما سيمر به من مواقف عدا ما تهتز له مشاعر على مصابه كأنسان من دم ولحم وأحاسيس. .

صار الحسين ثقافة للأنسانية متجاوزا الأديان والمعتقدات التقليدية .لتصنع منه الأمم والشعوب على مختلف مراحلها وتستلهم من ثقافته المثالية شبه المطلقة أعظم الدروس والمناهج والآيديولوجيات لتشييد حضاراتها وثقافتها وأعادة بناء الأنسانية النقية الصافية الخالية من جهل من لم يفهم خطابات السماء ولم يدرك لماذا كلف الله نخبة من البشر ليرسل لهم وحيه ليكونوا أنبياء

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2286 الاثنين 26 / 11 / 2012)


في المثقف اليوم