أقلام حرة

الدرس الأخير للأستاذ توفيق بكار / سُوف عبيد

....بَلَى هو أستاذنا توفيق بكار أحد مؤسسي الجامعة التونسية وأحد أعمدتها الراسخة والشامخة بفضل سعة علمه وعمق اِطلاعه وطرافة اِستنباطاته وتواصل عطائه تدريسا وتأطيرا وتأليفا ومساهمة متميزة في الأنشطة الثقافية على مدى نصف قرن بل يزيد بسنين عددا

ذلك هو توفيق بكار كما عرفتُه منذ أربعين سنة في وقار وهدوء ولطف أستمع إليه بشغف فإذا صوته ينساب بالعربية اِنسيابا والحروف تنثال في نبراته اِنثيالا وهو يشرح في إمتاع وإبداع باب الحمامة المطوقة من كليلة ودمنة هذا التأليف العابر للحدود وللعصور وقد توقّف ـ سي توفيق ـ عند بعض العبارات الواردة في النص مثل عبارة ـ إخوان الصفاء ـ فرأى أن الإخوان غير الإخوة لأن الإخوة تربط بينهم القربى التي على أساسها النّسب بينما الإخوان تربط بينهم القرابة التي أساسها الانسجام والتعاون والتضامن أمّا كلمة الصفاء فقد رجع أستاذنا بمعانيها إلى الاِشتقاق اليوناني فاِنتقل بنا من لغة إلى إلى لغة ومن الجغرافيا إلى التاريخ ومن خصائص الحيوان إلى طبائع الإنسان فراح يُفضي بنا من فن إلى فن ومن علم إلى علم حتّى وصل بنا إلى الاستنتاج المتمثل في أنّ الحيوانات المتنوعة التي تعاونت وتضامنت وتصافت من أجل خلاصها في نص الحمامة المطوقة يمكن أن تكون عبرة للناس أجمعين كي يتجاوزوا خلافاتهم واِختلافاتهم ليعيشوا في أمن ووئام وينتصروا على العدوّ المتربص بهم

ذلك هو الدّرس الذي اِستنبطه أستاذنا توفيق بكار من شرحه الموجز لنص

اِبن المقفع

هو درس بليغ وثمين كأني بأستاذ الأجيال أراده بهذه المناسبة ,وفي هذا الظرف بالذات, أن يكون وصية للتونسيين لعلهم يتجاوزون خلافاتهم مهما تعدّدت وتنوّعت من أجل تحقيق التضامن والتعاون والأمن بل إنه رأي واضح وبليغ للأستاذ توفيق بكار في خضم الوضع العالمي الراهن القائم على الصراعات الدامية بحيث يرى أنه لا خلاص للإنسانية إلا في البحث عن المنافع المشتركة لدفع خطر الدمار الشامل الذي يهدد الكون فما على الإنسانية جمعاء أفرادا وجماعات وشعوبا وقبائل وأمما إلا أن تسلك سبُل الإخاء والتعاون للعيش في سلام وصفاء مَثَلُها مَثَل الحمامة وغيرها من الحيوانات في هذا الباب من الكتاب

فتحية تقدير وإكبار ووفاء لأستاذنا الكبير توفيق بكار

 

 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2286 الاثنين 26 / 11 / 2012)

في المثقف اليوم