أقلام حرة

بانتهازية المالكي وغرور البارزاني تُزهق الدماء / عماد علي

من اجل تقوية الذات الشخصية والحزبية وما ينويه من استكمال الرصيد المطلوب من اجل البقاء طويلا على سدة الحكم،كما نرى ونستشرف من خطواته المستقبلية ايضا، وخطواته العلنية تفيدنا بمدى براغماتيته، وسلوكه يشي الينا بما يخفي  بشكل واضح بانه خطيرجدا ولا يختلف اسلوبه وطموحاته عمن سبقوه بذرة. انه لا يابه بما يعلنه من المباديء نظريا ولا يعلم بان خطواته تدل على العكس مما يدعيه بشكل كبير، خلال الاعوام القليلة الماضية من حكمه المطلق، تلمسنا شكل وكيفية وطريقة انتقاله من ضفة لاخرى ومن طرف لاخر خلال تحالفاته وتآلفه وسياساته المختلفة، لا بل شاهدنا كيفية قفزه، بشكل مفاجيء ومتكرر نتيجة اقتناصه الفرص المؤاتية لما فرضته مقتضيات المرحلة وبدايته الحذرة من وجود الجيش الامريكي ووسطيته في التعامل بين الجانبين الايراني والامريكي مترنحا هنا وهناك . وفي اوقات شاهدناه مواليا مطيعا لحد نزع رباط عنقه في حضرة مولاه ولي الفقيه، لحين تراجعه وبخجل ودخوله عالم الليبرالية الاسلامية في حضرة القصر الابيض عند اليانكي متقيا سطوتهم وثقلهم وغضبهم، فشتان مابين المذهبية والليبرالية كهذه . في كل تلك المراوغات والمجازفات والمجارات لما كانت تتطلبه المعادلة السياسية في المنطقة بشكل عام والعراق بشكل خاص، اوصل الحال الى ما كشف ما كان يكنه في قرارة نفسه من التعصب واضحا وضاربا عرض الحائط كل الوعود والعهود التي التزم نفسه بها ومن الممكن ان نقول انه قد طبقها لفترة معينة ولكن شكليا دون قناعة ذاتية وما كان يؤمن وكما تفعل وتفرضه الصفة الانتهازية في اي شخص لحينما تحن الفرصة الملائمة لعمل عكس ما تدعي وتوقع وتوعد من اجله  اصلا . اليوم وبعدما تفرض التغييرات العامة في الشرق الاوسط ما تفرزه على هذه المنطقة بشكل عام وما تتسرب جراء الافرازات السلبية الناتجة من الخلافات الكبيرة بين القوى وما تفرضه الاطراف الفعالة التي لها ثقلها وامكانياتها في زحزحة كرسي المالكي ان لم ينفذ ما يُطلب منه،والاطراف هذه هي التي لها الفضل في بقاءه لحد اليوم مع ما تفرضه تداعيات الثورة السورية بشكل خاص، والتي شابتها الكثير من الامور التي لم تكن محسوبة او موجودة في الثورات العصر التي اندلعت قبلها في الدول الاخرى، فان هذا القائد الحزبي المذهبي المتربي في هذا الواقع والجو وبهذه الثقافة والاعتقادات ليس لديه الا الاستمرار على الخطط التي تلذذ بها والتي حس بنجاحها سواء داخل حزبه او في صراعه القوي مع خصومه وكيفية نسج الحيل لتغطية نقاط ضعفه او اخطاءه باستمرار كما هو حاله اليوم من الخطوات التي يتبعها كامر نابع منه لتغطية شيء ما من الحرج الذي يواجهه من فساد صفقة  الاسلحة الروسية الذي انتشر عالميا والفشل الذي مني به نتيجة قراره  الغاء البطاقة التموينية وتراجعه عنه بين ليلة وضحاها وما فرضه الراي العام عليه . وهذان الخطئان الكبيران لو حدثا في اي بلد ديموقراطي لفرضت على الحكومة بكاملها دون سابق انذار الاستقالة واحلال البديل  او اجراء انتخابات مبكرة وتوجيه رئيس الوزراء الى القضاء العادل .

اي، مختصر الكلام، كما يمكن ان نقيمه خلال هذه القترة من حكمه بانه قائد ماكر ماهر ينتهز اية فرصة يصادفها سياسيا من اجل الهروب الى الامام ويتبع التكتيك اليومي المناسب لاجل تقوية نفسه والخروج من الاخطاء دون عقاب يُذكر، وهو ناجح في عدم الالتفات الى حال الشعب في اضرار الناجم عن خطواته دون ان يواجه انذارا او عقابا، وله القدرة على التضليل وادعاء الخدمة على الرغم من وجود الثروة الهائلة بين يديه والتي ان اديرت او نُظمت وحكم العراق بعقلية علمية حديثة صادقة ومدبرة وابعد الناس عن الخيال وماوراء الطبيعة واعيد الى الارض،لعاشوا في رغد،الا انهم لو احسوا بمدى خطورة الوضع وان البديل الذي يمكن العمل عليه موجود على الارض الغنية بالعقول وهو مهد الحضارات،من اجل التقدم خلال اشهرفان الشعب قام بواجبه حقا، ومن الممكن احساس الشعب به دون اية مبالغة . وعلى الرغم من الخلاص وانقاذ الشعب من اعتى الدكتاتوريات على الارض الا انه لازال يعيش في القلق والفقر والضيم والويلات ويغص في الوحل اكثر يوما بعد اخر والازمة الاخيرة ستزيد الطين بلة ان حدث ما لا يحمد عقباه . ولكن يمكن ان يعتقد المالكي بانه ينجح هذه المرة كما سابقاتها ويستمر الى النهاية ولكنه لم يحسب الحسابات جيدافهو واهم، فيجب ان يعلم ليس من المعقول ان تسلم الجرة دائما وتعود من النبع سالما، فعليه ان يتوقع عدم عودتها هذه المرة اصلا ولو باجزاء صغيرة منها او تعود صاحبها حزينة خالية الوفاض، ومن الممكن ان تطاح حاملتها ارضا ايضا دون عودة الى النهاية . لذا ان دقق المالكي ما ينويه من الخطوات وبكل حرية بعيدا عن ما تفرضه عليه الفضلاء واعاد النظر جيدا مراجعا ما ينقله الينا التاريخ وما جرى فيه بتاني، اعتقد ان فعل ذلك فانه يفكر كثيرا قبل اتخاذ اية خطوة عواقبها تكون ثقيلة على الشعب وعليه ايضا، هذا وان على  الطرفان بان يعلما ان كانت خطواتهما وتوجهاتهما وخلافاتها ليست شخصية وان كانا على اعتقاد بانهما اصحاب قضية مصيرية فعليهما التفكير مليا.

اما من جانبه، فان البارزاني وما نعرفه عنه جيدا خلال سنوات سياساته المتناقضة المستمرة واالمستندة كما هو المالكي على التكتيك والمصلحة الحزبية والشخصية الضيقة على عكس ما يدعيه علنا ايضا، فهو يمتلك من الصفات التي مر عليها الزمن، ليس امامنا الا ان نعتقد بان الغرور مسيطر على عقليته كثيرا منذ فترة لاسباب معلومة وما وصل اليه برمشة بصر دون ان ينتظر ذلك في قرارة نفسه، فلم يكن يملك موطيء قدم من الساحة طوال سنوات النضال الثورة الجديدة، وما يرى نفسه اليوم وهو في موقع وحال وصل اليها بفعل ما فرضته المعادلات والتغييرات ومتطلبات المنطقة  اغراه كثيرا لاتخاذ خطوات في الوقت والمكان غير المناسب كثيرا. وكما هو حال غريمه في هذه الاونة،فان البارزاني كالمالكي لم يلتزم باية استراتيجية لما يفيد الشعب الكوردي ومصالحه العليا، وكما مضى عليهو استق، هو من نتاج سياسات المنطقة وما فرضته الصراعات الداخلية واستند على التكتيك ورد الفعل وحسب سعر اليوم ايضا، وحتى وصل به الحال الى طلب العون من الد اعداء الشعب الكوردي لانقاذه من الغرق خلال فترات متعددة من صراعه السياسي و العسكري  الدموي، وكما اعتقد يفعله اليوم ايضا ان تطلب الامر ذلك .

منذ عيد نوروز والبارزاني لم يتسطع ان يفعل ما يشفي غليله من الرد الفعل الذي واجهه من ارغامه على التراجع عن ما كان ينويه من اعلان الاستقلال لاقليم كوردستان او توجيه الشعب الكوردي للاستفتاء عن هذا الهدف النبيل الذي يستخدمه القادة في اكثر الاحيان للمزايدة السياسية. بعدما رد عن ما انطلق جديا اليه من المغامرة دون سابق ترتيب او عمل ملائم  يتطلبه عملية استراتيجية كهذا الذي اراد اعلانه من الاستقلال لاقليم كوردستان، ولم يلق التايد الكامل لما كان يريد، فَحس انه ضُرب او طُعن وخاصة انه كان يريد ان يسجل مجدا له ولحزبه اكثر من تحقيق الهدف المقدس للشعب الكوردي . كل ما نعلمه من انه يسير وفق خطوات تكتيكية على الرغم من ادعائه العكس وبانه حامل راية اصلح استراتيجية، والواقع يدلنا على العكس لاننا في الاعوام القليلة الماضية فقط شاهدنا بان الواقع بنفسه فقط فرض عليه تغيير شعاره وشعار حزبه من الحكم الذاتي الى الفدرالية، متاخرا حتى عن اصغر الاحزاب الكوردية في هذا اداء هذا الواجب الممكن في الارضية الناضجة لذلك . هذا التحليل والنتيجة تدلنا على ان البارزاني يريد ان يخرج سالما معافيا ومفتخرا بالمجد الذي يريد ان يحققه، وينفذ من تداعيات خطواته الغرورية دون ضريبة كما هو حال المالكي، لا بل يريد ان يعكس تلك الاخطاء ويحصل من افعاله ما يكسبه لصالح شخصه وحزبه فقط، وكما فعل سابقا وحتى اليوم . الاخطر داخليا في الاقليم وما يمس الشعب الكوردي من تلك الافعال وما يظهر وينتج منها جليا هو الاضرار الناجمة من نتائج الغرور المسيطر عليه من كافة النواحي وفي مقدمتها السياسية، وهنذا ما يفرض كثيرا من الضرائب المعنوية المادية السياسية على الشعب الكوردي والاحزاب والتيارات والحركات الكوردية المخلصة الاخرى  الموجودين بقوة على الساحة السياسيية ايضا وعلى استراتيجياتهم العقلانية بشكل خاص، على الرغم من اتخاذهم العهد والوعد لاعتمادهم على الخطط العلمية بالاستناد على ما يحفظ المصالح العليا سالما والاستراتيجة بعيدا عن المس، والمستندين على الخطوات العلمية الدقيقة ان توفرت العوامل لها والتي تقر هي بذاتها اي العقلية والخطوات والنظريات العلمية في الفعل والعملو  الدقة والتجريد والقرار والتشاور والتباحث والنقاش والبحث عن الاسباب لكل خطوة مطلوبة وهو مطلوب كمبدا ديموقراطي حداثوي،تقرر صحة اي عمل لتحقيق اي هدف، واعتماد المنهجية والملاحظة والتجريب النظري لبيان صحة اي قرار الذي من المفروض اتخاذه ودراسته دراسة مستفيضة مسبقا بفعل مجموعة من المؤسسات المتوفرة ومن ثم دراسة نتائجه المحتملة والتي يمكن استنباطها بعقلية منفتحة ودراسة علميا، والدخول في خضم ما تشهده مرحلة مابعد القرار سيؤمن النجاح دائما .  الا انه اليوم بالذات كما كان سابقا وفي هذه الازمة الانية الحاصلة بين الاقليم الكوردستاني والمركز العراقي، فان التكتيك والصراع المتبع والتعامل مع الحوادث اليومية بعيد عن ملاحظة الاضرار التي يمكن ان تُلحق بالاستراتيجة ووبالامكان ان  يقطع الطريق عن العمل الهادف والقرار الصحيح في الوقت الملائم،  هو بعيد جدا عن التفكير العلمي والعقلانية في سياسة اكثرية  احزاب هذا الاقليم  كما هو حال الاحزاب المذهبية على الساحة العراقية، وانه لامر بسيط نسبة لمثل هذه الاحزاب في اعتبار ما يحصل من اية نتيجة كانت جراء الخطورة التي تحدق بالشعب من عدم تيقنهم من ابعاد وتداعيات القرارات الخطيرة لهم في الشان السياسي . فالمتضرر الاول والاخير هو الشعب بكل فئاتهم وخاصة الطبقة الكادحة ومن كلا الجانبين الكوردي والعربي، بعدما يوضعوا في فوهة النار كما كانوا دائما وهم ضحية تلك الخلافات، وما نعلمه من المستوى الثقافي العام لهذا الشعب المسكين وما يتاثرون به من نتائج رفع الحماس القومي والمذهبي لامر مفتعل في كل تلك الحالات التي يدفعون هم لوحدهم الثمن غاليا .

لذا، على المالكي والبارزاني على حد سواء ان يعيدا النظر جيدا في سياساتهما ونظراتهما الاستراتيجية ان امتلكاها ويسلموا الى الديموقراطية ومتطلباتها في حل المشاكل وهو افضل واقرب واقصر الطرق للحلول الناجعة لاي خلاف ناجم عن المسيرة الطويلة للتغيير الواجب حدوثه في منطقتنا، والعراق سبق الجميع في هذا المسار، واحسن ما يفعلوا هو ان يتبعوا الدستور ويجلسوا الى الطاولة بهدوء وسلام من اجل مستقبل هذه الشعوب المظلومة لحسم كل الخلافات الصغيرة والكبيرة جذريا ويتعضوا من الماضي الاليم ويبعدوا عن زهق الدماء التي تكون ثقيلة على اعناقهم، وعليهم ان يدققوا جيدا في قراءة واقع المنطقة ومن يتربص بنا وما يريدون من دفع الحال الموجود نحو المازق، كي يقوا الشعب العراقي بكل طوائفه وفئاته الموزائيكية المعلومة من الافرازات السلبية الناتجة من صراعات المحيط الاقليمي لنا وما تفرضه المصالح والسياسة العالمية دائما .   

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2288 الاربعاء 28 / 11 / 2012)


في المثقف اليوم