أقلام حرة

الأسدُ والحِمار / امين يونس

.. وبينما كان الأسدُ نائماً .. جاء الكلب، وربطهُ بإحكام، ومشى . ولَما إستفاقَ الأسد، ووجد نفسه في هذه الحالة .. زأرَ مُستغيثاً ولا من مُجيب. وبعد حين مّرَ من هناك حمار . فقال له الأسد: أيها الحمار حِل وثاقي، وسوف أعطيك نصف الغابة . فقام الحمار الطيب بذلك . فقالَ له الأسد : لن اُعطيكَ نصف الغابة ! .. فسألهُ الحمار: لماذا، فلقد وعدْتَني؟ قال َ الأسد: سوف أترك لك الغابة كُلها، ولن أبقى هُنا .. فالمكان الذي يكون فيه الرَبطُ بيد الكِلاب والحَلُ بيد الحمير .. لا ينفعني ! " .

الوضع المأساوي في سوريا، شبيهٌ الى حدٍ ما، بما وردَ في الحكايةِ أعلاه .. فالأسد بسياساته الرعناء، طيلة سنين، ونهجهِ الدكتاتوري، وسيطرة مافياته الفاسدة، على كُل مفاصل البلد ومُقدراته .. قد خلقَ المُقدمات المنطقية، لكي تعيث الكلاب فساداً، وتستهتر وتتمادى ... وتُمارس الأجهزة الأمنية القمعية المُجرمة، كُل أنواع التنكيل وإمتهان الكرامة والتعذيب والقتل والخطف والتغييب، ليسَ للمواطنين السوريين، وحسب، بل حتى لللبنانيين والعراقيين وغيرهم أيضاً من الذين يُخالفونها الرأي ويقعون في قبضتها . كُل هذه العقليات المُنحرفة والسياسات العوجاء، أدتْ الى ان تضطلع، الصغيرة والقميئة، قَطَر .. و زميلتها الكبرى، الرجعية السعودية .. والطورانية التركية .. بالحَل !.

"لعبتْ قَطَر دوراً رئيسياً في عملية التغيير في ليبيا، فأنظروا ماذا كانتْ النتيجة : دمارٌ شامل للبنية التحتية / إنقسامات حادة داخل المجتمع / دعم الجماعات الاسلامية المتطرفة / مستقبل غامض / رهن البلد للمصالح الغربية " . وتلعب قطر والسعودية وتركيا، أقذر الأدوار [نيابة عن العراب الأمريكي] في مصر أيضاً .. وتحاول جاهدة، تغليب كفة محمد مرسي والأخوان المسلمين، وإرجاع مصر عقود الى الوراء، وتكريس تبعية مصر لأمريكا والغرب عموماً .

ومن الطبيعي، ان دور قطر والسعودية وتركيا، لم يكن خافياً ولا صغيراً .. في ما جرى عندنا في العراق، ولا سيما بعد 2003 . فكُل جهودها، تتركز في تقزيم العراق، ودفعه دفعاً الى البقاء في حُضن الولايات المتحدة الامريكية والغرب .. وتكريس الإنقسامات والوقوف بوجه الحلول المعقولة، وتأجيج المشاكل . [وليست هذه الدول الثلاث، هي الوحيدة التي عادتْ وتُعادي العراق في الحقيقة .. فلإيران دورٌ تخريبي ممنهج متعدد الأوجه، وكذلك الكويت والاردن وسوريا] .

وإذا كان في سوريا " أسدٌ " واحد .. دكتاتور ومُستبد، قادهُ إهماله وإستهتاره .. الى النَوم .. فقام " الكلاب " بربطهِ بإحكام ! .. ثم يتوارد " الحمير " لِحَل العُقَد .. فلنا في العراق أكثرُ مِن أسدٍ مربوط .. وكلاب شرسة فاسدة من صنائعهم، تنهشُ في الشعب والوطن .. وتنبري الحمير لإيجاد الحلول !. 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2290 الجمعة 30 / 11 / 2012)


في المثقف اليوم