أقلام حرة

الكلب العراقي الأسود !!!

بينما الملايين من البشر في إفريقيا يهددهم الجوع ولا يجدون من يعينهم على ان يجدو رغيفاً يسد رمقهم، ولكن ما  أثارني هو  تقرير صحفي نشر قبل فترة تحدث عن قصة روجها الأعلام الأمريكي مفادها ان مجندة أمريكية عملت مع الجيش الأمريكي في العراق وفي إحدى الدوريات التي يقوم بها الجيش في إطراف العاصمة بغداد عثرت هذه المجندة على كلب صغير اسود وسط نيران ملتهبة فسارعت لإنقاذه واصطحبته معها الى المعسكر الأمريكي ليصبح صديقا حميما ً لهذه المجندة وعندما أنهت المجندة الأمريكية خدمتها في العراق قررت اصطحاب صديقها الذي أطلقت عليه (راتشت) لكنها وبحسب التقرير فوجئت بمنعها من قبل السلطات الأمريكية التي حكمت على الكلب بالإعدام !!! وفور وصول المجندة الى بلدها أطلقت من هناك حملة إعلامية كبرى وتضامن العشرات معها ووصل الأمر الى تدخل عضوة في الكونجرس الأمريكي لإنقاذ الكلب العراقي ونقله الى أمريكا ،والقضية مطولة وتعليقي الوحيد والذي اامل من الجميع ان ينتبهوا له هو الكيفية التي يتعامل معها الإعلام الأمريكي مع مثل هذه القضايا ويحولها من قضايا هامشية الى قضايا رئيسية تتصدر عناوين الصحف ونشرات الإخبار وهذا ما يطلق عليه بالصناعة الإعلامية المحترفة التي تستطيع من خلق رأي عام تجاه قضايا محددة وممنهجة ،وهذا يؤكد حقيقة مفادها قدرة الإعلام المحترف من استثمار قضايا بسيطة بما يخدم سياسات كبرى إستراتيجية ، ان مثل هذه القضايا التي يبرزها الإعلام الأمريكي يهدف من خلالها رسم صورة أمريكا الحرة المدافعة حتى عن الحيوان !! وإظهار الجنود الأمريكيين بصورة الملاك الذي يؤدي عمل مقدس بينما يغفل تصرفات وجبروت وطيش هولاء الجنود وقتلهم للعراقيين بدم بارد وقيامهم باغتصاب الفتيات من دون تثار هذه الجرائم في الأوساط الإعلامية الأمريكية بمثل هذه الإثارة المفتعلة، وتعليقي الوحيد ان هذه المنهجية البناءة في تطوير واستثمار الحدث دليل أخر على مدى نجاح المنظمومة الإعلامية الغربية وقوتها في قلب الحقائق بما يخدم مصالحها  ،وهذا يحيلنا الى تساؤل مازال مطروحاً حول قدرة الإعلام العربي في  التعاطي مع قضايا الشعوب العربية العادلة وتحويلها الى قضايا رأي عام عالمي وللأسف الشديد مازال الإعلام العربي يعاني من الجمود وعدم وجود رؤية إستراتيجية للتعامل مع قضايا الشعوب العربية بل لازال الإعلام العربي سلطوياً بالدرجة الاولى ومتماشيا ً مع إرادة الحكام الذين لايجيدون سوى ادراة  السلطة البوليسية التي تستطيع حماية عروشهم فقط وفقط!!! 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1210 الثلاثاء 27/10/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم