أقلام حرة

النجيفي يدخل العراق الى العالم من بوابة غزة / منير حداد

يشكل حدا فاصلا، بين تأهب العراق، للعودة الى ممارسة دوره الاقليمي المتفاعل مع قضايا المرحلة، وبين الاقدام على الدخول الى حظيرة المنطقة التي لفظته؛ جراء تخبطات الطاغية المقبور صدام حسين.

عودة صحية لتبؤ الموقع الامثل.. اللائق بمواصفات العراق.. اقتصاديا وجغرافيا وعسكريا وفكريا، وهي بمجموعها استحضارات قابلة للتركيب بما يؤدي الى حالة متكاملة يحسن من خلالها اداء هذا الدور المتقدم.

اي انه يتوفر على عناصر الاداء الناجح.. محسوم الفلاح سلفا، بحكم المقدمات التي تشي بالنتائج.

العراق رئيس الجامعة العربية لهذا العام، وهو المعني بقضايا مرؤوسيه، الى ان تنقضي الفترة الرئاسية، بكل ما يتخللها من طوارئ عارضة وثوابت معلقة بانتظار أوان الحسم بالتوقيت المناسب، واذا ما حل هذا التوقيت، فهو واجب التزامه بالتعاطي معه على اعتباره واقع حال.

لذا فان ما طرأ في غزة، برغم ما تعنيه اسرائيل من منطقة حساسة تجبرنا الشعارات الجوفاء على مناصبتها عداءً استعراضيا، متفق على عدم جدواه، لكن هكذا يجب ان نخدع ذواتنا ولو على حساب الحقيقة، متظاهرين بعدوان غير ضروري.. لا يمت للواقع بصلة، ولا احد يكسب منه الا ارضاء غرور مطلقيه الذين لا يؤمنون به اصلا.

وجود وفد نيابي في غزة، وهي ما تزال غصنا عالقا باسرائيل، يدعي محاولة الانفصال ويتظاهر بان الشجرة متمسكة به وانه جاد في فصم عراه عن جذعها، وهو ابعد ما يكون عن فكرة الانفراد بدولة منفصلة، امدا بعيدا.

كان العراق فتوة المنطقة، نفخت فيه امريكا بعد سقوط الشاه.. شرطي الخليج،... صدام ادى دورا تظل اسرائيل تشكره عليه ما دامت دولتها على الخريطة؛ فهو الذي قطع الطريق على الامام روح الله الخميني دون تحرير فلسطين.

وهو امر لم يقلق الفصائل الفلسطينية، التي ادامت حسن علاقتها مع صدام، ما دامت تقبض منه ثمن عروبتها باعتباره قومي الشعارات، وهي بالمقابل تقبض من اسرائيل ذاتها ثمن مساعدتها لصدام في الحد من هدف الخميني الرامي الى محو اسرائيل، ما لقي هوى لدى السعودية، قبل ان تنبري قطر لقيادة المنطقة...

وترتبت لصدام استحقاقات، على دول الخليج وامريكا واسرائيل والفلسطينيين؛ نظير حربه ايران.

جرد صدام من هذه الاستحقاقات الوجاهية المفتعلة، وتنكر له الجميع؛ عندما نجح بقص اجنحة ايران؛ التي خرجت من حرب السنوات الثماني مع العراق، عاجزة عن مقاتلة فرقة غنائية وليس فوجا اسرائيليا فائق التدريب.

مع حساب ما لحق بالعراق جراء تلك الحرب من انهيار عسكري واقتصادي وانساني، عمقت بشاعة صدام آثاره الفظيعة، التي حاول تسويتها بغزو الكويت في تصرف اهوج يدل على جهل مطبق بشؤون السياسة.

الان العراق يستثمر اماكنات صميمية في تبؤ منزلته المتميزة في المنطقة، بما أوتي من قدرات اقتصادية فائقة، مدعومة بموقع جغرافي يؤهله للامساك باقتصاد العالم من عنقه، فضلا عن توفر الامكانات العسكرية والعقول المتفكرة، اللتين اذا وظفتا خيرا حققتا معجزات دولية كبرى.

العراق الان يؤدي دوره الطبيعي غير المقحم عليه، نافذا باستحقاق من خلال بوابة غزة التي وضعته بموضع (اوتونابشتم) الحكيم وفارس الفرسان.. حكمة وقوة وثراء.

هذا الدور يجيد شخص مثل اسامة النجيفي والوفد المرافق له اداءه من داخل غزة المحتواة في اسرائيل، ومنها يشع العراق الى العالم ثانية، مثل ما كان وجُبِلَ عليه.

في حين شغل البعض ادوارا اكبر من ملكاتهم.. ليست لهم، ولا على مقاسهم، انما تم تقريمها مؤقتا لتناسبهم ريثما ينجزون المؤامرة، على طريقة النفخ بصدام كما اسلفنا.

هؤلاء اتخذتهم امريكا واسرائيل، حميرا تسرحهم في حقول الالغام، كي تنفجر، ويمر رتلهما آمنا، وبالفعل مر.

بينما العراق يحل بمكانه الطبيعي الذي احسن رئيس مجلس النواب فك مغاليق العالم خدمة لوطن باق والمناصب زائلة.. فالرجل يتصرف بمسؤولية وطنية واعية تترفع عن الانحيازات الفئوية، ابتغاء للصالح العام.

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2292 الأحد 02 / 12 / 2012)

في المثقف اليوم