أقلام حرة

الحسين برئ منهم / ابراهيم الخياط

جمع أهله وأصحابه في ليلة ذلك اليوم فقال لهم: يا أهلي وصحبتي اتخذوا هذا الليل جملا لكم فانجوا بأنفسكم، فإن القوم إنما يطلبونني، فإذا رأوني لهوا عن طلبكم، وما فكروا فيكم، فانجوا رحمكم الله فأنتم في حلّ وسعة من بيعتي وعهدي الذي عاهدتموني .

وفي المثل: اتخذ فلان الليلَ جَمَلا، يضرب لمن يعمل بالليل عمله كأنه رَكِبه ولم ينم فيه، والامام الحسين يقصد هنا: أن ظلام الليل سيخفي أثركم يا أهلي وأصحابي، فتسللوا من معسكري، واتخذوا الليل مسيرا لكم، واذا ما أصبح الصبح ووجدوني فانهم ـ أي جيش السلطة الغاشمة ـ سيتركونكم ولا يتعقبونكم لان مرادهم ـ يقصد نفسه ـ باق بين ايديهم.

بينما نرى ـ اليوم ـ الكتل المتنفذة وهي تتاجر بقضية الحسين تقوم باجبار مرشحي نوابها ووزرائها على التوقيع على صكوك فارغة أو استقالات مقترحة غير مؤرخة حتى يكونوا بمشيئة ريمونتها مع فتحها ـ وهي الغنية الثرية من حلال وحرام ـ صنابير المال لشراء النواب من الكتل الاخرى، وهكذا نجد الكتل ذات الـ "خمس نجوم" لاتخاف ولا تستحي وهي تنهش احداها في لحم الاخرى لاجل النفوذ والجاه والمال والكرسي الساحر، ناهيك عن لهاثها المقدس لشراء اصوات الناخبين بالصوبات والبطانيات شتاءا وبالمراوح والمبردات صيفا، وبكارتات الموبايل ووعود التعيينات في كل المواسم.

ولا يتورعون ـ أهل الكتل المتنفذة ـ عن اجبار الناخبين على القسم بالقرآن وبالعباس وبالشيخ البازي للتصويت لهم في صفقة (الصوت مقابل الهدية) تيمنا بـ (النفط مقابل الغذاء)، وهذه العملية تجري في كل انتخابات وتحت مرأى ومسمع ومعرفة مفوضية الانتخابات (المستقلةّ!)، لتخريب مالم يتمكن صدام حسين من تخريبه في المنظومة الاخلاقية الشعبية العراقية.

ان الحسين برئ من شراء الذمم، وبرئ من سرقة الاصوات، وبرئ من سرقة القوت والغاء البطاقة التموينية، وبرئ من الفساد والاستحواذ اللذين ثار ضدهما، وبرئ من التهم المتبادلة التي تتطاير في المايكريفونات الصفراء، وبرئ من صبّ الزيت على الحطب الوطني،  وبرئ من المحاصصة البغيضة ومن نظام المحاصصة السئ، وبرئ من هدر الاموال العامة، وبرئ من كثرة المناصب، وبرئ من الظلم وخنق الحريات، وبرئ من انتهاك حقوق الانسان في المعتقلات وفي التظاهرات وفي السيطرات وفي البيوت، وبرئ من المواكب المظللة التي تسير ضد السير، وبرئ من الميزانية الفلكية العاجزة عن انارة البيوت، وبرئ من تنصيب "روتانا" قيّمة على شؤون وشجون ثقافة الفرزدق ودعبل والجاحظ والمتنبي والشريف الرضي وابن الاثير وابن ابي الحديد والحبوبي والكرملي وعبد الجبار عبد الله والجواهري الكبير، وبرئ من غير المناسبين الجالسين في الكراسي غير المناسبة.

الحسين برئ من الابراج الخضراء لان دعوة الحسين للاصلاح هي في احتجاجات ساحة التحرير.

 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2294 الثلاثاء 04 / 12 / 2012)

في المثقف اليوم