أقلام حرة

لماذا ليس في دمشق؟ .. بوتين – أردوغان / فرمز حسين

قبل أن تبدأ شعلة الحرية ببريق أمل يضيء الطريق من خلال النيران التي أوقدها البوعزيزي في جسده، تضحية ما بعدها تضحية جاءت في حقيقة الأمر كطريقة للتعبير عن يأسه من صمت الشعب على المهانة أكثر من كونها احتجاجا على ظلم الحاكم .

انتقل سريعا عدوى ما سمي فيما بعد بالربيع العربي الى بقية الدول العربية لتظهر التشابه والاختلاف الكبيرين بينهم في ان واحد. أظهرت على سبيل المثال أن تونس، مصر وحتى اليمن كانوا متقدمين على سورية وليبيا بمئات السنين الضوئية.  الهيجان الشعبي الذي تشهده ميادين القاهرة هذه الأيام سرعان ما ترسوا على البر بتراجع مرسي عن محاولته بسط سيطرة الاخوان الشبه كاملة على مقاليد الحكم وعلى حساب القوى السياسية الأخرى. الشارع لن يهدأ قبل التوصل الى معادلة تضمن اشتراك المصريين في صنع القرار، لأنها ثورة شعب لا ثورة اخوان مصر فقط.

 

نبقى نحن وخصوصيتنا السورية مع سيد الوطن الكبير وصغار السادة الآخرين الذين كانوا يتحكمون بقضاء العباد وأقدارهم من خلال جيش مسخ  رعديد اعتاد الفساد واستساغ الفتات الذي يرمي له الحاكم من قوت الشعب!

 

في خضم هذه الثورة التي تتجاذبها أطراف وتتقاذفها أخرى نحتاج نحن السوريين الى خلايا دماغية اضافية لتسعفنا وتمكننا من استيعاب مواقف العالم الخارجي اقليميا كانت أم دولية. الأشياء ليست كما نسمعها و الأمور ليست  كما نشاهدها في هذا الزمن الأغبر لكي نميز العدو من غير العدو ولا نقول الصديق، لأن مدة المأساة الطويلة التي مرت على شعبنا  أثبتت دونما أدنى شك افتقادنا للأصدقاء الحقيقين، الذين السوريين بأمسّ الحاجة اليهم في هذه المحنة الشديدة.

  يجتمع بوتين مع أردوغان مؤخرا في استانبول للتحاور والتشاور حول الوضع السوري والعلاقات مع ايران.

 لماذا بحق السماء في استانبول؟

 لماذا ليس في دمشق بحضور أحمدي نجاة؟  لكي يتم التوصل الى اتخاذ القرارات والانتهاء منها فالدول الأربع تجمعهم مصالح استراتيجية مشتركة.

 

تركية تريد نشر صواريخ باتريوت !

لماذا؟

هل حقا لتحمي الناتو من أسلحة النظام السوري الصدئة التي لا تستطيع سوى أن تقتل شعبها الأعزل؟

أم أن تركيا تريد بسط نفوذها على المنطقة والتحكم بمقاليد الأمور في سورية الجديدة !؟

 يقول أوباما في حديث له نشر في صحيفة نيويورك تايمز: اليوم أريد أن أوضح للأسد ومن يأتمرون بأمره بأن العالم يراقب، استعمال السلاح الكيماوي لن يكون مقبول، اذا قمت بمثل هذه الخطيئة المأساوية واستعملت تلك الأسلحة فسوف تكون لها عواقب وستحاسب على ذلك.

 مرة أخرى يبهرنا حائز نوبل للسلام بسحر كلماته وقدرته النظرية الرائعة على الخطابة دون أن تكون له ربع تلك القدرات على الأداء العملي.

 

قرابة العامين  ونظام البعث يوغل في قتل السوريين يوما تلو الآخر، ما يزيد على الأربعون ألف قتيل، أضعاف ذلك من الجرحى، آلاف المفقودين والمعتقلين، مئات الآلاف من اللاجئين والنازحين، فيما البقية الباقية من الشعب السوري يعيش حياة أقرب منها الى حياة الرهائن في وطنهم الجريح وأعين العالم الخارجي لا ترى، آذانهم لا تسمع مع أنهم يراقبون طبقا لأوباما!!

النظام كان وما يزال المسئول الأول عن اراقة دماء السوريين لكن المجتمع الدولي بسلبيته في التعامل مع الأحداث يتحمل بكل تأكيد مسؤولية عدم ارغامه على التوقف عن القتل.

المعارضة السورية أذعنت للدعوات المنادية بالتوحد من خلال انضواء معظم قواها تحت سقف الائتلاف الوطني و تسعى الى تشكيل حكومة مؤقتة في المنفى بغية الاستعداد لملأ الفراغ في حال سقوط الأسد.

الحقيقة قد أبدو متشائما الى حد ما لكن هذا الحديث اعتدنا سماعه منذ بداية الاحتجاجات في سورية ! الآن أكثر من عشرون شهرا مازال الخطاب الدولي هو نفسه، الذرائع هي نفسها، بالمقابل الدعم الروسي والإيراني للأسد لم يتغير، كما أن خطاب النظام السوري نفسه حول المؤامرة والصمود والتصدي في وجه الصهيونية والامبريالية العالمية والمجموعات الارهابية لم تتغير قيد أنملة.

 الذي تغير بكل تأكيد هو وطن سوري أكثر انهاكا و واقع شعب سوري أعزل من سيئ الى أسوأ الى أشدّ سوء!

  

ستوكهولم: 2012-12-06

فرمز حسين

 مترجم وكاتب سوري مقيم في ستوكهولم

  

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2297 الجمعة 07 / 12 / 2012)

في المثقف اليوم