أقلام حرة

الوجه الآخر من صِراع بغداد وأربيل / امين يونس

وبين "البارزاني او الطالباني" من جهةٍ اُخرى .. فلو كان الأمرُ يشبهُ صراع الفُرسان في الأزمنة الغابرة .. حيث يتقاتلُ المُتحديان لبعضهما، بالسيوف، وجهاً لوجه .. ولا يتدخل أحد .. الى ان ينتهي الصراع بفوز أحدهما على الآخر . أو بعد إختراع المُسدسات .. حيث يتواجه الغريمان في ساحةٍ، ويصطف المتفرجون على الجانبَين .. والأسرع والأبرع، هو الذي يُجندل الآخر .. وينتهي الأمر ! .

لو كانتْ الأزمة الحالية، على نفس المنوال .. لهانتْ القضية .. لكن المُشكلة .. ان الزمان غير الزمان .. والرجال غير الرجال .. والشروط مُختلفة كثيراً، والتَحّدي له شكلٌ آخر . فالمالكي إمتطى الشعارات القومية العربية ويُريد ان يصبح نُسخة مُصّغرة، من " بَطلٍ قومي " .. فتراهُ مُنهمِكاً بإرسال الجنود ال" النشامى" العرب من الجنوب والوسط، الى ضواحي كركوك، وتسليح العشائر العربية المتواجدة في المناطق المتنازع عليها، وتشجيعها على (الذّود) عن أراضيها، ضِد [العدو الكردي] المُفتَرَض. لن يُقاتِل المالكي شخصياً او قيادة حزب الدعوة بالتأكيد .. بل سيقود المعركة من بعيد .. ويترك سفك الدماء والتضحية بالأرواح، للجنود المساكين والضُباط الصغار المخدوعين !. " في كُل حروب صدام، لم يُصّب صدام ولا أي من أفراد عائلته أو أقرباءه .. ولو بخدشٍ بسيط ! " .

حين كانتْ الفُرصة، سهلة للغاية .. أن تُلحَق كركوك كُلها، وسنجار وخانقين وطوزخورماتو .. الخ، بأقليم كردستان .. في الأيام الاولى من نيسان 2003 .. حيث كان بيشمركة الحزبَين الكرديين، وحدهما في الساحة .. والعَرب والتركمان في كركوك والمناطق الاخرى، مُهَيَئين نفسياً، لِتَقّبُل الأمر .. [لو تَصّرفتْ أي القوات الكردية، بِحكمة وعقلانية ونزاهة .. ومّهدتْ أرضية صلبة للتسامُح والعيش المشترك، ووفرتْ الى جانب الأمان، الخدمات والرعاية الجيدة لكل المواطنين، ولو أشركتْ الأحزاب الكردية بِصدق، التركمان والعرب منذ البداية في إدارة كركوك] .. لكنها تقاعستْ عن معظم هذه الأشياء .. وبدلاً من ذلك، إنخرطتْ في تنافسات داخلية فيما بينها على السلطة والنفوذ، وكذلك إستحوذتْ على ممتلكات ومُخلفات الدوائر الحكومية والجيش والشرطة. أي بالمُجمَل: لم تكن قيادات الأحزاب الكردية الرئيسية، في مُستوى يؤهلها، للتعامل الأمثل مع التغيير في 2003، ولا سيما في كركوك والموصل والمناطق المتنازع عليها الاخرى .. فلقد تجاهلتْ المهام الكُبرى، وإلتَهتْ بصغائر الامور ! .. واليوم يُريدون بِجرة قَلم، ان يُعيدوا الظروف الى ما قبل عشر سنوات، ويضعوا قطار الكُرد على السِكة الصحيحة .. لكن المُشكلة .. ان ما كانَ مُمكناً ومُتاحاً في ذلك الوقت، وبدون خسائر تقريباً .. لم يعد كذلك الآن (فالفُرص الممتازة تسنح عادةً لِمرةٍ واحدة فقط) .. فالوضع قد تَعّقدَ، والاوراق إختلطتْ، والتوازنات السابقة إختلتْ ..

أعتقد .. ان ما سيحصل عليه الكُرد اليوم، نتيجة الأزمة الحالية، وبعد الشَد والجَذب والتهديدات المتبادلة، والتصعيد الخطير والمصاريف الكبيرة والمساومات والتنازلات .. لن يتعدى نصف ما كانوا يستطيعون الحصول عليه بِسهولة، قبل عشر سنوات .

كُل ذلك، نتيجة: سوء الإدارة والإنقسام في الصف الداخلي، والتنافسات على المال والنفوذ والسلطة، وعدم الإستفادة من التجارب السابقة .. وأخيراً والأهَم لإطمئنان الأحزاب الحاكمة، من ان " الشعب الكردي " لا يمتلك، لِحَد اليوم .. الوعي الكافي والإرادة الصلبة .. لكي يُحاسب هذه الأحزاب، على أخطاءها السابقة والحالية !! .

  

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2297 الجمعة 07 / 12 / 2012)

في المثقف اليوم