أقلام حرة

هل يخرج المالكي من الازمة الحالية بسلام / عماد علي

في هذا التوقيت الذي اختاره المالكي بقصد، وانها معلوم الهدف وهو من اجل ان ينفذ بجلده من الجانب السياسي، وهو يعتقد بانه يخرج بهذه الطريقة من الوحل الذي اوقع نفسه فيه دون مبرر، او اوقعته دائرته وهو لا يعلم، ولكن على الرغم من انه تبين له مبكرا بانه لم يكن دقيقا في حساباته فهو مصر على غيه، واستوضح للجميع بانه لم يعتبر من التاريخ القريب حتى، وانه لم يعلم او لم يلقى الوسيلة التي تدله الى الطريق المناسب في ترشيده وبيان الوضع العام، واوضع للجميع بانه ابتعد عن الواقع . احتسب معادلاته عن ما اقدم عليه اثناء فترة حكمه ولكنه لم يقدر على المقارنة بشكل علمي واضح بين القضايا المختلفة، واحتسب بانه يعيد تجاربه مع الاجزاء الاخرى من العراق ويطبقها على اقليم كوردستان، ولكن دون ان يلتفت الى الامس القريب وما فرضه الامر الواقع من العقدين من الزمن من استقلال التام لاقليم كوردستان غير الرسمي على ارض الواقع مع العراق على الرغم من كل الحصارات الداخلية والخارجية التي فرضت عليه، والمالكي يعرف قبل غيره جبروت نظام صدام الدكتاتور مقارنة مع ما يتمتع به هو من القوة القليلة التي اغترته، مع العلم انه حتى  انكر الفضل لذلك الاستقلال الذي تمتع اقليم كوردستان به عليه وعلى مسيرته الشخصية من كافة النواحي .

اننا نتذكر جيدا تعامله مع اهل الغرب والوسط من السنة ونجاحه النسبي فيه شيئاما وبتعاون مجموعة من المصلحيين وبدعم امريكا الذي ينكره اليوم، ونعرف كيفية مجابهته مع كتائب اهل الحق ونجاته من انقاذ حتى راسه بالصعوبة البالغة رغم دعم امريكا ايضا، ونعلم ايضا سياساته البراغماتية وطريقة ترنحه بين حضني امريكا وايران ووصوله الى ما هو عليه اليوم وما اعتمده حتى اضراره باقرب الاصدقاء ورفاق دربه من حزبه من اجل مصلحته الشخصية فقط . ان كان صراعه الداخله مع رفاقه في حزبه بهذا الشكل، وهذا ليس من شان الشعب العراقي التعليق عليه لانه هذا من شان رفاقه محاسبته، الا انه بتلك الروحية والطريقة والجوهر يريد السيد المالكي تطبيق ذلك التوجه وتلك الافعال الحزبية وما نجح فيه داخليا في حزبه على الشعب العراقي جميعا من خلال منصبه كرئيس لمجلس الوزراء، وهذا ما يفرض وضع حد حاسم له بسرعة ممكنة .  ان المالكي اخطا كثيرا ونجح في التهرب او الخلاص من العقاب الذي كان من المفروض ان يواجهه، نتيجة الظروف الموضوعية التي انقذته من الانغماس وتعلقه في الوحل .

اليوم وبعد ارتكاب السيد المالكي الخطئين الفاضحين من حيث انكسار شوكه عند تراجعه عن الغاء البطاقة التموينية رغم اصراره على ما اقره، وانه زاد الطين بلة عندما اُُكتشف الفساد في صفقة الاسلحة الروسية وأُعلن على الملا من قبل روسيا قبل العراق، وهكذا يحاول المالكي لفت النظر بشكل مكشوف رغم رفع الغطاء عن فساد اخر وهو عملية شراء الاسلحة الجيكية قبل الاسلحة الروسية وما جرى خلالها والمشتبه به هو والمقربين منه . بعد كل تلك الفضائح يشعر المالكي بانه خسر النسبة الكبيرة من رصيده وخاصة عند ابناء جلدته وهو كان يطمح في الحصول على الاغلبية، وكان يعمل ذلك للانتخابات النيابية المقبلة من اجل تشكيل حكومة الاغلبية بنفسه، وكما لوح بنفسه ومن حوله من خلال تاكيدهم على ترشيحه في الدورة المقبلة . فاليوم وبعد كل تلك العقبات التي تواجهه من فعل يده يحاول ومن معه تعويض ما تفوته من صوت الشيعة باية وسيلة ممكنة (وهو متاكد من عدم حصوله على صوت كوردي واحد) فيتخيل بان اقرب الاحتمال هو الصوت السني المتشتت، ولهذا توجه الى دغدغة الحس القومي ويحاول بكل الوسائل جلب انتباه السنة بالسياسة والمال . اكد هذا القول بالحرف الواحد اثناء لقاءاته الصحفية وتصريحاته واخر ما اكده على هذا التوجه هو قوله بان الشيعة هم من ساعدوا صدام على حكمه الدكتاتوري الجائر ايضا وليس السنة لوحدهم، ومن كان يدقق في ملامح وجهه نفسيا فهو يستنتج ما اكد عليه بانه فضح ما بداخله وكشف نفسه للمواطن البسيط دون ان يعلم ان الشعب العراقي اكثر وعيا من تلك التكتيكات والدوران حول الحلقة المفرغة، وهم اعلم بامور السياسة وليس له الحق ان يستهين بهم بالكلمات المنمقة الزائفة . بعدما تيقن الرجل بان مواقف الكثير من الجهات الخارجية والداخلية تغيرت نحو ولم يفده الصراع الاقليمي الدائر بشيء الا ما عقٌد له امره فانه اراد التلاعب بالالفاظ واللعب بين المتصارعين والمتحاربين، وفشل في ذلك ايضا وكشف نفسه وولى امره لسيده بسرعة فائقة ايضا .

بخلق السيد المالكي هذه الازمة ان كان بعلمه او هناك من ادخله فيه فادخل نفسه في النفق المظلم، سواء اوصلها الى الحرب او تراجع عنها، فانه الخاسر بكل معنى الكلمة ومن الجانبين . وهذا ما يدلنا الى انه غرر به وكيف لا وهو لا يعلم بان المواجهة مع الكورد عواقبه وخيمه وكم قبله دفع ثمنه وان ضحى الكورد بكل شيء من اجل اهدافهم الحقة. ووفق كل المعطيات وما يمتلك الكورد اليوم من الموقع السياسي والقوة  الثقل السياسي قبل العسكري وما لديهم من الاوراق السياسية الاقتصادية التي تفرض تنازل المالكي حتى الركوع او الانتحارالسياسي، وكل الاحتمالات ليس لصالحه، بل الاقل خسارة هو تراجعه مع بقاء ماء الوجه وعليه ان  يواجه التهميش في الحياة السياسية لمدة غير قليلة. سفك الدماء الغزيرة المتوقع لن يدع خروج المالكي بسلام وفي هذا العصر بالذات، ومن المتوقع ان تهيج كافة المكونات العراقيةعليه في تلك الحالة التي يريد الوصول اليها لانه سيخرب البيت العراقي بعدما اعتقد هذا الشعب المسكين المغلوب على امره بانه يعيش بامان ويبتعد عن الحرب. واخيرا يجب ان ان نقول حقا ان للماكي الفضل اليوم من تقريب الوجهات الكردية وهو من  وحد البيت الكوردي  بافعاله وتهديداته وتصريحاته وما استند عليه من اثارة النعرة القومية والفاظه من نطق الحرب بانه بين الكورد والعرب، وحتى النظام الدكتاتور العراقي البائد كان يسمي حربه بانها مع المخربين وليس الشعب الكوردي كما يفعلو يلفظ المالكي اليوم . وهذا ما دفع المخالفين مع سلطة حكومة الاقليم ان يتوحدوا ويدافعوا بقوة وحرارة عالية عن الاقليم .

لذا، اننا نستنتج من ذلك ان المالكي قد خطى خطوة خاطئة جدا هذه المرة، ويجب ان نقول ان نتيجة تلك المغامرة المالكية واضحة المعالم جدا منذ اليوم ومن المتوقع وبنسبة كبيرة بانه لن يخرج منه سالما معافاة، وتنكسر الجرة هذه المرة على راس صاحبها وعندما يحرق الاخضر واليابس فانه ينهي حياته السياسية عند حدود كركوك فعلا . 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2297 الجمعة 07 / 12 / 2012)

في المثقف اليوم