أقلام حرة

حوار المثقف والثقافة في واسط / صالح الطائي

نعم تركت أثرا واضحا على العراقيين المزيفين تحول إلى فعل دموي همجي؛ ولكنها لم تنجح قطعا بترك ولو ندبة صغيرة على (أبناء الحمايل) من نجباء العراقيين الذي لم يكتفوا بتبادل الود فيما بينهم وإنما سعوا جاهدين لتأصيل الود وتأطير علاقة بحجم العراق الواحد كله فلم يمنعهم الوضع الأمني المرتبك، ولا المخاطر التي تحيق بمن يترك داره، ولا زحمة ووحشة الطريق ولا طول المسافات وقلة الزاد وصعوبة السفر، فحملوا قلوبهم على راحتيهم وانطلقوا يجوبون الفلوات يمهرون وجه المشهد الثقافي العراقي بأختامهم التي ورثوها عن آبائهم البابليين والآشوريين والأكديين ويقدموها شمسا وأملا واعدا للعراقيين ولأبنائهم القادمين تثبت أنْ ليس للثقافة حدود ولا للمثقف رادع أو مانع إذا ما أراد أن يوصل صوته وفكرته إلى العالم، فالمثقف اليوم هو فارس المرحلة الذي يحمل القلم بدل السيف والورقة بدل الدرع ليصارع وينازل كل الأعداء الحقيقيين والمحتملين وكل من أراد تجزئة الثقافة العراقية وتقسيمها حصصا كما فعلات المواقع الرسمية والمراكز الوظيفية السيادية والجبهات الفئوية، لا حبا بالمغامرة ولا سعيا وراء الشهرة أو المنفعة الشخصية؛ بل تأكيدا على أن المثقف يرفض التقسيم والمحاصصة بأي جلباب تجلببت وأي قميص تقمصت.

إن اجتماع المثقفين العراقيين مرة في بغداد وثانية في السماوة وأخيرا وليس آخرا في واسط الخير وكأنهم أفراد عائلة واحدة جاء ليقول كلمة حق بوجه سلطويات جائرة أرادت لابن (واسط) أن ينأى بنفسه عن أخيه ابن (صلاح الدين) ولابن كربلاء أن يحيد عن أخيه ابن الأنبار، ولقد نجحوا في إثبات حقهم بثبات موقفهم فكان لقاء واسط يوم الجمعة 7/12/ 2012 في منزلي وضيافتي أولا ثم في قاعة مجلس المحافظة ثانيا بجلسات امتدت من الساعة (11) صباحا وحتى السادسة مساء تتويجا لحراكهم الساعي إلى مد جسور الود والحب والتعاون المثمر بين المثقفين في المحافظات العراقية كلها عربيها وكرديها، مسلمها ومسيحييها، سنيها وشيعيها، وهو الصوت الذي أطلقناه عاليا ليقف قبالة الأصوات النشاز التي ترتفع في أرجاء ساحة العراق اليوم؛ والتي يدعو بعضها إلى التفخيخ والتفجير، ويدعو الآخر إلى الإقصاء والتهميش، ويدعو الثالث إلى التأقلم والكانتونات الاثنية وحتى الجندرية بغطاء الفيدرالية الاثنية والكونفدرالية العرقية والحواجز العقدية.

وإن كان اجتماعنا هذا قد اقتصر على مثقفي النجف وكربلاء وبابل والسماوة والناصرية وبغداد وصلاح الدين فالأمل كبير جدا بأن نُشرِّق ونُغرِّب عن صلاح الدين لنصل إلى الأنبار العزيزة والموصل الحدباء وكركوك الشعلة الدائمة وأربيل والسليمانية ودهوك لتكون الثقافة العراقية بطعم العراق كله.

أنتهز هذه الفرصة لأعرب عن شكري وتقديري الكبيرين لجميع الأخوة الأعزاء الذين شرفوني بحضورهم من محافظاتنا العزيزة؛ ولمؤسسة المثقف العربي وموقع صحيفة المثقف، وللمثقفين الواسطيين الذين دعموا المشروع فكريا وأسهموا في إغناء الحوار الفكري بآرائهم السديدة ومداخلاتهم الساخنة، وللسادة المسؤولين ولاسيما الأستاذ الفاضل حيدر جاسم والأستاذ أبو نضال والأستاذ أبو سرمد.

أما يحيى السماوي الذي غاب عن اللقاء بسبب المرض فقد عز علينا والله أن لا يكون ملح الجلسة فقد كان لغيابه فراغا لا يمكن ملئه؛ وثغرة لا يمكن سدها، فلنرفع أيدينا جميعا بالدعاء له بالسلامة التامة.

وأما الأستاذ ماجد الغرباوي فبالرغم من بعد المسافة بيننا وبينه، كنا نحلم ونشعر أنه بيننا يشاركنا الفرح.

ولا يفوتني تقديم الشكر والوفير إلى امرأتين كان لهما دورا فاعلا في اللقاء وهما زوجتي الحاجة أم أيمن التي أنجزت كافة متعلقات الضيافة بصبر ورحابة صدر، والدكتورة ماجدة السعد التي مثلت كل النساء العراقيات المثقفات في اللقاء وكان لها الأثر الفاعل في الحوار.

    

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2298 السبت 08 / 12 / 2012)

في المثقف اليوم