أقلام حرة

الربيع العربي من الاوتوقراطية الى الثيوقراطية ـ خاتمة الحلم العربي / عبد الجبار منديل

ثم انتقلت شعلة الثورات الى مناطق اخرى .. توقع العالم اجمع بان العالم العربي على عتبة عصر جديده عصر تمسك فيه الجماهير بمصيرها وتحدد مستقبلها بنفسها بعد ان كانت اسيرة لدى العسكر وخاضعة للانقلابات العسكرية التي كانت هي الاسلوب الوحيد المعتمد للتغيير في هذه المنطقة من العالم .

 

 ولكن ماذا كانت المحصلة؟ كانت النتيجة ان ركبت الموجة القوى التقليدية ورجع العالم العربي يدور في نفس الدوامة التي ما يزال يدور فيها منذ الف سنة . وهو ان قوى تقليدية بوجه جديد واسم جديد تتسلم السلطة لتسلمها لقوى تقليدية اخرى ولا يوجد تغيير حقيقي .

وهكذا فان اوتوقراطية زين العابدين بن علي في تونس واوتوقراطية حسني مبارك في مصر تتخلى عن السلطة لتسلمها لثيوقراطية الاخوان المسلمون وهما معا من نفس القوى التقليدية التي تحكم العالم العربي منذ مئات السنين . ولعل السبب الرئيسي هو ان الافكار التقليدية التي تلد كل تلك القوى متجذرة في الموقع العربي بحيث لا يستطيع منها فكاكا . فالتغيير هو في الوجوه فقط وفي العناوين فقط . الفرق الوحيد هو ان الاوتوقراطية هي دكتاتورية فرد في حين ان الثيوقراطية هي دكتاتورية جماعة . ولعل دكتاتورية الجماعةهي اشد هولا واقسى من دكتاتورية الفرد . فدكتاتورية الجماعة تحصي على الفرد انفاسه وتحاسبه وفقا لمعايير هاهي ووفقا لما تؤمن به من افكار وعقائد .

 في سنوات الخمسينات والستينات عندما قامت سلسلة من الانقلابات العسكرية في مصر والعراق وغيرها تفائل الناس وقالوا ان هذه تغييرات من نوع جديد وانها ثورات جذرية سوف تغير معالم المجتمع العربي ـبالطبع من حق الناس ان تتفائل وان تحلم ولكن لسوء الحظ ما هكذا تسير الامور حيث تجري الرياح بما لا تشتهي السفن . فرياح الثورات لا تلائم دائما سفن الشعوب .

لقد تحولت السلطات الحاكمة في حينه من تحالف الارستقراطية والمال او تحالف الارستقراطية والاقطاع او تحالف قوى الاستعمار الاجنبي والنخب المحلية الى تحالف العسكر والبرجوازية الصغيرة .

 

 وهكذا استمر حكم تلك الدول لعشرات السنين مرة باسم القومية ومرة باسم الوطنية ومرة باسماء ومسميات اخرى ولكن ليس حكما ديموقراطيا حقيقيا .

 

 الان يعيد التاريخ نفسه .فبعد ان هللت الجماهير للتغييرات وصفقت لها كثيرا كشفت النخب الحاكمة عن وجهها الحقيقي فاذا هي حكم تقليدي يتسلم الحكم من حكم تقليدي اخر فليس هناك تغيير حقيقي في الجوهر والفرق الوحيد هو ان اوتوقراطية الحاكم الفرد المستبد تحولت الى ثيوقراطية الجماعة المستبدة ولكن هذه المرة تدعي انها تحكم باسم الله وتلك مسالة خطيرة وسوف تؤثر سلبا على حاضر الديموقراطية ومستقبلها.   

 

أ.د عبد الجبار منديل/أكاديمي عراقي

 

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2301 الثلاثاء 11 / 12 / 2012)

في المثقف اليوم