أقلام حرة

شفافية الفساد في بلاد النهرين / باقر العراقي

فأصبحت صديقا للعمال وصاحب المحل، في أحدى المرات بادرني احد العمال وقال أتعرف يا صديقي لماذا يستخدم صاحب المحل أكياس نايلون شفافة وغير ملونه ليضع فيها ما يشتريه منه الزبائن، أجبته مشتغربا كلا، قال حتى نرى ما يوضع بداخل الكيس فلا يتجرأ احد على السرقة .

مرة أخرى تأتي منظمة الشفافية العالمية لتضع العراق على رأس بلدان العالم ومن الأوائل في الفساد المالي والإداري، وسط اعتراضات من الحكومة وتقاذفات سياسيه إلى تلك الجهة وهذا المسئول، فبعد أن كان في المركز الثامن من الخلف في عام 2011 من أصل 182 دوله، جاء عام 2012 ليضعنا عند الرقم 169 من 174 دولة لنتقدم إلى المركز السادس في الدول الأكثر فسادا، فهل أصبح العراق يقارن بالصومال والسودان وأفغانستان، وهل بسبب ميزانيته التي تعادل ميزانيات عده دول والتي لا تغني ولاتسمن الفقراء والمساكين ليوضع في ذيل القائمة؟؟؟؟

 

ولأني تعلمت تعريف مبدأ الشفافية من ذلك العامل العراقي الفقير والذي لا يقرأ ولا يكتب وهو بالتأكيد احد ضحايا الفساد الفتاك، بإمكاننا تعريف مبدأ الشفافية بالنسبة للمسئول وهي أن يحمل حاجياته بكيس نايلون شفاف حتى يراه الجميع، وحتى يبرأ نفسه أمام الشعب،ويدع التبرج والتزويق للآخرين، ولكن هل يكفي ذلك؟؟ بالتأكيد لا .

 

لماذا لا تظهر للعلن أغلب اللجان الحقيقية الخاصة بقضايا فساد ملياريه بل كل قضايا الفساد الكبيرة ماعدا تلك التي تخص موظفين صغار تعودوا على سخاء المواطن العراقي الكريم أو قد لا تتعدى سرقاتهم الخطأ الإداري؟ لماذا كثرت فضائح وزارة التجارة المالية والإدارية؟ ولماذا وافق وساند كبار مسئولي الدولة العراقية وزارة الكهرباء على شراء محطات كهرباء ملياريه لتترك لحد الآن ولعدة سنوات مع دبابات حرب الخليج الثانية المتهرئة في صحراء البصرة؟ ولماذا صفقة الأسلحة الروسية تنبعث منها روائح لا يتقبلها حتى الفاسدون أنفسهم؟ لماذا هذا التعامل القسري والغير مقبول من فقراء الشعب مع البطاقة التموينية المسكينة؟ ولو عددنا لطال بنا المقام ولا أريد أن أثقل عليكم سادتي القراء لأن الفساد شفاف جدا في عراق الرافدين، ويراه البائسون رغما عن أنوفهم المغلقة  من رائحته المنتنة،وفي المساء يسمعون الشتائم والصياح والتبرير من على شاشات القنوات التلفزيونية وأمام الكل (إن تكلمت عن فسادي، سأفضحك) وينجح جميع الفاسدين في التبرير لأن المواطن العراقي (حباب) وينسى ويغفر للمسيء ليعود وينتخب المفسدين  من جديد، وكما يقولون الظلم يحيا بالسكوت ..   

 

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2305 السبت 15 / 12 / 2012)

في المثقف اليوم