أقلام حرة

ديسمبر2012 نهاية العام أم نهاية العالم؟ / أحمد إبراهيم

نحن نصدّق الهجري أكثر من الميلادي، ثم نستخدم الميلادي أكثر من الهجري.!

فإن كنا نصدق الميلادي كل عام ان يوم 31 ديسمبر هو نهاية العام

فهل نصدقه هذا العام ان 21 ديسمبر2012 هو يوم نهاية العالم.؟!

نحن نصدق التقويم الهجري، على أننا أسلمنا وآمنا بصاحب الرسالة النبوية المباركة أولا، ثم بالهجرة النبوية المباركة ثانيا، فهل كنا كذلك نصدق ونؤمن بالتقويم الميلادي على أنه الأكثر إستخداما في يومياتنا "الروزنامية".؟

إن كانت الإجابة نعم، فعلينا الإعتراف بأن مخترعوا هذا التقويم (هنود المايا) في أمريكا الوسطى كانوا قد تنبّأوا قبل 5125 سنة، أن هذا العالم بكل مكوناته ومخلوقاته، سينتهي يوم 21 ديسمبر 2012.!

ورغم ان الموت حقّ لا نبأ أصدق منه، الاّ أن الإنسان هو آخر من يصدق الموت إلى أن يأتيه على ترقوته، وإن كان صافحه الموت شهريا وأسبوعيا ويوميا على باب داره وجاره! يرى جاره يموت ولايصدق الموت، أبواه يموتان ولايصدقه، وإخوته يموتون، وزوجته تموت، واحيانا أبنائه وأحفاده يموتون ولايصدقه، لأنه لايريد ان يصدق انه سيموت إلا إذا مات فعلا.!

وقد يتقبّل الإنسان الموت المفاجئ بإعتباره صدمة قد تتلاشي بين الجثامين المتلاشية في الكوارث والتفجيرات والحروب بأسلحة الدمار الشامل سابقا، وبين المقابر الجماعية وقنابل الطائرات وقذائف الدبابات لاحقا، ولايتقبّله موتا موقوتا وبعلم مسبق عن وقوعه توقيتا وتاريخا.!

قرأت اليوم في إحدى المنتديات والمدونات خبرا للشباب السعوديين نشروا خبرا: أنه تم تأجيل (نهاية العالم) المزمع في 21ديسمبر الحالي الى ديسمبر ما بعد خمسين لمئة سنة، وهو خبر جميل، لأننا بذلك نفسح المجال امام وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) وعلماء ورواد الفضاء الخواجات أن يكملوا أبحاثهم وتنقلاتهم المكوكية بين الأرض والقمر والمريخ إلى كواكب أخرى، كى نتجه بالدولار واليورو الى مترو الفضائي الأمريكي الأوروبي للتنقل بين الكواكب في حال وقوع كارثة نهاية كوكب الأرض بعد خمسين الى مئة سنة، بدل الأتوبيسات الهندية والصينية الحالية بين القُرى والمحافظات بتذاكر مُخفضّة بالجنيه والشلن.!

تعجبوني يا شباب.! نحن كنا شعب الأمل فلنبق عليه، نعيش على الآمال، وآمالنا على حساب طموحات غيرنا من شعوب تعيش على الإبداع والإنتاج، ليس المهم كم سنة عشت في هذه الدنيا، المهم ماذا أنتجت فيها، أنا لا أعتبر مخترعوا الكهرباء والسفن والطائرات والسيارات أمواتا، إنهم أحياءٌ يلدون كل يوم من خلال ما تركوا لنا من إبداعات في المطارات والمتروات والمحطات والمستشفيات، ولا أرى الطبيب الجراح هو الذي ينقذ الأرواح في غرفة العناية المركزة بالمستشفيات، وانما أرى "توماس إديسون" و"نيكولا تُسلا" يقفان خلف الطبيب الجراح بالكاشفات الكهربائية يضيئ لعينيه ويديه الطريق الى أعماق تلك لجراح المظلمة في أحشاء المريض، والذي لولا الكهرباء لما كانوا الأطباء والمعدات، ولا المستشفيات بالأدوية والإسعافات.

لو إفترضنا ان تكهّنات (هنود المايا) حقيقة،، وانه فعلا يوم 21 ديسمبر نهاية الكون، ثم إفترضنا ما روجوه الشباب في المدونة انه تم تمديد المهلة من خمسين الى مئة سنة أخرى، ياترى ماذا علينا ان نترك مع الإفتراضية الأولى؟ .. ثم ماذا علينا ان نعمل مع الإفتراضية الثانية.؟

مع الإفتراض الأول، لم يبق لنا من هذه الدنيا اكثر من سبعة أيام، أتوقع من الصباح كل منا يرى بجانبه من يمشي معه محطما ممزقا، على الشفاه نحيب، وفي العيون مأتم وعزاء وفي الصدور نواح ولطميات، كل يصافح صاحبه: "البقية في حياتك"، ويرد عليه المسكين بلسانه "حياتك الباقية" وبقلبه "يخسف عمرك، أنت الأول" ?

ومع الإفتراض الثاني، انه تم تمديد المهلة من خمسين الى مئة سنة، اتوقع العشريني يعود للطفولة، والخمسيني للمراهقة والتسعيني يستبدل المحراب بالدسكو.!

وهنا أرى لزاما أن نترك التقويمات كلها جانبا، ونلجأ ولو لساعة واحدة الى صاحب التقويم الهجري الذي أتانا من السماء حقا لا إفتراضا: (وعنده علم الساعة) ثم (وما تدري نفسٌ بأي أرض تموت، وبماذا تكسب غدا).

لنكتشف ان العلم بوقت الموت قبل الموت، كان يميت المرء قبل ان يموت

البقية في حياتكم بالإفتراض الأول

وللحديث بقية بالإفتراض الثاني

*كاتب إماراتي

بودّي وإحترامي ....

 

أحمد إبراهيم – دبي

تابعنا على الفيس بوك  وفي   تويتر

 

العودة الى الصفحة الأولى

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها: (العدد :2305 السبت 15 / 12 / 2012)

في المثقف اليوم