أقلام حرة

يا رجال الأمن دعونا نصفق لكم بدل أن نلعنكم

أمامها مجموعة من الإرهابيين الهمج الرعاع الأميين الجهلة الساقطين، بل وأن تكون قادرة على متابعة خيوطهم وأذرعهم الساندة والداعمة والآوية والمرحبة والميسرة والممولة، وأن تكون أقدر على مطاردتهم في جحورهم وسحقهم أينما كانوا في الداخل والخارج، وذلك ليس بالمستحيل أمام من يريد أن ينجز عمله تبعا لمقاييس الشرف والوطنية الحقة، ففي الأمس القريب ذهبت القوات الأمنية التركية إلى أقصى الأرض واختطفت عبد الله أوجلان من عرينه المكين في إحدى الدول الغربية بسرية كبيرة، وعادت به إلى تركيا من دون أن يعرف ذلك أحد من الخلق حتى أوجلان الذي أنتبه ليجد نفسه في غرفة سجن تركي وضباط الأمن يحيطون به.

أما أنتم وكما يبدو في المشهد العراقي المهدد بهزات كبيرة أخرى فلا زالت قواتكم تبدو ضعيفة كسيرة كسيحة ذليلة غير قادرة على أمر بل غير مستعدة لتنفيذ أمر، والدليل أمامنا واضح  إذ رغم أن أعداد الإرهابيين المجرمين القذرين ليست كأعدادكم وتنظيمهم ليس كتنظيمكم ومواردهم المالية ليست كمواردكم وتأييد الشعب لهم ليس كتأييد الشعب  لكم ومساندة الشرفاء لكم ليس كتعاون الحقراء والخونة والمجرمين معهم ومقدرتكم على التنقل العلني ليست كتنقلهم في الجحور والمغارات والمخابيء المظلمة . لكن الذي يحدث أنهم في كل مرة يسبقونكم في التفكير والتنفيذ وينتصرون عليكم، ويوقعون الأذى في الشعب المسكين، وتأتون أنتم بعد حين لملمة الأشلاء والأنقاض والسيارات المحترقة والجثث المتفحمة.

أتدرون ما هو السبب ؟ السبب أن إيمانهم بقضيتهم الحقيرة سواء كانت قضية مادية بحتة أو عقيدية سخيفة يحتقرها العالم كله أكثر من إيمانكم بقضيتكم الشريفة، بل لأنهم يملكون إيمانا ليس شرطا أن يكون بالله وأنتم لا تملكون إيمانا بأي شيء لا بالله ولا بوطنكم ولا بشعبكم  ولو كنتم تملكون أقل قدر من الإيمان لتمكنتم من دحر فلولهم ومنعهم من تنفيذ أعمالهم الدنيئة حتى لو كانت الدنيا كلها في خدمتهم وليس مجرد أفرادا حاقدين ومجموعة سياسيين قذرين.

ثم أتدرون أين يضعكم هذا؟ إنه يضعكم معهم في نفس المنزلة ونفس الدرجة من اللؤم والخباثة ولكن الفرق بينكم وبينهم أنكم تعملون بإسم الشرعية والقانون وهم يعملون بإسم شرعية الجهل وقانون الشيطان. ولو لم تكونوا مثلهم مع الفارق في اختلاف الأهداف والنوايا لتمكنتم بعد ست سنين من الخدمة في صفوف القوات الأمنية أن تقفوا لهم بالند وأن تنفذوا ولو عملا كبيرا واحدا يشيع الفرحة في قلوب الشرفاء بنفس قدر الألم الذي أثاره فيها عمل الإرهابيين اللقطاء ويثير الوجع والأسى في قلوب الأعداء في الداخل والخارج بنفس قدر الفرحة التي أشاعها فيها تزايد أعداد الشهداء والجرحى في العمليتين الكبيرتين اللتين وقعتا خلال شهرين الماضيين.

ثم أتعلمون ما هو موقفنا منكم؟ إننا بتنا نصبح ونمسي نلعنكم ونلعن قياداتكم ونلعن آبائكم وأمهاتكم وعشائركم ومعتقدكم ونتهمكم بالخيانة والتخاذل والجبن والعمالة والانحطاط  ونكيل لكم كل التهم السيئة الأخرى .

فهل أنتم مستعدون لتغيير هذه الصورة؟ وهل عندكم من الشرف والمروءة والوطنية ما يكفي لأن تجعلوا الناس تصفق لكم بدل أن تلعنكم، أم أن كل ما نراه فيكم هو حق؟

إن الساحة أمامكم وأنتم والسياسيون معكم في جانب وفريق،  والإرهابيون وأعوانهم العملاء الحاقدون في جانب وفريق آخر اللاعبون الكبار فيها بل حتى لا يوجد لاعب آخر سواكم فيها ولعبتكم هذه لعبة مصير وطن وشعب ودين وعقيدة وإنسانية وتاريخ من أقدم تواريخ الكون ضد همجية وتطرف وحقد ودونية وبذاءة وطائفية وخمول ورجعية وتفرقة عنصرية. فانظروا إبلا ما تمثلون وانظروا إلى جسامة ما تحملون وخطورة لعبتكم التي تلعبون !!

فإذا كنتم غير قادرين على إكمال اللعبة وتمام المهمة، أو غير قادرين على سبق الأعداء وهزيمتهم وسحقهم وإنقاذ الأبرياء من شرورهم، فأعلنوا هزيمتكم وانسحبوا من الساحة ودعوا الشعب يلعب بدلا عنكم،  فالشعب العراقي البطل المجاهد الذي هزم الطغاة على مر التاريخ أكثر قدرة على هزيمة خفافيش الليل الذين يألفون حياة الظلام  ويأتمرون بأمر الشيطان وجنوده من الإنس والجان

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1214 السبت 31/10/2009)

 

 

في المثقف اليوم