أقلام حرة

مسلسل (الدامي) درامه عراقية وانتاج برلماني

اجادت بها حناجر سياسي العراق وبلا استثناء ومن على شاشات الفضائيات وبمختلف اللهجات واللغات والاتجاهات . هذا هو الحل السحري بوجهة نضرهم، الحل العجيب الذي اختلطت به الاوراق بين الحاكم والمحكوم. فاذا كان المواطن باستطاعته ان يقوم بدور الحكومه فما هو دور الحكومة اذن؟ والبرلمان والرئاسات الثلاث والمجلس السياسي الاعلى والف وزارة وملايين السيطرات والحمايات واطنان المعدات والحواجز وغيرها من مسميات دخيلة وجديدة على العراقيين اذا كان الحل بهذه البساطة وبيد المواطن؟. ولنفترض جدلا ان المواطن قادرا على ان يؤدي الدور افضل من الحكومة ويتصدى لهذه المخططات. فماهي هذه المخططات؟ اليس من المنطق ان نعرفها لكي نتصدى لها؟ ومن هم مخططيها؟ ولماذا التستر عليهم وعلى مخططاتهم؟ فعلى الحكومه اذن ان تكشف الاوراق لكي نتصدى لهم فعلا وننقذ البقية الباقية من الشعب! والا فمن حقنا اذن ان نقول ان الفاعل الاساسي لهذا الخراب والدمار و كل هذه المخططات قامت بعلم من الحكومة و البرلمان ! و كل الجهات المسؤولة بدون استثناء ولهذا يتسترون عليهم ! من هم ياترى؟ولماذا الخوف منهم؟هل بعد هذا الدمار دمار؟وهل بعد الموت موت؟وهل من ينجو اليوم سيسلم غدا؟ وهل اصبحت السياسة العلم الذي يبني الحكومات الديمقراطية ويسن ارقى الدساتير وينصف الحشر والبشر والشجر يكون بهذا الغموض وهذه الانانية والطمع والدمار. كشفت الطائرات الامريكية امكان تفخيخ سيارات يوم الاحد الدامي، وعرفت ارقامها والوانها ومالكيها وكيف دخلت الى البناية ومن هم القائمين على الامن هناك، وابسط تحقيق يكشف العمليه برمتها، ولكن بعد كل هذه الادلة الفاعل مجهول والتكهنات مستمرة !يا(بذرة مغلية)

البذرة المغلية هذه مقولة شعبية يتداولها الشعب الصيني ويطلقها على كل شخص كاذب ومنافق ولشدة ما عجبني مضمون هذه الحكاية ولعلاقتها بموضوع المقال قررت ان انقلها لكم . واليكم الحكايه. يقال ان امبراطور الصين قبل وفاته اراد ان يختار خليفة له يحكم البلاد من بعد موته، بشرط ان يتحلى بالصدق والامانة و لا يعرف النفاق و الدجل. فأمر بجمع الشباب ليختار خليفته منهم، ولكي يختار لابد ان يرى عملهم ويراقب سلوكهم. فأمر بتوزيع بذور القمح عليهم وطلب منهم ان يزرعوها، والفاصل في اختيار الشخص المناسب ليكون خليفه الامبراطور وحاكم البلاد هو من تكون بذور القمح الخاصة به قد اثمرت ونمت بصورة جيده .واتفق معهم على ان يلتقوا بعد سنه من هذا اليوم وبنفس هذا المكان .وذهب الجميع ومرت الايام و اصبح الكل يحكي ويتحاكى كيف نبتت بذوره واثمرت الا شخصا واحدا وهو (لينغ) لم تنبت بذوره وماتت في حينها، وغلبه الحزن والالم واخذ يلوم نفسه و حظه بموت بذوره و عجز عن معرفة سبب موتها بالرغم من انه زرعها في ارض خصبة وسهر عليها اليالي ولم يقصر ابدا، واتعبه اكثر التفكير حول ماذا سيقول للامبراطور وهل سيقتنع بكلامه، واخذ يتدارا عن عيون الناس خجلا . وعند موعد اللقاء المقرر قرر ان لا يذهب خجلا من نفسه و خوفا من اتهامه بالكسل وعدم المبلاة، الا ان والدته شجعته وقالت له لا تخف يا بني ولا تخجل من شيئ ابدا . اذهب و احكي الحكايه مثلما حصلت لك ولا تخف لومه لائم في الحق. وذهب (لينغ) وهو يجر اذيال الخيبه والالم وخاصة عندما رأى الجميع وهم يحملون مازرعو ا من بذور القمح وهي مثمرة وجميلة .والتقى الجميع وحضر الامبراطور ورأى مارأى. فكان الكل فرحا الا(لينغ) كان منزويا خجلا حزينا لموت بذور القمح التي منحت له .وسألهم الامبراطور كيف نبتت هذه البذور؟ وماذا فعلتم لها؟ واخذ الواحد تلو الاخر يتكلم عن بطولاته وكيف زرع وسهر وتفانى وضحى من اجل الحصول على افضل نبتة (يالعباقرة الكلام الفارغ لان هدفهم الحصول على الكرسي باي ثمن كما نرى في عراق اليوم). وطلب الامبراطور من(لينغ) ان يتقدم ليعرف منه ما الامر، فقال (لينغ) يا سيدي انا عملت كل ما في وسعي ولكن لم تنبت بذور القمح هذه ولم اعرف السبب! وقبل ان يعتذر شكره الامبراطور وقال له انت الخليفة من بعدي يا (لينغ) لانك انت الرجل الوحيد الصادق الامين الذي أأتمنه على حكم البلاد من بعدي . لان البذور التي اعطيتها لكم كانت مغلية ومن المستحيل ان تنبت وتنمو طبعا، وكل ما نراه وتراه الان هو من باب الدجل والنفاق .ففرح (لينغ) ونجا وترأس البلاد بفضل صدقه و قوله الحقيقة . وانسحب الجميع بعد انكشف كذبهم . فهل ياترى نرى (لينغ) عراقي برلماني او سياسي او مسؤول واحد في العراق لنعرف منه الحقيقة المخفية .فالكل (بذور مغليه) والكل يرمي اللوم على الاخر والكل يعرف الحقيقه ولا ينطق بها والكل يغطي عليها لان همهم الاول والاخير كرسي الحكم بالكذب والغش والمداراة على المجرميين الحقيقيين. فيا (لينغ) العراق نحن بانتضارك لتقول لنا الصدق لكي نعرف عدونا الحقيقي ونقف فعلا بوجهه وبوجه مخططاته التي يشيرون اليها بدون انقطاع . ونتمنى لو نرى (ام لينغ) عراقية تستطيع ان تدفع بولدها لينقذ العراق ويسرد لنا حكاية العدو المتبرص بالعراق، او(ام لينغ) برلمانية تكون لديها الشجاعة هي الاخرى وتكشف لنا الحقيقة المخفية .

ارحمونا وارحمو الشعب العراقي من العدو الوهمي ودعونا نعرف العدو الحقيقي ولماذا تتسترون عليه؟ بعد ست سنوات من الدمار والارهاب والالغاز والتكهنات. من هو المجرم الحقيقي اخبرونا يا رجالات العراق السياسي؟

هل هي الحكومة الايرانية مثلا ..؟ احتمال كبير! لانها هي الآمر الناهي لاغلب البرلمانيين واكثر المؤشرات تدل على تورطها وخاصه بعد انفصال دولة القانون بقيادة المالكي عن الائتلاف الوطني فأرادت ان تلقنه درسا لن ينساه فقامت بهذه التفجيرات . لتقول للشعب العراقي ان المالكي ليس بوسعه ان يحقق لكم الامن الامان والتفجيرات ماهي الا مؤشرا على فشله في استتباب الامن وهي الورقة الفاعلة في الانتخابات المقبلة لفوزه او فشله . او لانها تريد ان تقول للامريكيين انا الفاعل الحقيقي في العراق ولا يمكن ان يستتب الامن الا بالحوار معي وهو هدفها الاول والاخير. فالتقرب وكسب ود الامريكان سعت وتسعى اليه ومستعدة حتى لتطبيع العلاقات مع اسرائيل لو سمحت لها امريكا ان يكون لها دور في العراق . ولكن بذور القمح المغليه من البرلمانيين بصمت بالعشره على انها براء براءة الذئب من دم يوسف والنصف الاخر منه يدينها وبالعشرة ايضا .

هي الحكومة السورية اذن؟ احتمال اكبر لانها تدعم الارهاب البعثي وتجند ما تجنده وهدفها ايضا ان تلتقي بالامريكيين وبالورقه العراقية نفسها، وطبعا نجد بين الاخوة الاعداء من البرلمانيين من يبرئها ومن يدينها فالتشكيلة البرلمانية (فري سايز) قياس يناسب كل الاحجام والاشكال والتوجهات .

ويمكن ان تكون الحكومة السعودية؟ احتمال لا يختلف عليه اثنين فهي منبع الارهاب الوهابي والقاعدي ومغازلة بارعة للامريكيين، وفعلت ما فعلت بالعراق بهدف الخوف من الهلال الشيعي ومنصفة للمثلث السني ولها تاريخ اسود مع العراقيين . وايضا لها من يبرئها ومن يدينها فلذمم البرلمانية لها تسعيرة وخاضعة للبيع والشراء حسب البورصه السياسية .

ام هم ازلام البعث المنحل؟فلا استغراب في ذلك لانها عادتهم واساليبهم المعروفة للجميع والمقابر الجماعية لا تقل دمارا عن تفجيرات الاربعاء او الاحد الدامي، والجهات الامنية مخترقة باكثر من الفين عنصر بعثي بمختلف المراتب في الاجهزة الامنية .ولكن كلنا سمعنا وشاهدنا جماعة برلمانية تبرئهم واخرى تدينهم لكثرة الاقعنة البرلمانية و شعرة معاويه هدفهم الستراتيجي .

ام هم البرلمانيون انفسهم؟ فوارد جدا لتصفية حساباتهم الشخصية وبلدان الجوار ومنابرها شاهد على خطبهم وتحريضهم واندفاعهم وطائفيتهم والشعب العراقي يدين اغلبهم او الامريكان أنفسهم لتغير الخارطة السياسية بأكملها وطبعا نجد من يدين ويبرء الامريكان ومن نفس الحكومة والبرلمان . ولكن تبقى الحالات التي ذكرناها مجرد احتمالات قابلة للتصديق والتكذيب .وعلى هذا المنوال الكل متهمون والكل ابرياء من دماء العراقيين، والكل اعداء والكل اصدقاء للعراقيين .

وعلى هذا الموال هزي تمر يانخلة . فالمسلسل الدامي حلقاته بعدد ايام واشهر السنة مستمر بالعراق وللسنة السادسة على التوالي وبنجاح تدميري للحرث والنسل .و بدون نهاية رادعة له من اي جهة عراقيه مسؤولة و بفضل الادانة والتبرئة لكل المتهمين من قبل منتجي المسلسل من البرلمانيين والمسؤوليين وكل من يشارك في العملية السياسية ضاعت حقوق العراقيين واصبح الفاعل والمجرم الحقيقي يتمتع بحرية اكبر والعالم كله يتفرج وادمن الارهاب في العراق . ولذا لم نشاهد او نسمع تنديدات او مظاهرات او احتجاجات فعلية في اي بلد عربي او مسلم على هذه الجرائم الارهابية التي حصدت ارواح الاف الابرياء من الشعب العراقي . وكأن العراقيين نزالوا من الفضاء او من كوكب لم يكتشف بعد او لان تبني الديمقراطية جريمة يحاسب عليها . وقتلهم بالجملة على يد الارهابيين والصداميين مسالة عادية يستحقونها. الا تبت اياديهم وعقولهم، فدوام الحال من المحال ولابد ان نرى عن قريب (لينغ) عراقي ينير لنا الطريق و لابد للعدالة ان تأخذ مجراها لتنتصر للعراقيين . واليوم قريب جدا لكن لا تستوعبة عقول (البذور المغلية) .فحلم العراقيين اكبر من ان يتصوره 270 برلماني و 300 تشكيلة حزبية مضاف اليهم ثلاثة رئاسات وكومة وزارات . ولكن اذا الشعب يوما اراد الحياة فلابد ان يستجيب القدر. والقدر ثورتهم التي ليس لها حدود على كل من يريد ان يعيد العراق للمربع الاول . وسيكشف لنا المستقبل عن الف (لينغ) لا تهمهم الا مصلحة العراق بأنهاء هذا المسلسل الدامي بقيادة النخبة القيادية العجيبة والتخدير باسم الدين والخوف من العدو الوهمي المجهول و المتستر علية من قبل رجالات العراق السياسي الجديد .

 

أ.د.أقبال المؤمن

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1215 الاحد 01/11/2009)

 

 

في المثقف اليوم