أقلام حرة

الهروب من العزة والكرامة

مفضلا الموت على البقاء في الجنة الوهمية والموعودة والتي لم يستطيعوا رؤيتها كما يراها المسؤولون والوزراء والرئيس.

 

الهجرة غير الشرعية أو الحرقة بالمصطلح الجزائري، هي جريمة يعاقب عليها القانون، سارعوا إلى التجريم، لكنهم نسوا أننا أصبحنا نقارن بدول إفريقيا الفقيرة جدا، التي يهرب منها أبناءها لكي يحضوا بثلاث وجبات في اليوم.

 

قد يكون المهاجر غير الشرعي يائسا وسلبيا، بل هو فعلا كذلك، وقد يكون مدمنا أو لصا أو مواطنا غير صالح، لكنه ليس حالة فردية شاذة، الجريمة التي اقترفها سبقه إليها المئات ومئات أخرى مستمرة في القيام بها، عدا عن الملايين الذين يحلمون بها ولكنهم لم يصلوا لدرجة اليأس التي تشجعهم على رمي أنفسهم إلى المجهول.

 

لو كانت هناك عزة وكرامة في هذا البلد، لماذا يهرب منه أبناءه؟ حتى لو كانوا أبناء غير صالحين، من المفروض ألا يهربوا لو وجدوا العزة الموعودة والكرامة التي يتغنى بها المسؤولون.

 

أمن أجل هذا استشهد مليون ونصف؟ أم أن غنائم الاستقلال وخيرات الجزائر محتكرة لفئة واحدة ووحيدة منذ أكثر من 40 سنة؟ ولأبنائهم وأحفادهم.

 

أبناء وأحفاد لم يعرفوا يوما ما هي المدرسة الجزائرية، ولا الجامعات أيضا، لم تلمس أحذيتهم أبدا الوحل الجزائري في مدن وقرى الجزائر العميقة كما يسمونها، هم كما يقولون عنهم في النكت المضحكة المبكية، لا يعرفون إلا الطريق المعبدة بين منزلهم والمطار الدولي. تلك هي المساحة التي تعنيهم من الجزائر، المطار وطريق المطار.

 

قد يكون في النكت مبالغة، لكنها لا تختلف كثيرا عن الواقع.

 

ربما هذه الفترة، وهذه العهدات المتتالية، هي فترة عزة وكرامة فعلا. لكن لمن؟ هي فقط لمن يحتكرون كل شيء جميل منذ الاستقلال.

 

أم أنهم يقصدون بالعزة والكرامة انخفاض وتيرة العمليات الإرهابية في المدن، وتعويضها بالجرائم المدنية وعمليات الاختلاس والنشل والاختطاف واغتصاب الأطفال؟

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1220 الجمعة 06/11/2009)

 

 

في المثقف اليوم