أقلام حرة

برنامج شامل

سر يفسر ذلك! وان المرشح مواطن شريف حتماً، وهو يمتلك برنامجاً شاملا: سياسيا واقتصادياً وثقافياً. وضعه بعد بناء وعناء وأكمل نواقصه بسقطات وشطحات السابقين عاما بعد عام حتى استقام.

واستغرقتُ في التفكير والتنقير، فاستغرق ذلك مني ليالي ونهارات وأنا في حيرتي بصحارى وفلوات، حتى اهتديت إلى لملمة الأجزاء ورسم الصورة، كما لملمت أجزاء الديناصورات المنقرضة وبنيت على ضوئها التصورات، فقلتُ: لابدَّ ان يكون المرشح قد وضع في اعتباره أن يحلَّ مثلث المشكلة العراقية حلا نهائياً ويعالج أضلاعه ضلعاً ضلعاً: الأول: (الكهرباء) وإصلاحها يؤدي إلى تشغيل المصانع والمعامل والمنشآت والشركات فيعود العراق بلداً صناعياً لا يستورد البضائع، والثاني: (الماء) وتوفيره يؤدي إلى إحياء الأراضي الزراعية واستثمار البساتين وإنشاء الغابات فيصبح العراق بلداً زراعياً يكتفي ويصدِّر، والثالث: (الأمن) وتحقيقه يؤدي إلى وقف التفجيرات وتعطيل التفخيخات، فيعيش العراقيون أعمارهم كاملة غير منقوصة، فيتعرفوا حينئذ على السعادة ويحسوا بالحياة. هذه هي التي يحتاجها العراق والعراقيون وأي مرشح لا يضع في اعتباره تحطيم هذا المثلث، ليس عنده برنامج موضوعي، بل برنامج ذاتي لتحطيم مثلث مشاكله هو. 

انطلاقاً من ذلك رسمت برنامج هذا المرشِح في ضوء إمكاناته وموجوداته، بعد أن زرته في محله فأبصرته جالساً خلف أكداس الأحذية وهو مطرق يدلي بفكره في بئر عميقة، لعله قلق جداً أو فرح جداً، إلا أن بصره وبصيرته لم تتعديا حدود أكداس الأحذية، وكنت أراه حين يمشي تتقافز نظراته إلى حيث أحذية المارة لشغله وألفته للحذاء. 

ذهبت الى أن برنامجه سيحل مشاكل العراق كافة (حذائياً)!! فالأولى (الكهرباء) بتزويد الأحذية ببطاريات فضلا عن طلائها بمواد فسفورية مضيئة، فيقضى على الظلمة، أما تشغيل الماكنات والمنشآت فلم اعثر على شيء له، وهذا حد وهمي، ولابدَّ انه وجد حلا حذائياً مناسباً لذلك. والثانية (الماء) بتزويد الأحذية بثواقب متطورة ليستطيع أي شخص أن يمارس الحفر بها راقصاً لو مهتزاً، لتكون بديلا من الأنهار الجافة والجداول الناشفة آلاف أو ملايين الآبار المحفورة التي تسقي كل ارض العراق فيستعيد مجده الزراعي، أما الثالثة (الأمن) فبتزويد الأحذية بحلزونات قافزة تمكن المواطن من القفز مسافة كيلومتر فيبتعد عن مكان التفجير والتفخيخ، فضلا عن تزويدها بعجلات صغيرة لإكمال عملية الهرب بسرعة فائقة، وهكذا تم الحل حذائيا جذرياً فطوبى له وطوبى لنا.

قد يكون الأمر كما ذهبت، أو قد يكون ما ذهبت إليه يحتاج شيئاً من الإنضاج، قد أكون قريبا نسبيا من الحقيقة أو بعيداً قصيا عنها، ولكني كنت مضطراً لتقديم أي اقتراح يبعد عن الوهم، معاذ الله، أن مرشحنا ليس عنده برنامج البتة فهذا يعني انه يريد من وراء ذلك أن يحصد العمارات والأرصدة الباهرة، ويجني الجميلات والملذات الساحرة، ويشتري مدينة أحلام وباخرة.. لقد عاهدتُ نفسي على ألاَّ أسيئ الظن بأي مرشِح.. معاذ الله أن أفكر بهذا .

     

     

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1226 الخميس 12/11/2009)

 

 

في المثقف اليوم