أقلام حرة

مجلس النواب والسرقة التشريعية

عمره ليضئ درب من تتلمذوا على يديه طيلة أربعون سنة من العطاء المتواصل وكان يتكلم بمرارة عن ألمه وهو يفترش احد أرصفه الشورجة لبيع السكائر كون الراتب التقاعدي لا يكفي لربع أجار شهره وأثناء ما كنت أكفكف بعض دمعاً قفز دون شعوراً مني امتد بصري إلى شاشة التلفاز حيث كانت احد القنوات تستعرض ألصحف العراقية الصادرة وإذا ني أجد خبراً مفاده أن مجلس الرئاسة يصادق مضطراً على قانون امتيازات مجلس النواب العراقي الذي نقضه مرتين وأصر مجلس النواب الموقر وصوت عليه للمرة الثالثة وبثلاثة أخماس المجلس وكل هذه التصويت جاءت في أشهر قليلة إلا أن ما يلفت النظر أن هذا القانون لا تستغرق عملية وروده إلى المجلس والتصويت عليه سوى أسبوع واحد في حين أن عشرات القوانين ما زالت حبيسة في أدراج أصحاب الامتيازات وعلمت أن امتيازاتهم المادية ستستمر إلى أثنى عشر سنة بواقع يصل إلى أربعين ألف دولار شهرياً كما هي الامتيازات الحالية إضافة إلى جوازات سفر دبلوماسية مدى الحياة واني أتساءل ماذا قدم هؤلاء ؟ ولا استثني .....إن من أهم ما قدموه هو بيع العراق إلى دول العهر السياسي وإضعافه وجعل الكويت تهدد باحتلال العراق والأكراد باحتلال كركوك والأتراك تهدد بغزوه حتى مدينة الموصل وإيران تمنع العراق من نفطه وماءه ويقبلون أحذية شيوخ السعودية وأمرائهم أمراء البغي والرذيلة والتخلف من اجل حفنة دولارات لقتل أخوانهم في الوطن .

ماذا فعل هؤلاء؟ سوى سوء الخدمات وسرقة المليارات وتنصيب الجهلاء على رقاب القوم وإدخال تجار الموت إلى قلب بغداد الحبيبة ماذا فعل هؤلاء غير حبس قوانين كانت لو شرعت لأنقذت فقراء العراق وأيتامه من الذل والعوز والحرمان كقانون النفط والغاز وفي الوقت الذي تعلو فيه أصواتهم لتهديم غرفة بنيت من الطين والتنك على مساحة عشرة أمتار من ارض العراق التي تطفح بالنفط يطالبون  بهدمها بحجة ان الساكن فيها متجاوز وهم في المقابل يختارون قطع أراضي في قلب بغداد لا تقل مساحتها عن ستمائة متر لهم ولآبائهم وأمهاتهم , ماذا فعلوا غير جعل العراقيين يملئون دول العالم ومنهم من أصبح طعاماً معتاداً لأسماك القرش أثناء محاولاتهم الوصول إلى دولة تؤويهم وآخرين اعتادوا الوقوف على أبواب سفارات دول كالمتسولين في الوقت الذي لا يصلح فيه رؤساء وأمراء الدولة صاحبة السفارة أن يكونوا خدماً أمام عظمة وكبرياء وتاريخ العراق والعراقيين .

ماذا فعلوا غير أن أصبح العراق ثالث افسد دولة في العالم وأول البلدان في أعداد الأرامل واليتامى ألا يخجل هؤلاء من قولهم ولنا في علي وعمر أسوة حسنة إلا يتذكروا سيرة عملاق الإسلام علي بن أبي طالب (عليه السلام) وحادثته الشهيرة مع أخيه عقيل الذي كان كفيف البصر حتى وضع الجمرة في يده كونه طلب درهماً من مال المسلمين الم يتذكروا سهر عمر وطوافه الازقه لئلا يكون هناك جائعا يسأله الله عنه إلا يخجلوا من الله من الإنسان من المهجرين من المهاجرين من السجناء من المحرومين ممن يعتاشون على نفايات البراري والمطاعم ألا يخجلوا ممن يلتحفون السماء على الأرصفة ماذا فعلوا حتى يأخذ احدهم كل ماأخذو والمبكي أن احد النواب العظام ممن استولوا على الامتيازات بالسرقة التشريعية كان طالباً لدى أستاذي بائع السكائر مربي الأجيال هذا النائب العتيد رسب لثلاث سنوات في السادس الإعدادي لكنه زور شهادة الإعدادية حينما أصبح سياسياً ومناضلا بقدرة قادر ودخل مجلس النواب والأغرب من ذلك إني حسبت راتب هذا الفاشل المزور عضو مجلس النواب الموقر لشهر واحد فوجدته يعادل راتب أستاذنا التقاعدي لمدة اثنين وثلاثين عاما أي فوضى وأي سرقة هذه قبحكم الله وأخزاكم في الدنيا والآخرة ما أقبحكم من بشر لا يقيموا لله والدين وزناً ولا للقيم والأخلاق والحلال والحرام في منهجكم موضعاً إنني أدعو كافة الشرفاء من العراقيين ومنظمات المجتمع المدني بإقامة دعوى للمطالبة بإبطال هذا القرار واتحدي مجلس النواب بان يعرض على شاشات التلفاز ما دار خلف الكواليس لمناقشة وإقرار هذا القانون المخزي .

 لكن تذكروا مني كلمه أخيره بان الإنسان يمكن آن يصل إلى أرقى المناصب ويمكن أن يجمع الأموال ويمكن أن يحصل على الكثير مما يريد لكنه ليقدر أن ينظف تأريخه وأنكم قد كتبتم طيلة سنوات عملكم في البرلمان الأعرج تأريخا لايشرفكم وسيكون لعنة عليكم إلى يوم الدين وستكون صناديق الانتخابات القادمة هي الحكم  . 

 هيفاء الحسيني إعلامية وناشطة في حقوق الإنسان

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1226 الخميس 12/11/2009)

 

 

في المثقف اليوم