أقلام حرة

سقوط جدار برلين: السقوط الأكيد لجدار اسرائيل

اربعينات القرن الفائت، اقتبسها كبير الاثنولوجيين والأنثروبولجيين وأحد أعمدة البنوية كلودليفي ستروس اليهودي الديانة- -الذي فارق الحياة مؤخرا-ي مقدمة محاضرة له بمنظة اليونسكو في السبعينات، حول التمييز العنصري بجنوب وافريقيا الذي لم ينتقد اطلاقا عنصرية شعبه باسرائيل

الاحتفال الأوروبي بسقوط حائط برلين في سيرك المهزلة الانسانية:

تنافس الاعلام الغربي –لأكثر من أسبوع من لشبونة الى هلسنكي-، في ابراز المظاهرالاحتفالية بذكرى سقوط حائط برلين الأعظم، للتعبيرعن الهسترة الجماعية الانتشائية باللحمة الغربية الجديدة، التي يرمز اليها سقوط الحائط، الذي عجل بالاطاحة بالمعسكر الاشتراكي، وكان الثمن، هو تفكيك الاتحاد السوفياتي الذي فقد ربع أراضيه وحوالي نصف سكانه، وحول الغرب ولاياته السابقة، الى حدائق خلفية ترتع فيها المخابرات الغربية وشبكاته الجاسوسية،، وبؤرا لاشعال الثورات المخملية في المناطق خارج السياج الغربي أو المستعصية على التغريب، بعد الصفقة المشبوهة ما بين غورباتشوف-هيلموت كول وغورباتشوف- ريغان وهيلموت كول- فرانسوا ميتران

كما تنافس الرؤساء الأوروبيين الحاليين والمتقاعدين، ووزراء ثقافاتهم وخارجياتهم، ومثقفيهم ومفكريهم ومبدعيهم واعلامييهم، القدماء والجدد، والمهرجين الطفيليين من المتسلقين من عباد الأضواء، في الاشادة برمزية سقوط الحائط، وتباروا في ذكر مناقب الوحدة الأوروبية الجديدة، والعزم على عدم العودة الى مسببات الحربيين المدمرتين اللتين قسمتا ألمانيا الى شرقية وغربية، فدندنواكلهم متطربين بمركزية القيم الأوروبية ، والتذكير بكونها المرجعية الوحيدة للتاريخ البشري والعمل على ضرورة تقويتها، بالنظرالى المستجدات الجديدة الطارئة –شرق أوروبا وغربها ومحيطها المتوسطي،

ثم التقى الثنائي والعدوان التاريخيان التقليديان-، فرنسا وألمانيا – بباريس، (واللذان كانا في نفس الوقت وراء مشروع الوحدة الألمانية (ميتيران-كول) حيث أحيا كل من ميركل وساركوزي ذكرى المحرقة اليهودية في لقائهما الرسمي على منصة قوس النصر بالشانزيليزي تحت رفرفة العلمين الفرنسي والألماني - هذا اللقاء الذي تزامن للغرابة بزيارة ناتانياهو الخاطفة والمفاجئة للايليزي حيث اعطى الخطوط العريضةللخريطة الاوربية الجديدة التي اصبحت اسرائيل العضو الشرفي المميز ..وكررالزعيمان، ميركل وساركوزي تاكيد ضرورة حماية القيم الأوروبية المشتركة -تلميحا الى العضوية الجديدة للمدللة اسرائيل، التي ستلتزم مجموعة بروكسل بتدليعها بكل الدعم اللازم لبقائها، والالتزام بوحدة الصف ضد الهجمات المحتملة القادمة، وخلق جدارجديد منيع ضد النازيين والستالينيين الصاعدين (الايرانيون والسوريون وحزب الله والأتراك وحماس والمتمردون العصاةالشباب الجدد من الفلسطينيين على اختلاف مشاربهم السياسية، الذين ستفرزهم الحالة المتردية للصراعات الفلسطينية الحالية)، بالاضافة الى البرابرة الجدد القادمين من خارج الصور (افغانستان وباكستان وروسيا وكوريا والصين والصومال)، التي ستنسف القيم الغربية من جذورها...-حسب حسابات الغرب-

والملاحظ بأنه لم يتطرق أي زعيم، أو مؤرخ، أومثقف أوروبي –من داخل السياج- –في خضم هذه الهستيريا الاحتفالية- بتذكير الأوبيين بابادة الشعب الجزائري، الذي استمر أكثر من قرن الى ستينات القرن الماضي، أو الاعتذار للشعوب المنهوبة والمبادةمنذ منقبة الغرب الكولونيالية ، أو التذكير ببسالة الجنود المغاربة الذين لولا شجاعتهم لما تم تحرير الألزاس واللوررين من براثن النازيين

ولم تتم الاشارة الى ذكر العربدة العنصرية الاسرائلية الحالية في فلسطين، ولا للبربرية الأمريكية في العراق وافغانستان وباكستان

ولكم هو عقلاني وعبقري هذاالغرب المنتشي والمتغطرس، الذي كان في أمس الحاجة الى حربين مدمرتين، قضتا على أكثر من مائة مليون نسمة، ليتعلم في النهاية ضرورةالسلم والاخاء،

ولكم هو انساني هذا الغرب الذي أحرق مواطنين له من غيرديانته ليتعلم معنى الانسانية والتسامح، وليعلمها للآخرين، شريطة تصديرقذاراته وهذاءاته الى الآخرين

وقبل هذا الحدث الانتشائي الأوروبي بمناسبة سقوط حائطه، - بحوالي أسبوع- تم لقاء وزيرة خارجية الولايات المتحدة هيلاري كلنتون -الممثلة للطهرانية –البروتستانتية البيضاء الأمريكية، مع ناتانياهو الممثل لسجع الكهان التوراتية والابادة المقدسة للأغيار باسرائيل، وتم الاتفاق التام بينهما بشأن عدم التفاوض مع السلطة الفلسطينية حول قبول لاشرعية خمسمائة الف مستوطنة يهودية مع أي متفاوض فلسطيني مما أثار حفيظة رئيس منظمة كنديون من اجل العدالة والسلم في الشرق الأوسط C J P M O، السيد طوم وودلي Tom Woodlyالذي صرح للصحافة الكندية بما يلي لابد من معاملة اسرائيل كمحتل، قبل كل شيء، وألا تختلف معاملتها عن أية دولة في العالم، وألا يقبل المجتمع الدولي استمرار بناء المستوطنات الغير الشرعية على الأراضي الفلسطينية، كما يطالب رئيس هذه المنظمة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي اجبار اسرائيل علفى احترام القانون الدولي، وان الاستمرار على هذا النهج، يعني الاستهانة المستمرة بالاعراف الدولية، والقيم الانسانية، حتى ان جريدة هارايتز الاسرائلية انتقدت حكومة أوباما بانها تعالج قضية تنامي المستوطنات كما تعالج نشرة أخبار احول الطقس كموضوع هام جدا، للمحادثة والدردشة ولكنه يعتبرها من المستحيل تغييرهاأو ايقافها

وبهذا القرار(الاسرائلي-الامريكي المشترك) لم يترك للفرقاء الفلسطينيين :-يساريين ويمينيين، متطرفين كانوا أم وسطيين، اوللعرب المعتدلين أي مجال لاطالة لعبة الممارسات ا لهزلية السياسيوية ، واستمراء الشطح الأدباتي بتسويغ الاستمرارفي اللعب بمصائرشعب فلسطيني وأمة عربية، المصرين –معا- على اعتبارالكيان الصهيوني جسم غريب ودخيل في المنطقة، وأن استمراره معناه الموت العضوي النهائي للشعب الفلسطيني والشلل الكلي للجسم العربي، لتندرج شعوب المنطقة، ضمن قائمة سمج الشعوب الطوطيمية -بالمنظورالغربي-التي تم مسحها من خارطة الذاكرة البشرية الى أبد الآبدين، ابان الانطلاقة المظفرة للملحمات الاوربية الكبرى منذ بداية القرن السادس عشر، في مسيرتها المشحونة بالحبور الشهواني للابادات المقدسة والتنويرية في عوالم خارج المحيط الأوروبي

(ويبدوأن الغرب التظيري مصاب بالأمنيزيا الكلية في حق الشعوب المضطهدة لقرون من طرف الغرب الاستعماري-في حمى احتفاليته بسقوط جدار برلين- ولم يتساءل مثقفيه ولا نخبه او مفكريه، لماذا يحاول الغرب العودة من جديد الى مستعمراته السابقة باصراروعزم قويين وبطرق شيطانية ممنهجة للضرب في عمق دول الخارجة عن السيطرة

وهذه أسئلة يوجهها العالم الثالثي أو الرابعي أو الخامسي-كما يحلو للغرب تصنيف العوالم الغير المتاوربة - هي :

-لماذا هو مصرعلى الاستحواذ على المزيد الاراضي الخارجة عن السيطرةبنفس الطرق الهمجية السابقة وهو يحيي ذكرى الجدار الذي من المفروض ان يكون تذكيرا لعبثية الحروب ولا عقلانيتها

-أولايكفي سقوط جدار برلين تذكير الغرب باخطائه

وهل الغرب في حاجة الى حروب أخرى كبرى وصغرى مخطط لها –للغرابة خارج المحيط الغربي-، ليعي أن العالم قد تغير، وأن الأزمنة غير الأزمنة، ,......وأن لكل زمان أقضيته وأجوبته ورجاله، كما قال الامام مالك

-----------------

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1229 الاحد 15/11/2009)

 

 

 

 

في المثقف اليوم