أقلام حرة

شيوخ الإرهاب في دمشق

 هذا المؤتمر الذي لم يجد رواده الدائمون ومنظموه من مكانٍ لعقده، سوى في ربوع دمشق التي باتت مربطاً لكل المتاجرين بقضايا العروبة والإسلام باسم "الممانعة" و"المقاومة"، وتحت شعار " قلب العروبة النابض" و" آخر قلاع الصمود العربي".

كما ليس مهماً ما قاله شيوخ المؤتمر من خطب ومواعظ رنانة، لأن جلهم من أرباب السوابق في هكذا مؤتمرات، أي من وجوه عروبية وإسلاموية أكل الدهر عليها وشرب، لدرجة أن بعضها انعدم وزنها واتزانها داخل بلدها الأم، خصوصاً بعض الشخصيات الإسلاموية التي أمعنت في تطبيق مقولة " إذا لم تستح فافعل ما شئت " وهي بحضورها وخطابها التحريضيين تمعن أكثر من غيرها في رفع لواء المتاجرة عالياً بحق أصحاب القضية في فلسطين، ولا تستح من فعلها الأسود، وهي ترى شعباً عربياً قبل أن يكون مسلماً، مستباحاً في تراثه وتاريخه وحتى بانتمائه المذهبي، ونقصد الشعب السوري الذي أضافها واستضافها مكرهاً بفعل جبروت التسلط وطاغوت الاستبداد الذين مارسهما نظام الحالة الطارئة في تاريخ الدولة السورية .

إذن، ما يهم النظام السوري في اعتقدنا من هكذا مؤتمرات فلكلورية، إضفاء المزيد من الشرعية الزائفة على شرعيته "الثورية" الزائفة أصلاً، وهو قد نجح فعلاً في الحصول على ما يبتغيه شعبوياً وقطرياً، بغرض إظهار نفسه بصورة النظام المضياف للأحزاب العربية، وهو نفسه من ألغى الأحزاب وحجمها في جيبه الضيق، أو لنقل جعلها تحت الطلب، بما يترتب على ذلك كله، قتلاً للحياة السياسية في سورية .

ولعل السؤال الأساس الذي يطرح نفسه بإصرار، هل ثمة أحزاب عربية على شاكلة الأحزاب الأوروبية ؟ إذا كان الجواب بالنفي القاطع، فلماذا هذه المظاهر الخادعة، أليس من العار أن يشارك المهرجون العرب والمشعوذون باسم الإسلام، في هكذا مؤتمرات لا بل في مؤامرات، والسجون السورية تكتظ بمعتقلي الرأي والضمير، وجبهة الجولان لازالت خامدة منذ ما يزيد عن ثلاثين عاماً؟.

والغريب حقاً، أن نسمع نداءاتهم الممجوجة وصرخاتهم المشروخة، برص الصفوف نحو " المقاومة " والتحرير، فيما الإنسان السوري بحاجة إلى مَن يحرره من ربقة التمييز الاجتماعي والتهميش الطائفي قبل التفكير في تحرير الأرض .

ليس معيباً أن يشارك المحازبون العرب في مؤتمراتهم الهزلية، إذا ما احتوت على " لحسة إصبع" في كل عام وموسم، لكن من المعيب أن يطلق بعض الشيوخ والملتحين ومن لف لفهم العنان لتزلفهم وتملقهم لما يسمى لقلعة " الممانعة"، فما قولهم بمشروعية المقاومة والدعوة إليها في حضرة مَن يعتاش على مصائب الآخرين ونوائبهم، إلا مزيداً من التحريض على العنف والإرهاب، الذي لا يدفع ثمنه سوى الإنسان البريء، في كلا الحالتين . 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1232 الاربعاء 18/11/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم