أقلام حرة

هل سيعتذر حزب الدعوة نيابة عن السوداني؟

 أبان مرحلة التصفيات الجسدية التي شُنت على أنصاره الذين كانوا مثل "سنابل قمح تتمايل في ليلة صيف مقمرة "على حد تعبير أخر إصدارات حزب الدعوة الإسلامية.

هذا كله لا يخفى على أي متتبع ومراقب بسيط لتاريخ الحركات السياسية في العراق سواء كانت دينية أو علمانية التوجه أذا ما توخى الموضوعية والحيادية في قراءة خارطة هذه الأحزاب والتيارات .

ومنذ سقوط النظام السابق على يد القوات الأمريكية عام 2003 ورجوع الأحزاب والقيادات السياسية إلى العراق وتسنمها مواقع قيادية ومسئولة فيه ..منذ ذلك الوقت بدأت توضع تلك الأحزاب على المحك حيث قامت الأخيرة بترشيح بعض قياداتها وأعضاء مكاتبها السياسية لتولي زمام وزارات ومناصب مهمة في الحكومة وبالتالي أنتقلت هذه القيادات والأحزاب من أرض المعارضة إلى ساحة الحكم ...ومن فضاء النظريات والرؤى التي رسمتها أدبياتهم السياسية إلى معترك التطبيق والعمل .

للأسف ، ونقولها بحسرة شديدة ، قام بعض قيادات هذه الأحزاب بالإساءة الشديدة إلى تاريخ أحزابها ونضالها ودماء شهدائها حينما ظهرت ملفات فاسد مالي وأداري هائلة في وزارتهم أو دوائرهم التي تسنموا قيادتها ... والأنكى من هذا أن بعض من هؤلاء المتهمين بالفساد ينتمي لأحزاب سياسية دينية تتحدث باسم الإسلام .

وما حدث في وزارة التجارة أمر واضح وجلي على هذا النموذج الذي نتحدث عنه .. فالذي حدث، في رأيي الشخصي،  غير مقبول مطلقاً بحق وزير التجارة  أولاً وحزب الدعوة- تنظيم العراق ثانياً الذي شاهدنا أعضاءه في البرلمان يدافعون عن فلاح السوداني ويقفون معه ويحاول بعضهم تعكير الاستجواب كما نبه إلى ذلك السيد فرياد راوندوزي الناطق باسم التحالف الكردستاني حينما كان عبد الهادي حساني وهو عضو حزب الدعوة يعرقل الاستجواب !.

الشعب العراقي تابع الاستجواب وظهر له جليا تقصير وزير التجارة في هذه القضية بل أنني ومن وجهة نظر صرفة لم اجعل  من الاستجواب وما حدث فيه  معيارا يكشف لي الفساد الفظيع في وزارة التجارة !بل كان معياري الوحيد هو ما يأتي للفقير العراقي المسكين من مواد غذائية في حصته التموينية نهاية كل شهر ،أن جاءت أصلا في وقتها ،فهي مفردات اقل ما توصف بأنها بائسة ومن مناشئ غير أصلية وعن طريق مقاولين تكون لهم نسبة كبيرة في الربح على حساب الجودة .

وقبل أن يًقال السوداني سارع الاخير لتقديم استقالته لرئيس الوزراء الذي بدوره قبلها  في خطوة أثارت ردود فعل غاضبة عند بعض البرلمانيين وعدوها خطوة غير دستورية ولا قانونية حيث كان هؤلاء ينتظرون إقالته لا استقالته وبالتالي احتفاظه بكامل حقوقه !

ثم حدث الذي توقعه الكثير حيث اعتقلت أجهزة الأمن العراقية السبت السوداني، كما نقلت ذلك وسائل الإعلام الذي ذكرت أن  رئيس لجنة النزاهة بمجلس النواب، الشيخ صباح الساعدي، قال  أن سلطات الأمن في مطار بغداد الدولي طلبت من قائد الطائرة العودة إلى المطار مرة أخرى، حيث تم إلقاء القبض على الوزير السابق، بموجب مذكرة توقيف صدرت بحقه السبت.

والآن هل يسمح لي حزب الدعوة-تنظيم العراق أن أساله الأسئلة التالي؟

هل يمكن أن تعتذروا نيابة عن فلاح السوداني وتقدموا درسا رائعا في ثقافة الاعتذار؟

أم يبقى حزب الدعوة يدافع عن فلاح السوداني على الرغم من وضوح تقصير وزارته بشكل لا مجال فيه للشك مطلقاً !

هل يعلم أعضاء حزب الدعوة ماذا سيقول الفقير العراقي عنهم وهو يراهم يدافعون عن وزير التجارة؟

وأيهما أفضل للدعوة ...الدفاع عن فلاح السوداني أم الدفاع عن فقراء العراق؟

أنا أعتقد أن على الإخوة في الدعوة أن ينتبهوا إلى أصداء وتداعيات الفساد في وزارة التجارة في الشارع العراقي ولدى الفقير المسكين الذي بدأ  ينظر بتوجس وشك من الأحزاب الدينية التي لم تقدم ما يطمح له !

 

مهند حبيب السماوي

[email protected]

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1065  الاثنين 01/06/2009)

 

 

 

في المثقف اليوم