أقلام حرة

هَلْ مِنْ وداع لمأساة داحس والغبراء الثانية؟

وقال - ديكارت - أَنا أُفكر أذاً أنا موجود ، حيث أن هذا النمط من التفكير الراقي لايؤديه أي كائن غير الأنسان . 

لكن ماذا عن الآخر الذي لا يحترم الأنسانية ..؟  عن هذا الذي أعطى للشر بعداً جديداً .. في تأريخنا و حياتنا،، 40 أربعون عاماً عدد سنوات داحس والغبراء،.. قصة الحرب الطويلة التي دارت في العصر الجاهلي بين قبيلتي عبس و ذبيان وهي قصة الفرسين المشهورين في التاريخ  العربي - أسمهما داحس والغبراء - وكانت داحس أسم فرس لقيس بن زهير من قبيلة عبس، أما الغبراء .. فهي فرس لحذيفة من ذبيان، أشتعلت الحرب  عندما قام بعض من ذبيان بعمل مكيدة لفرس عبس عندما ضربوها على وجهها وهي تتسابق مع فرسهم الغبراء ..؟ وفي هذه الحرب قتل عنترة بن شداد العبسي ..؟

 بعدد هذه السنوات  كانت  تُشن على ديارنا الحروب والغارات والغزوات مستهدفة - المغضوب ِعليهم - تحت راية الجهاد المركب بالتعصب والجهل، ثم دونت هذه المغامرات الخاسرة كأمجاد تليدة في المناهج الدراسية  وفي النشيد الوطني..و....... .؟ لم يسلم الناس من آفة النفاق، حتى الشيخ أمام الجماعة صار على النقيض،عندما أحتضن الحاكم صار يقبله بشوق ويتوسل اليه بأن يقدم تفسيراً مغايراً من - وحي خياله - لآية قرآنية تملقاً و ذلةً، ثم يلقي خطبة ً- على الظنةِ - مليئة ًبالتكفير و التفسيق والعمالة لثلاثة أرباع الشعب للأجنبي .؟ ورجاه بالغاء الأمر الصادر بنقل مدير الأمن  لطيبة قلبه ورقته وخدماته الجليلة لأبناء الشعب المثكول .؟

عذراً أيها المتنبي ..؟

صارَ النفاقُ أمير المؤمنين لهم   ..........   فالحر مستبعدٌ و العبد معبودُ

 

40 أربعون عاماً عدد سنوات - حروب داحس والغبراء - أبتكر فيها حكامنا أعاجيب الأمور منها قاعدة فقهية على مقاس - الحاكم وأولاده و حاشيته -  ؟ المال ُالعام مالٌ سائب ليس له صاحب، فأن القائد و....... له خير ساحب .؟

وقائع أخرى صدمت حياتنا وكسرت قلوبنا .... المنافي والهروب  والقمع والقسوة .؟  وفقد الثقة، نكث الوعود وتحطيم العلاقات

والنفوس.؟ ما أبشع تلك الحروب المتراكمة التي عبثت بمصائرنا  و ساقت الموت والدمار لألاف البشر من آهالينا ضحايا للطائفية والعنصرية، عبر عنها -الشاعرالكبير نزار قباني- بحسرة وألم في قصيدته التي ألقاها في المربد 1985،  أمتحان حقوق الأنسان؟

 

مواطنون دونما وطن ..... مطاردون كالعصافير على خرائط الزمن .... مسافرون دون أوراق ... وموتى دونما كفن ....كل حاكم يبيعنا ويقبض الثمن .... نبحث عن ستارة تسترنا .. وعن سكن .... عن كذبة كبيرة ...تدعى الوطن ..؟

مواطنون نحن في مدائن البكاء .... قهوتنا مصنوعة من دم كربلاء ....

طعامنا .. شرابنا .. عاداتنا .. راياتنا ..زهورنا .. قبورنا .. جلودنا  مختومة بختم كربلاء..؟

معتقلون داخل النص الذي يكتبه حكامنا ...؟

معتقلون داخل الدين كما فسره أمامنا..؟

مراقبون نحن في المقهى .. وفي البيت وفي أرحام أمهاتنا ..؟

حيث تلفتنا وجدنا المخبر السري في آنتظارنا ..؟

مسافرون نحن في سفينة الأحزان ..... قائدنا مرتزق .... و شيخنا قرصان ..؟

مكومون داخل الاقفاص كالجرذان .. لا مرفأ يقبلنا .. لا حانة تقبلنا ..؟

كل الجوازات التي نحملها أصدرها الشيطان ..؟

كل الكتابات التي نكتبها لا تعجب السلطان ..؟

مسافرون خارج الزمان والمكان .. فلا بنوا هاشم يعرفوننا ... ولا بنو قحطان ..؟

ولا بنو ربيعة ..ولا بنو شيبان  ..ياوطني ..كل العصافير لها منازل ..؟

 الا العصافير التي تحترف الحريه ...فهي تموت خارج الاوطان..؟

 

أنتهت حرب داحس والغبراء بتدخل رئيسي قبيلتين عربيتين أصلحا الحال بين عبس و ذبيان  وتحملا ديات القتلى من أجل الأصلاح وجمع الشمل، وقد أشاد الشاعر المشهور النابغة الذبياني  في معلقته بالشيخ هرم بن سنان والحارث بن عوف ودورهما النبيل قائلا..

فأقسمت بالبيت الذي طاف حوله   ..........    رجال بنوه من قريش و جرهم

يميناً لنعم السيدان وجدتما    ............        على كل حال من سحيل و مبرم

تداركتما عبساً و ذبيان بعدما  .............      تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم

 

نكرر الدعوات الأنسانية التي سبقني اليها الكثير من الخيرين .؟؟

أيها الأخوة العرب .... أهداكم بلاد الرافدين  الكتابة والفن والعمارة والموسيقى ..

                          أهداكم بلاد الرافدين حمورابي ونبوخذنصر وأشوربانيبال..

                          أهداكم بلاد الرافدين المتنبي والسياب والجواهري والبياتي..

  وأهديتموه فتاوى التكفير و فلان وعلان وزرقاوي و المهاجر وكل حثالات البلدان ..؟

 

من ياترى - أي نبيل منقذ ؟ - يتدارك مأساة شعبنا  لينهي آخر فصول  قادسية - داحس والغبراء - الثانية، لنقول له أجمل الأشعار .؟

             هل من رشيد .. يصلح الشأن .؟

 

صادق الصافي - النرويج

[email protected]

 

 

 

   

في المثقف اليوم