أقلام حرة

يا عرب

من ينظر الى هذه المنطقة من العالم والتي تمتد من الخليج العربي الى المحيط الاطلسي والتي اصطلح على تسميتها بالعالم العربي او الوطن العربي مع ما يكتنف هذا الاصطلاح من تخفظات للأخوة الأمازيغ .. لا بد وان يلاحظ بأنها اضحت مركزاً للصراعات ومنطقة يتنافس عليها الطامعون .. فبعد ان تم اكتشاف النفط بها تم زرع اسرائيل في قلبها لتقسيم هذه المنطقة الى قسمين ولمنع التواصل البري بين جناحيها .. وبعد أن افلس الاستعمار القديم بوجهه القبيح أصر أدعياء الحرية على استخدام اسلوب آخر لسلب ثروات الوطن وبيع ما يخزنونه من اسلحة لأقطارها بحجة أو باخرى بهدف تعزيز ترسانة الاسلحة وتخزينها ... فوجود اسرائيل كخطر دائم وافتعال الحروب والاضطرابات في مناطق متعددة تستدعي التسليح وتقوية الأنظمة الحاكمة وكأن هذه الاسلحة ستوجه ضد اسرائيل .. ولم يقف الحد عند أطماع أدعياء الحربة والديمقراطية عند ذلك بل تزايدت اطماع الدول المجاورة وكل منها ينهش قطعة من ارض هذا الوطن ... فالاسكندرونة قضمتها تركيا والاحواز نهشتها ايران ولم يسلم العرب في مناطق أخرى ودول ضعيفة من الاستغلال والتمييز كما يحصل في تشاد ومالي وارتريا وكأن العرب اضحوا كالشاة بعد ذبحها والكل يسن سكينته ليأخذ إما قطعة وإما ثروة .. ونحن غائبون كالمنومين مغناطيسياً أمام الاطماع الخارجية فيما نفتعل الخلافات الداخلية على مستوى القطر الواحد أو بين اقطارنا المختلفة .. وحرمت علينا الأماني المشتركة والطموح بالوحدة بل على العكس زرعت بيننا الفرقة إما لأسباب طائفية أو مذهبية أو سياسية أو طبقية .. فمنذ قامت بريطانيا بلعب دور الحريص على مصالحنا - ومساعدتنا – في إنشاء جامعة الدول العربية أخذ التشبث بالقطرية بديلاً عن تعزيز القومية وكأن كل قطر ولسان حاله يقول انا أمة مستقلة بذاتها ... فبدلاً من أن تصبح هذه الجامعة رمزاً للوحدة أضحت رمزاً للفرقة وتعزيز القطرية ... وتعززت في نفوس الكثيرين منا القطرية احياناً والقبلية احياناً أخرى كل ذلك بالاضافة للطائفية والمذهبية ... وأخذت التيارات السياسية تضعف يوماً بعد يوم وخاصة تلك التي تنادي بالقومية أو بالتحرر ومنها تلك اليسارية... حتى اصبحت القومية عيباً عند القطريين واصبحت الليبرالية والتحرر مصطلح مرادف للكفر والالحاد صاحبه بروز تيار أخذ من الرعاية والاهتمام الشيء الكثير ، تيار لبس أو ألبسه الراعي والعراب الخفي الظاهر عباءة الدين والإتجار به مكفراً كل فكر آخر ومعارضاً لكل فكر ينادي بالدولة المبنية على اسس من الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية واصبح الإلتقاء بالميول المذهبية  اقوى من الانتماء القومي حتى لو لم يكن هذا المذهبي متديناً في يوم ما ... ولعل المرء يقف حائراً ليتساءل وما هو الحل واذا اخذنا بعين الاعتبار ان التربية والتوجيه القومي تواجه الكثير من الصعوبات والمشاكل فلا الدول مهتمة بذلك وليس للمجتمع ميل لذلك ولعل ذلك يعود لما تم سرده ولفشل الأحزاب القومية في تجارب الحكم واستغلالها للسلطة لتكون سيفاً مسلطاً على الشعب بما طبقته من حكم شمولي وفردي يختفي ويزول مع موت الحاكم .... ولربما يكون لفشل التيار الديني في الحكم نافذة تمكن التيار القومي من البروز إذا أحسن التعامل مع الظروف خاصة وان المجتمع برمته عانى ويعاني من تجار الدين الذين ظهروا على حقيقتهم بأنهم مجرد تجار يستغلون الدين للوصول الى مآربهم في الحكم والسلطة بالرغم من ان كلمة دين مازالت تعني الكثير خاصة عند الفئات الفقيرة والأقل تعليماً في المجتمع فهل من سبيل لاستغلال هذه الظروف آخذين بعين الاعتبار أن فشل التيار الديني يجب أن يعني بالضرورة فشل كل أشكال الطائفية والمذهبية .. فليس من سبيل للعرب للنهوض إلا من حركة اجتماعية واعية تستفيد من كل ما يحصل ومن التجارب السابقة وتتفاعل اجتماعياً لتعيد للقومية بريقها وألقها على اسس من الوعي والإدراك بكل ما يحصل من حولنا حتى نعيد للعرب بعضاً من عزهم المفقود .

 

في المثقف اليوم