أقلام حرة

الساسة ولغة الضاد!!

لا يوجد سياسي في دول الدنيا يرطن بلغته، وتضطرب في فمه الجمل بنحوها وقواعدها إلا في دولنا.

فلو أخطأ أي سياسي، في الدول المتقدة، بعبارة أو أخل بقواعد اللغة، لوجدناه تحت طائلة الصحافة بنقدها اللاذع، بل لتحول إلى أمثولة في برامج الفكاهة.

لأن اللغة هوية، ووطن، وفكرة وتفكير.

ومَن لا يعرف كيف يتكلم بلغته، فأنه لا يعرف كيف يفكر بوضوح ورجاح.

واللغة لسان حال البشر.

و "تكلموا تُعرفوا فإن المرء مخبوء تحت لسانه"

فالكلام الذي تقوله، يكشف هويتك ويقول مَن أنت.

ومنذ تأسيس دولنا، لم نسمع بسياسي أجاد إلقاء خطبة واحدة بلغة عربية سليمة، إلا لقلة نادرة منهم.

وهذا خلل حضاري، ومؤشر صارخ، وفاضح على التأخر، ودليل على تدني الثقافة، وضعف القدرة والمهارة في التفكير، والوصول إلى فكرة ذات قيمة نافعة.

وبسبب تردي لغتهم، فأن ما يتمخض عن إجتماعاتهم، وسياساتهم وأحزابهم وحكوماتهم، عبارة عن إضطرابات متنامية، تتفق وإضطرابات ما فيهم.

فاللغة السليمة تؤكد أن العقل سليم.

واللغة المضطربة تشير إلى عقل مضطرب.

وتلك مأساة أمة، لم تلد قادة وساسة بحجمها، ويدركون دورها، وإرادتها ومعاني لغتها.

فعبارات الساسة والقادة في الدول المتقدمة، تدرّس في المدارس، كأمثلة عن البلاغة وسلامة اللفظ وقوة التعبير، والقدرة على صب الأفكار في كلمات ذات تأثير وفعالية.

وعندنا تخجل من عبارات ساستِنا الخالية من أبسط معايير وقواعد لغة الضاد، التي ينطقونها وكأنها ليست لغتهم الأم.

فكيف لأمة أن تكون وقادتها يجهلون لغتها؟!

 

د-صادق السامرائي

          

في المثقف اليوم