تنبيه: نعتذر عن نشر المقالات السياسية بدءا من يوم 1/5/2024م، لتوفير مساحة كافية للمشاركات الفكرية والثقافية والأدبية. شكرا لتفهمكم مع التقدير

أقلام حرة

التقشف والولاية الثالثة

في كل الدول الديمقراطية ، يراهن المرشح على وعي المواطن، فمن يريد أن يحصل على أصوات الناخبين، عليه بالعمل الجاد والإبداع وإبتكار طرق جديدة من شأنها جعل حياة الناس أفضل، وعليه تقديم خطط واضحة وشفافة وقابلة للتطبيق، يقنع بها الجمهور للتصويت له مرة أخرى، أو حتى ولاية ثالثة .

فمثلا حظيت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل بثقة الألمان، وفازت فوزا ساحقا على منافسيها في الانتخابات التي جرت قبل أيام، وهي التي تعتبر قائدة التقشف وتقليل النفقات العامة للدولة،  وأستطاعت بذلك قيادة دول الاتحاد الاوربي نحو الأمان، أثناء أزمة إنهيار الاقتصاد العالمي قبل خمسة أعوام، وهي اليوم تعمل مع قادة الإتحاد الاوربي على إنتشال بعض الدول مثل اليونان وأيرلندا والبرتغال من ركودها الاقتصادي، بينما سقط معارضيها السياسيين المتمثلين بحزب البديل، بحصولهم على أقل من 5% من أصوات الناخبين الذي لم يؤهلهم للوصول الى البرلمان الألماني، وبذلك سقطت معهم دعوتهم بالعودة الى المارك الألماني والخروج من منطقة اليورو.         

أما في العراق يبدو أن الاية معكوسة الى حد ما،  فالمرشح  يعول كثيرا على بساطة المواطن وسذاجة الناخب في أحيان أخرى، ووعود اللسان هي من تحصد الأصوات، وعلى ذلك فليتنافس المتنافسون. ففي بلد يحصل على المراتب الاولى في الفساد عالميا، وأعلى نسبة في الارهاب والقتل اليومي، بينما يتنعم المسؤول بأعلى الرواتب والإيفادات والمخصصات التي لم يحلم بها أي مسؤول في العالم، وتفتح الميزانيات على مصراعيها أمام سفراته الخارجية بل وحتى الداخلية، إضافة للنهب المستمر من هنا وهناك بخيرات البلد الذي يعتبر من أضعف دول العالم مؤسساتيا .

فعند إفتتاح حقل الغراف في قضاء الرفاعي، صرفت أموال طائلة لغرض إعداد مأدبة "لمدعوين" عند أستقبال السيد رئيس الوزراء، وأهالي المدينة يعيشون الفقر والفاقة، وأكثر من ثلثهم يقع تحت خط الفقر، إضافة الى الاجراءات الأمنية الغير مسبوقة، وسد الطرق وغلق منافذ المدينة أمام أهلها، وتحليق مستمر للطوافات العسكرية في سماء المدينة، لم يرى مثله منقبل إلا خلال الانتفاضة الشعبانية عام 1991م ، كل ذلك لأجل أن يسمع المدعوون خطاب تقليدي معاد في كل مرة، وعليهم جميعا الاستماع، وعدم النطق ببنت شفه .

  من يريد ثقة الناس، أو حتى ولايه ثالثة، هل عليه وضع خطط تنمويه تنهض بالواقع المعيشي والأمني والخدمي؟ أم أن إعداد الولائم والمآدب أو توزيع قطع الأراضي، إضافة لسذاجة الناخب  هي التي يعول عليها في المرحلة المقبلة ؟ وهل أن وعي المواطن سيكون كلام آخر في الانتخابات القادمة؟  

 

في المثقف اليوم