أقلام حرة

دكتاتورية العراق الديمقراطية

ahmad alyasiriفي التاريخ المعاصر لم يكن العراق دكتاتوريا للعظم وانما شهد بعض التجارب الديمقراطية التي كانت ديمقراطيات غير مكتملة ومنقوصة، كتجربة العهد الملكي التي عاش بها الشعب فترة من الرخاء الفكري واحترام الحريات رغم ان امكانيات البلد المادية كانت محدودة . ولكنها لم تكن فترة ديمقراطية خالصة وشهدت بعض الانقلابات العسكرية واظطهاد لقادة الحزب الشيوعي العراقي الذي كان يمتلك قوى شعبية واسعة، إنقراض الشيوعية في العراق كان من اهم مسبباته اكتشاف النفط والتحول الصناعي الذي حدث وترك اثره في التركيبة الاجتماعية العراقية، فالشيوعية تحتاج لحاظنة شعبية فقيرة تستوعب أفكارها ولم تنجح في الدول النفطية الغنية . لعنة دكتاتورية العراق الديمقراطية استفحلت في عهد عبدالكريم قاسم الذي قاد انقلابا عسكريا ليؤسس جمهورية ديمقراطية..! وبدأت النخب والشعب تطبق الديمقراطية بأساليب دكتاتورية . حتى تآكلت الديمقراطية واصبح العراق اخطر دولة دكتاتورية في التاريخ المعاصر بزمن صدام حسين . فشلت كل محاولات احياء الديمقراطية في العراق الى ان دخل الأمريكان وصنعوا ديمقراطية بمواصفات طائفية تحكم فيها الأغلبية الأقليات مدى الحياة، وهذا النوع من الديمقراطيات هو دكتاتورية بامتياز تشعر الأقليات فيها بإلياس من تولي السلطة وتولد لديهم إحساس بالتهميش الدائم من جانب ومن جانب اخر تكون طبقة دكتاتورية داخل الأغلبية نفسها لان القوى التي ستجيد اللعب على الوتر الطائفي او القومي ستهمش القوى الاخرى وتقتل التنوع داخل المكون الواحد وهذا ما يفسر سيطرة الاحزاب الدينية في الجنوب والقومية في الشمال ..! اذن الديمقراطية الحقيقية انتحرت وسرعة التحول للدكتاتورية ستكون قائمة دوما وهذا مايحصل الان في العراق ويفسر عدم استقراره السياسي والامني وتاثره بسياسات دول المحيط لكي يستقوي كل مكون على الاخر ويحاول المحافظة على وجوده بريطانيا حمت الديمقراطية الملكية في العراق فعاشت قرابة الاربعين عاما،. ميركا لم تحم الديمقراطية الطائفية فعادت الدكتاتورية بأسرع من المتوقع بلد يحكمه ويتحكم به حزب واحد ورجل واحد،، قادة المعارضة متمهمون بالارهاب..! الرئيس لا احد يعلم اين هو؟ القضاء مسيس، الحريات مدمرة ورعيل كبير من صحفيي واعلاميي البلد بدأوا يمجدون السلطة من اجل الحصول على قطع اراضي ومخصصات، السلطات بأكملها بقبضة المالكي ...والارهاب يستفحل ويحصد العشرات يوميا . هذا نموذج لدولة دكتاتورية لا يمكن ان يكون بلد بهذه المواصفات ديمقراطيا، لان الديمقراطية نظام يرتفع فيه سقف الحريات التي لا يحتملها الفضاء الدكتاتوري . الديمقراطية تعني سلطة الشعب والدكتاتورية تعني التسلط على الشعب،، لذلك لايمكن ان تعيش الدكتاتورية والديمقراطية معا الا في بلد واحد اسمه ( العراق ) ...!

 

.! بقلم الشاعر احمد الياسري سدني استراليا

 

في المثقف اليوم