أقلام حرة

خريطة طريق .. ترويكا .. أجندة وأشياء أخرى

ibrahim aboetaylaكنت في طريقي إل بيتي منشرحاً بلقاء من أحب .. وفجأة وجدت نفسي في موقف لا أعرف معه طريقي .. وبينما كنت على هذه الحال أبحث متلمساً طريقي أجدني أمام صوتٍ يأتتيني من بعيد يهمس في أذني .. يصرخ، يهزني وكأنه يدفعني دفعاً .. طريقك ليست من هنا .. إذهب من هنا .. اتردد، أحتار، يضيع ذهني، فقد نسيت أين وضعت بوصلتي في خضم ما اسمع وأشاهد، ظننت أنني سأعرف طريقي فهي محفورة في عقلي وقلبي أو على الأقل سأجد من يدلني عليها، فلي أخوة كثر واصحابي أكثر .. فبدونهم أنا لا شيء .. فلقد كانوا كل حياتي، بحثت، نظرت، هل من أحد منهم .. لا أرى أحداً في مدى بصري ..

وفيما أنا في حيرة من أمري، إذ بصوت رقيق ينادي .. إلى اين انت ذاهب .. تعجبت من هذا الصوت ومصدره فكيف يسألني مثل هذا السؤال ألا يعرف أني في الطريق لأعود إلى بيتي .. فهل من المعقول أن أنسى طريق بيتي .. . أم هل حدثت تغييرات وأشياء كثيرة غيرت ملامح الطريق ..

لعله من المناسب أن أجلس وأفكر ولو قليلاً .. جلست، سرحت بأفكاري، نعم إني أعرف بيتي , سأعود إليه، طريقي مخزنة في تفكيري .. هممت بالسير ثانية ً .. تحول الصوت الرقيق إلى ناقوس وأخذ يدق في أذني كيف تمشي بغير خريطة .. ولمَ الخريطة فمكاني معروف وبيتي معروف أكثر ففيه كل كياني .. مكانه بجغرافيته وطوبوغرافية والاماكن المحيطة به كلها أعرفها جيداً .. لا تلزمني الخريطة .. وعاد الصوت أقوى من المرة الأولى يهزني بقوله بل انت بحاجة إلى Road Map،،، ترى عن ماذا يتحدث .. يعود ويقول نفس الكلمات .. لم أفهم عن ما ذا يتحدث كيف أفهم تلك الكلمات وانا اعرف الخريطة .. وأعرف بيتي جيداً .. لا بد وأن ملامح الطريق قد تغيرت ولكنني سأجدها .. يأتي الصوت متهكماً هذه المرة .. من المؤكد أنك تعيش في زمن غير زمننا .. ربما فقد مضى علي أكثر من ستين سنة لم أرَ فيها بيتي ففي الغربة عشت بعيداً عنه عندما أجبروني على ذلك .. يعود الصوت قائلا أنت بحاجة إلى خريطة طريق تبين لك المسار المرسوم لك، مسار اتفقنا عليه ليكون مسارك وطريقك المحدد من قبلنا .. من أنتم لتتحكموا بمساري .. نحن من نملك القوة ولنا القدرة على تحديد مسارك .. تعجبت من هذا المصطلح له رنة موسيقية تغريني .. فقلت لذلك الصوت وكأنني أتحدث لشخص أمامي، سأحصل على خريطة طريق .. سأعمل على رسمها بنفسي ..

أختلفت معه .. إحتد النقاش .. هو يقول مسارك تم تحديده من قبلنا .. وأنا أقول سأقوم بتحديد مساري بنفسي .. لست بحاجة إليك .. وفي تلك اللحظة إذ بصوت غريب آخر يقترح علينا أن نذهب للترويكا لنتشاور معها ونصل إلى خريطة ترضي صاحب الصوت الرقيق العنيف وترضيني .. وما هي تلك الترويكا .. تساءلت باستغراب .. سخروا مني قائلين ألا تعرف الرباعية .. وأي رباعية تقصدون .. مجموعة من مراكز قوى أربعة ستعمل معكم ومن أجلكم وتوصلكم إلى أجندةٍ تتفقون عليها لتتمكنو معهم من رسم خريطة الطريق .. أحسست برأسي يكاد أن ينفجر، لم أعد استوعب هذه المفردات فأيٍ منها لاتقل غرابة عن الأخرى .. رود ماب، ترويكا، أجندة .. كلمات فوق قدرتي على الاستيعاب .. فبعد أن عرفت ماذا يقصدون بخريطة الطريق وماهي الترويكا .. فكأني استنتجت معنى أجنده أوليست هي جدول الاعمال فسرتها بنفسي ولنفسي .. أو يلزم الوصول إلى بيتي كل ذلك ..

اسهمت بالتفكير ولم كل ذلك .. ولكن تلك الأصوات ايقظتني من التفكير وارغمتني مضطراً على قبول ما اقترحته من خلال صوتها المتصاعد قوة وعنفاً .. بدأت الترويكا طريقتها في الإقناع .. ضاع الكثير من الوقت وأنا بانتظار وسيلة للوصول إلى بيتي .. تعبت أحسست بالملل .. بالغبن، بالقرف .. وصاحب الصوت الرقيق العنيف يضحك ويقهقه في كل لحظة .. ولم أجد بداً حينئذٍ من التفكير بالرجوع إلى ترويكتي الخاصة ترويكا تخيلتها وصنعتها بنفسي .. . أدرت في ذهني حواراً بيني وبين زوجتي وإبني وابنتي .. اتفقنا على عدم إضاعة المزيد من الوقت فأنا بشوق لبيتي وبيتي متلهف لاحتضاني ..

قاطعت لقائهم ولم أعد مهتماً بما يقولون فالترويكا لن تحل شيئاً ولن توصلني إلى بيتي .. أخذت نفساً عميقاً بحثت عن قارورة الماء فهي موجودة في الحقيبة المحمولة على ظهري .. فلقد جف ريقي من كثرة ما يتكلمون ومن كثرة ما أرد على اقتراحاتهم ورؤيتهم .. وبينما كنت أتناول قارورة الماء .. إذ بشيء يلمع في الحقيبة .. تحسسته، نعم .. نعم .. انها البوصلة التي ستدلني على بيتي .. نظرت إليها .. تمعنت أكثر ,, فوجدت جملة واحدة مكتوبة عليها .. الطريق إلى بيتك مرهونة بالمقاومة .. قاوم واصمد فتصل حتماً ..

 

ابراهيم ابو عتيله

عمان – الأردن

3/10/2013

 

في المثقف اليوم