أقلام حرة

عيد المواجع

ahmad alsheekmajed"اجه العيد واهل العيد غيّاب" هذه الترنيمة التي يكاد العراقيون اغلبهم يردّدونها في مابينهم، ذلك ان فجائع الموت اخذت احبابهم، ولما لقوا حتفهم ذهب العيد وكل مظاهر الفرح معهم. وعلى الرغم مما يحمله العيد من بهجة وسرور للمسلمين اجمع، فعيدنا مختلف الى حد كبير، فنحن نسمي عيد الاضحى "عيد الموتى" وترى اغلبنا يتلاقى في ايامه الاولى عند وادي السلام، تلك المدينة التي ضمت وتضم اجساد العراقيين باعداد غير معقولة منذ ان تأسست. العيد في هذه السنة مختلف جداً فالموت فيها ينخر البيوت العراقية سيما البغدادية بشكل هائل ومذهل. جاء العيد وبيوتنا خلت من الاباء الذين نتطلع اليهم، وننظر الى شيبتهم التي تقينا من ملمات الدهر، وهي في بيوتنا تسمى "البخت" الذي يرفع المشاكل عنا من حيث لانشعر. جاء العيد وكثير من النساء لم يبقى في حياتهن ثمة ضوء ذلك ان ازواجهن ذهبوا من غير موعد في ضغطة زر يضغطها ارهابي ابله مغذى بفكر الغبي محمد بن عبد الوهاب واتباعه. جاء العيد والثكالى تخرج منهن الونة تلو الاخرى، وتراهن لايكفن عن النعي والنواح ابدا، والوسيلة الوحيدة لهن هي البكاء والنحيب. جاء العيد والاباء ينظرون الى ابنائهم الذين بقوا طوال العمر يرسمون الى مستقبلهم، وكيف يعينوهم في الكبر، وفجأة رأوا التراب يحثوا اجسادهم الطاهرة التي لم تدنسها هذه الحياة ابداً ذلك انهم ذهبوا الى الرب في عمر الورود . ننتظر العيد لكي نذهب الى وادي السلام لنسلم على اهالينا ونعايدهم وهم تحت الثرى: "عيدكم مبارك يا اهلنا" ومن ثم نبكي، ونحرق ايام الفراق، ونبث الحسرة بعد الحسرة على ذهابهم في مقتبل العمر،  نقف في المقبرة ونرى امهاتانا يصرخن بطريقة مشجية حقاً : " يامكَبرة شبيج من اهلنا . بيج المعدل والمحنه، وبيج التخاف الزلم منّه " . ثم تعزي نفسك أنكَ ذاهب اليهم في اسرع وقت، فإن العصابات الاجرامية متربصة لك ومصممة على  قتلك لامحالة، خصوصاً اذا كنت من ابناء المناطق المنكوبة والشعبية التي لايجد اكثر اهلها قوت يومهم! . ترى مشاهد في الجبّانة مؤلمة وموجعة، يعتصر لها القلب الماً وحسرة . يقف الاخوان امام قبور اخوانهم معاتبين إياهم لماذا وقفوا في هذا الجمع، او السوق، او الدائرة الفلانية، حتى عصف بهم الانفجار، تراهم يحاكون قبورهم بلغة تفصح عن مايختلج في نفسوهم من اسى وحزن: "شوّداك؟. شوّداك ياخوية". لاشيء اسهل من الموت في العراق فهو يأتي بين الفينة والاخرى مكتظ بتقاليد الحزن، ومكلل بالامراض التي ستداهمك عن قريب، وكذلك انك لاتجد شيء يروي جدب صدرك غير الدموع على فراق الاحبة فتصاب عينيك بالمرض التي لاتجد لها الشفاء لانك فقير وبائس! . مآس ومعاناة لاتنتهي في هذا البلد المغضوب عليه . متى تنتهي؟ ومتى نتخلص من دوامة الفوضى العارمة المحاطة فينا؟ لانعرف، ولايعرف احد من الذين يمسكون زمام البلاد والعباد في هذا البلد الجريح، ولم يبقى لنا سلاح لأهلنا سوى الدعاء..نتمنى للعراقيين في هذا العيد ان يتخلصوا من هذا البلاء فقد سئمنا ولم تبقى لنا امنية او تفكير في المستقبل الا ان نتخلص من الموت ونعيش مثل البشر!

 

في المثقف اليوم