أقلام حرة

يجب التفريق بين 9-4-2003 وما بعدها

 

ولقد كتب الجميع عن عظمة هذا اليوم والفرحة الكبيرة التي عمت المجتمع العراقي من أقصاه الى أقصاه ... ولكن (لعن ألله لكن هذه ) لقد أطفئوا فرحتنا هذه بأعلان أمريكا احتلالها للعراق (طبعا الجميع يعرف ماذا يعني الاحتلال) كذلك تشكيل مجلس الحكم هذا التجمع البدائي الذي وضع العراق على اول خطوات الضياع السياسي والاقتصادي ... وما أعقبه من كتابة الدستور (بعيون كبيرة ومفتوحة) لكي يميز بين هذا وذاك وابن هذا وابن ذاك والذي يعطي الحق للاحزاب الحاكمة بان تتصرف بثروات العراق على اساس ان هذه الثروات هي بالحقيقة ميراث قديم طبعا بالقانون لاننا في بلد ديمقراطي (مع اننا نسمع ان دساتير الدول الاخرى عمياء لانها لا ترى هذا ولا تتعرف على ذاك) ... وصولاً الى آفة الفساد التي تفتك بموازنات واموال الشعب العراقي وليكملوا مسيرة الطاغية صدام بتوزيع الفقر والجوع على شرفاء العراق واقصاء الكفاءات وتهميش ذوي الاختصاص .

 ومن نعم الله علينا ان العراق أصبح من مصافٍ دول العالم الفاسد (اللهم لا حسد) ويشار اليه بانه من اسواء الدول في عالم الفساد والرشوة والذي يعاني فيه المواطنوه الامرين مما جعل البعض يربط هذا الفساد وهذه الاحداث الماساوية بالتاريخ الاعظم وهو 9-4-2003 وهذه من المغالطات الكبيرة التي يلعب عليها من يريد ارجاع العرق الى عصور الظلام والديكتاتورية .

وسواءا كانوا مع الاحتلال او لا وسواءا كانوا مع الاحزاب الحاكمة ام لا يجب ان يكون هذا التاريخ خارج كل الحسابات وخارج كل الترهات والنزاعات الحزبية التي تبحث عن مصالحها فقط من حيث ان الطاغية صدام يجب ان يسقط في شر اعماله ويجب ان يتخلص العراقيون منه الى الابد ... وما حصل من فساد وارهاب ومحاصصة بغيضة بعد ذلك ليس مرتبط بهذا التاريخ ( بسقوط الطاغية) بمعنى ان الشعب العراقي قد سئم دفع ضريبة الطاغية ونزواته الرعناء وليس من المعقول ان يدفع ضريبة ( حكام الفساد) مرة ثانية، ولان هولاء الحكام سيزولون بفسادهم قد يأتي من هو افسد منهم سيزولون تباعاً هكذا يقول التاريخ لان البقاء للاصلح ولابد ان يتسيد الشرفاء . 

ربط فرحتنا (بزوال الطاغية) ببعض الفاسدون او بالمرحلة برمتها يعتبر تجني على العراق بكل أطيافه لاننا لا نريد ان نغير الطاغية بفاسد ولا نريد ان نبدل الرفاق بالمليشيات واذا كان الطاغية وأزلامه جاثما على صدور العراقيون طول العقود الاربع المنصرمة فان الفاسدون لن يستطيعون ان يجثموا على صدور العراقيين اكثر لان الشعب العراق قد نضج بما يكفي ليميز من هو الاصلح ومن هو الانفع ناهيك عن ان اللعبة قد اكتشف العراقيون خيوطها من حيث ان من اتى بالفاسدون يستطيع ابعادهم ولان سياسة البديل الجاهز (هذه قاعدة في عالم السياسة) لا زال يعمل بها الكبار .

 

صادق العلي

[email protected]

   

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1247 السبت 05/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم