أقلام حرة

برلمانيون في مزاد الدم العراقي

والخدود وتنشر الشعور على مجازر القتل التي تحدث كل يوم في البلاد ، مامن مواطن عراقي على هذه البسيطة الا وتراه يبكي بصمت او بشكل علني على هذه الفجائع المتواترة على ارض السواد ، نكاد نشم رائحة الدم المستباح هناك في لندن وأمستردام وسدني وبرلين وفي جميع بقاع العالم التي تتنفس بها الآن رئة العراقي الذي هاجر وطنه بسبب الخوف والهوان والحرمان ، بينما نرى على الجهة الأخرى في داخل قاعات الحكومة ثمة مزايدة فجة على الدم المهدور من العراقيين الأبرياء ، نطالع الفضائيات وهي تنقل وقائع جلسة مجلس النواب ونتابع عن كثب تلك المزايدات الدموية بين اعضاء البرلمان، نراهم يتشاجرون علنا حتى يظفر كل منهم بدور دعائي لنفسه او لحزبه او لكيانه يتيح له التحدث عن المجازر الدموية التي وصل دمها الى اعتاب مشكاة السماء، يالهم من منافقين ونحن نستمع لهم يتبارون فيما بينهم لبث هواجس الألم والأسف لمذبحة الثلاثاء الدامي، ويتناهى صوت احد الأحرار وهو يقول ليست قاعة مجلس النواب مكانا للندب والتعازي على هذه المذبحة، قاعة مجلس النواب ليست مسجدا او حسينية انما هذا المجلس عليه ان يبرهن للشعب العراقي حرقة قلبه حقا ويضع الأمور في نصابها، في حين نرى مع اوجاع هذا النائب الحرعلى تلك المذبحة ان هناك بعض اعضاء المجلس يتضاحكون بطرا فلربما ضحكاتهم تلك كانت بمناسبة ظفرهم بصفقات مشاريع مربحة في حين ان الدم العراقي مازال طازجا في شوارع العاصمة، مزاد على الدم تراه يضرب بأطنابه المنطقة الخضراء والوزارات الأمنية ويزحف حتى على وزارة تافهة بنظر الاحزاب الا وهي وزارة الثقافة ؟! وثمة صوت دموي يتردد بأرجاء البلاد يصيح من حنجرة سمسار سياسي : كل جثة عراقية بدولار .. جثة عراقية بدولار من يزيد على هذا السعر .. هذا هو مزاد الدم تتصاعد وتيرته مع إقتراب موعد الإنتخابات .. مزاد الدم الذي سيصبغ جميع شوارع البلاد بالدم العراقي الجليل قربانا لحفنة ساذجات ورعاة ولصوص وأفاقين وجهلاء وعمائم سود وبيض سيصبحون ويصبحن ايضا اعضاء لمجلس النواب الجديد .. ولكم ان تستمعوا الى  هذه الانفعالات الكاذبة والمزيفة من اعضاء مجلس النواب على هذه المذبحة، انها فرصتهم الذهبية لتلميع صورتهم القبيحة بالدم العراقي الزكي .. ولكن ها انا أسال جميع أعضاء مجلس النواب، لماذا لم نر هذا التزاحم في الحديث عندما يتعلق الأمر بزيادة رواتب الموظفين او المتقاعدين او الأرامل او الشهداء ولماذا تتدافعون بالمناكب حتى تظفروا بالحديث عن مذبحة الثلاثاء، والله لو كنتم نبلاء حقا لما تفوهتم بكلمة واحدة عن هذه المذبحة .. لان هذه المذبحة سببها انتم .. ومامن مذبحة اضرت بالشعب العراقي بقدر المذبحة التي ترتكبونها كل يوم داخل قبة البرلمان بحق الإنسان العراقي .. إستحوا قليلا لأن البعثيين والإرهابين كما تقولون لولا فشلكم ومنافعكم التي تلهثون خلفها لما شهدنا منهم هذه المذابح .. لكن الحقيقة التي بتنا نعرفها جميعا انكم بحاجة الى هذه المجازر الدموية حتى يستمر مزادكم على الدم العراقي الطهور .

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1251 الاربعاء 09/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم