أقلام حرة

اية سلطة ترضي العراقيين جميعا

هذا البلد بعد الانتخابات المقبلة وكل جهة تكيل بكيلها ومن زاوي مصالحها المتعددة. ولو تمحصنا ودققنا فحوى وجوهر الاهداف وما تنوي الاطراف تسويقه قبل اوانه هو تفردهم واستغلالهم للديموقراطية وحكم الاكثرية في بلد متعدد الاشكال والالوان والاطياف ويتسم بموزائيكية شعبه واختلافات واضحة في بنية مكوناته من جميع النواحي. لو ترك الامر ان تحكم الاكثرية بمفردها وكما تشاء وتفرض سيطرتها المطلقة على زمام الامور، فيكون الحكم لطائفة واحدة حتما دون غيرها حسب كل المعطيات والعوامل الموجودة على الارض، ولا يمكن في هذه الظروف والعلاقات الاجتماعية والمستوى الثقافي والفكري وما فيه الشعب من الولائات والانتمائات ان يختار الناخبون من يخدم العراق قبل الطائفة،و لذلك ستكون النتيجة معلومة. اذن سوى كان الاعتماد على الاكثرية السياسية كانت ام الطائفية او العرقية فان المنتخِب لا يختار وفق ما تتطلبه المواطنة ومقوماتها والتزاماتها بدون ادنى شك بقدر ما يختار من هو اقرب الى اعتقاداته وايمانه وعلقيته وما هو فيه من التزامات الظروف الاجتماعية الفكرية الخاصة به، ويعتمد على العقلية التي تعتمد على الافكار والنزعات والترسبات التاريخية التي هي متراكمة في شخصيته .

 

و به يمكن ان نتاكد من الان، في حال الاستناد على الاكثرية مهما سميت سياسيا او ايديولوجيا او طائفيا، فالنتيجة تكون واحدة، وهذا مايكشف مدى نظرة الاطراف الى العراق ومستقبله ومن زاوية مصالح وافكار واعتقادات ضيقة .

 

 اذن الديموقراطية الحقيقية هي من اجل استرضاء الجميع وبقناعتهم وضمان حقوقهم ومشاركتهم في الحكم وفق الية معلومة، واحساسهم بانهم اصحاب شؤونهم الذاتية وما يمسهم، ولوطبقت بحذافيرها وانقلبت لتكون لمصلحة جهة دون ان تكون لها اليد فيها واستندت على ما هو عليه العراق من المقومات والشروط الضرورية المطلوبة لنجاح الديموقراطية والارضية المتاحة التي تلعب عليها الاطراف، فانها ومقارنة مع ماتفكر فيه الاطراف المختلفة والمكونات الاساسية للشعب ستنتج مالايحمد عقباه وستعكس الامور دون ان تكون لها اليد فيها بشكل مباشر . اما العملية التي يمكن ان ترضي اكثرية الشعب وبجميع فئاته ومكوناته وهو الذي يزرع فيه الاحساس بان العملية السياسية معتمدة على المواطنة وهي التي تفيد الجميع وان كانت شروطها مسبقة للعملية الديموقراطية وتنفيذ متطلباتها . فالقادة المنبثقين من رحم هذا الشعب يحملون كافة صفات ما يتسم ويتميز بها ابناء الشعب، ولهم افكار واعتقادات الجميع، وهذا ما يمكن ان تجرهم للصفات والاعتقادات التي تحملها فئة دون اخرى، ويمكن ان يفرض الانحياز لفئة على حساب اخرى، والانحراف وارد في مسيرة عملهم في ظل غياب المؤسساتية في الحكم ودور القائد في حسم الامور وليس الاستناد على القوانين والدستور .

 

وبهذا يمكن ان نصف الادعائات للحكم الرئاسي وحكم الاكثرية في العراق مقارنة بما هو عليها من الصفات والظروف خطوة نحو الوراء ولاجل مصالح ضيقة على حساب الديموقراطية والحداثة والتقدم، وبالاخص في هذه المرحلة التي لم يعبٍر الشعب الى شاطيء الامان وتزداد التدخلات الخارجية في شؤونه يوما بعد يوم وفق مصالحهم الاقليمية، والصراعات على اشدها في المنطقة كانت ام عالميا، ويمكن ان نعتبرها كلمة حق يراد بها الباطل .

 

اذن السلطة التوافقية الديموقراطية التي يمكن ان تفيد اكثرية المكونات وعدم الخروج عن روح الدستور والالتزام بما فرضته التجربة على ارض الواقع في هذه الفترة، وهي الضامن الكبير لعدم حدوث الفوضى او الرجوع الى المربع الاول . فالعراق بحاجة الى الديموقراطية خاصة به وفق ما يميزه عن غيره وهو ما يستند عل الخصوصيات اكثر من اية دولة اخرى، واصبح في ظروف ومرحلة متنقلة وحساسة وتؤثر فيه اية انحراف او خلل في مجرى الحكم وظهرت وثبتت في حياة العراقيين ما تعتبر الان اعرافا جديدة واستعدلت قاطراته على السكة الصحيحة وهي بحاجة الى الدفع والاسناد .

  

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1067  الاربعاء 03/06/2009)

 

 

في المثقف اليوم