أقلام حرة

د. نصر حامد أبو زيد.. لست وحيداً!!

وذلك بدعوة من مركز الحوار والجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية. ولكن المفاجأة غير المتوقعة أن الحكومة الكويتية خضعت لـ "الابتزاز" ورضخت لدعاة  التكفيروقوى الجهل والتعصب والانغلاق الديني والفكري وامتثلت لطلبهم ومنعت "الزنديق" نصر حامد أبو زيد من الدخول الى الكويت للمشاركة في هذه  الندوات الثقافية، رغم حصوله على تأشيرة دخول.

أن هذا المنع هو استمرار لممارسات ارهابية وقمعية تعسفية تقوم بها المؤسسة السياسية العربية والنظم الحاكمة في البلدان العربية، رضوخاً لمطالب المافيات المتأسلمة وجماعات الاسلام السياسي وقوى التكفير والتحريم والاصوليات الشعبوية المتطرفة التي تؤمن بالفكر الغيبي الأسطوري وترفض الحداثة وأنصارها وتعتبرها دخيلة على المجتمع العربي الاسلامي. وهذا المنع يندرج ضمن دائرة الأكراه الديني والقمع الفكري واخراس الأصوات العقلانية الشجاعة في ميادين البحث والاجتهاد والابداع المختلفة، والغاء ثقافة الاخرـ ثقافة التفكير الحر والتنوير والاصلاح، وارساء ما يسمى بـ"ثقافة التكفير" لمحاصرة وتطويق الوعي الغقائدي الثقافي الحضاري الحداثي التجديدي، والوعي الديني المتنوّر.

وبلا شك أن هذا المنع يمثل عدواناً صارخاً على الثقافة التنويرية والفكر الحر، واهانة للثقافة والمثقفين، وللعقل والعقلانية، ويعتبر مساً خطيراً بحرية الرأي والتعبير والتفكير والتجوال.

فنصر حامد أبو زيد هو أستاذ جامعي وباحث اسلامي ومثقف نقدي جذري وهرم فكري كبير، عميق الثقافة والرؤى، ومتبحر في التراث الديني والتاريخ الاسلامي ومتخصص في فقه اللغة، وينتمي الى نخبة ورهط من المفكرين والأكاديميين والمثقفين التنويريين الليبراليين المجددين، كمحمد أركون وجلال صادق العظم وسيد محمود القمني وجورج طرابيشي وهاشم صالح والغفيف الأخضر وفاطمة المرنيسي ورجاء بن سلامة وسواهم كثر.

وبسبب كتاباته الجريئة ومنجزاته البحثية الفكرية في التأويل والتفسير،ودعواته الى كتابة التاريخ الاسلامي وقراءة الاسلام من جديد على ضوء منجزات العقل الانساني والبشري، واجه القوى المتشددة والمتطرفة في المجتمع المصري وخاض المعارك الفكرية الشرسة والحادة ضد "الجهل والزيف والخرافة" وتصدى لـ "الغول التكفيري" أو الديكتاتور الثقافي الذي يمارس ديكتاتوريته من موقع"التخلف" كما نبه الى ذلك المفكر المصري الراحل غالي شكري. كما وقدّم نصر حامد أبو زيد الى محكمة التفتيش بتهمة" الردة" التي أقرت تفريقه عن زوجته ابتهال يونس ما أضطره الى مغادرة البلاد والهجرة الى هولندا مظلوماً بحكم سياسي،لا ثقافي.

أن "جريمة " نصر حامد أبو زيد أنه يحمل راية العلم والعقلانية والتنوير،وتجرأ على اقتحام "المناطق الحرام"، ويرفض الشعوذات والدجل الديني، ويحمل هموم الوطن والفكر والمجتمع وهموم الاسلام الحقيقي،وليس المزيف، ويدافع عنه وعن قيمه الأخلاقية السمحة.

أن المثقف العربي يعيش في أوطان يختنق فيها الفكر ويذبل الابداع وتغتال الحرية، وما منع الدكتور نصر حامد أبو زيد من دخول الكويت سوى دليل قاطع على حالة التردي والسقوط والردة الثقافية ومطاردة العقلانية ومحاصرتها في العالم الاسلامي، ومؤشر على تراجع الدور التنويري الأشعاعي في المجتمعات العربية الاسلامية،وخاصة في بلد كالكويت التي  كانت تعتبر منارة للتقدم والديمقراطية .كما ويؤكد فزع النظم السياسية العربية من الفكر الاصلاحي التنويري الجذري الساطع،وتغلغل تيارات الانغلاق والتطرف التي تعادي العلم والديمقراطية والتعددية وترفد الحداثة في صميم الحياة العربية.

ما جرى مع المفكر والباحث التنويري نصر حامد أبو زيد يجب أن يشعل الضوء الأحمر أمام المثقفين العرب والمؤسسات الأهلية وقوى المجتمع المدني وكل المؤمنين والطامحين الى الحرية والديمقراطية والعدالة اطلاق أوسع حملة تضامن مع أبوحامد  واعادة الأعتبار له، وأدانة القرار الكويتي المجحف بحق هذا المفكر والمتثاقف العربي الكبير، وبناء جبهة ثقافية عريضة وواسعة لمواجهة كل أشكال القمع والارهاب الفكري.

 

............................

الآراء الواردة في المقال لا تمثل رأي صحيفة المثقف بالضرورة، ويتحمل الكاتب جميع التبعات القانونية المترتبة عليها. (العدد: 1261 السبت 19/12/2009)

 

 

في المثقف اليوم