أقلام حرة

هذا ما خلفه نوري ومفسدوه (4)

diaa alhasheemقيل له وكما يحلو له ان يخاطب ، ياسيادة الرئيس ، لماذا أنحدر مستوى الانتاج الزراعي والحيواني في العراق الآن مقارنة بما كان عليه في العهد الملكي ، أيام كان العراق يعيش أكتفاء ذاتي بالحبوب والخضروات والفواكه ومنتجات الألبان من شماله الى جنوبه. رد دولة الرئيس ، بمبادرة زراعية خطط لها بمشاركة كبار مستشاريه الذين جاؤا من قرى الناصرية والهندية والذين لم يخطر ببال أحد منهم زراعة شجرة زيتون أو حتى غرس فسيل نخلة طوال حياته ..!

هذا ودولة الرئيس يعلم ان 40 بالمائة من ابناء العراق كانوا يعتمدون الزراعة مصدرا لرزقهم ، ومع هذا فقد خصصت حكومة دولة الرئيس مبلغ وقدره 2685 مليار دينار اي ما يعادل فقط 02 بالمأئة من الموازنة لقطاع الزراعة !! .. هذه النسبة القليلة من التخصيصات لقطاع الزراعة بموازنة الحكومة لا تعني أن الحكومة جادة في الاهتمام بتطوير هذا القطاع المهم ، بل يعد هذا الاجراء أن يكون جزءا من التآمر على خراب اقتصاد البلاد ، لا سيما وأن بلدا مثل العراق يمتلك من مقومات الزراعة ، من مياه واراضي وطاقة بشرية ، ما يجعل الاهتمام بها محفزا طبيعيا للنهوض بهذا القطاع المهم . لكن دولة الرئيس لم يعلمه مستشاريه الذين طالما يقع اللوم عليهم ، بأن أرض العراق و حسب التصنيفات العلمية للخبراء ، تأتي بالدرجة الرابعة من حيث الخصوبة في العالم .!

ولم يكن يعلم دولته بأن التنمية الزراعية في بلد مثل العراق لا تنقصها الا الخطط السليمة والادارة الناجحة والمخلصة وتجهيز المزارعين بالتقنية الحديثة . ولم يكن بحسبان دولة الرئيس أن الزراعة ستكون مهجورة كمهنة عندما نقل معظم ابناء الفلاحين وعوائلهم ليكونوا من سكنة العاصمة ليتسنى له تكريس اكبر جمع من الناخبين في العهد الديمقراطي والا كيف يتمكن دولة الرئيس من حصد مئات الآلاف من اصوات الناخبين في بغداد وهو ليس من ابناء بغداد و قيد نفوسه يسجل انه جاء من طويريج . فافواج الحمايات التابعة له ومن انتسب في سلك الشرطة والجيش والمخابرات والاجهزة الامنية الاخرى والدوائر المستقلة والتي بطبيعة الحال تكون العاصمة مقرا للدوائر المركزية لها معظمهم قد جلبوا من عوائل كانت تمتهن الزراعة خارج بغداد او من اطرافها . لم يكن ذلك سببا وحيدا في تدهور المستوى الزراعي في العراق ، بل أن البلد كانت فيه مزارع تدار من قبل المقربين من النظام السابق او اعوانه وقد منحت املاكهم ومزارعهم التي كانت تمول الاسواق العراقية بمنتوجاتها الزراعية لاشخاص يوالون دولة الرئيس في العهد الديمقراطي وقد اهملوا تلك المزارع الكبيرة ولم تستفاد الدولة منها لان العمل لم يستمر فيها ولم يستثمر ما فيها بشكل جيد وكان الاستيلاء عليها لمجرد نزوة في قلب دولة الرئيس ليستميل هذا ويشتري ولاء ذاك ليس الا ..

قد تكون عبارة وزارة الزراعة بلا زراعة في العراق اكثر تعبيرا وصدقا عن واقع الزراعة البائس في دولة يحسدها الكثيرون لما تمتلكه من مقومات الزراعة . لكن غياب التخطيط السليم وفراغ المؤوسسة الزراعية من متخصصين بالمجال الزراعي، وابتداءا من اختيار الوزير المناسب الى المشرفين على ابسط دائرة زراعية ، يجعل من الزراعة في العراق مجالا تزهد الحكومة في استثماره مقابل حصول رؤوس النظام الجديد على حفنة من الاموال كهبات او سمها عمولات يتقاضوها من دول الجوار ، ووفاءا لذلك لابد من عدم منافسة المنتج الاجنبي ومحاصرة المنتج المحلي الذي لم يعد يمثل اي نسبة تذكر امام المعروض من منتجات الدول المجاورة في السوق العراقية والشاهد هو حجم الاستيراد التجاري الذي يقدر باكثر من 9 مليار دولار مع كل من دول الجوار في تركيا وايران وسوريا والاردن والكويت. ولذلك كان متفقا على اختيار وزيرا للزراعة لايفقه شيئا في مجال الزراعة وهو يشكل بطالة مقنعة وعبئ عليها من امثال اكرم الحكيم او عزالدين الدوله . ليس هذا فحسب ، بل ان مجلس النواب ليس فيه من متخصصين كفاية بالمجال الزراعي ليهيؤا ويعدوا تشريعات تخدم هذا المجال ! فبالمحاصصة والاصرار على التمسك بمبدأ المحاصصة جاؤا بوزراء فاشلين واستمر اهمال حتى الثروات الزراعية التي يحتم على الدولة المساهمة في ديمومة وتنمية مردود انتاجها نحو الافضل لما تمثله من هوية حضارية واقتصادية كالنخلة في العراق . فالحكومات المتوالية لا تكترث بالمرة عن مسألة الاهمال المتعمد في تدني مستوى انتاج التمور او تطوير نوعياته ولم يلقى مزارعيه اي تشجيع يذكر ولم يفكر اي وزير في بث روح الحماس من خلال حملة وطنية لغرس اكبر عدد من النخيل في مناطق شاسعة تؤمن بذلك الفرصة لمعيشة عدد غير قليل من العاطلين عن العمل وتهيأة بيئة زراعية لاستصلاح اراضي زراعية قابلة للزراعة من جديد . أو عمل سدود تستفاد منها الاراضي الزراعية القريبة من شط العرب وعدم اهدار كميات من المياه الصالحة لارواء اكبر مساحة يمكن زراعتها بدلا من هدر تلك المياه وذهابها في الخليج اوفي عرض البحر وبذلك نقطع الحجة على الجارة تركيا التي دائما ما كانت ولا زالت تتحجج في أهدار العراق لكميات من المياه وتتعمد بناءا على ذلك في عدم اطلاق كميات اضافية لزيادة منسوب مياه نهري دجلة والفرات .

 

ضياء الهاشم

في المثقف اليوم