أقلام حرة

أحزمة الحضارة والأحزمة الناسفة..!

watheq aljabiriنقع دائما في ورطة المقارنة بين وطننا وبقية الأوطان، وفي كل مرة تجرنا الأحاديث، الى براكين هموم تجثم على صدورنا.

نبدأ اللقاء بإبتسامة لا تتجاوز تحريك الشفاه، ثم تعود تقاسيم الوجوه الى آلام تعتصر القلوب؛ وكأننا نشعر بإتجاه الحياة للتوقف؟!

أكلت عصور طويلة من الحروب أخضرنا ويابسنا، الى أن إنتهينا لأكل ثلث مساحة الوطن، وهددت مساحاته المتبقية، ويمسك مقودنا إرهاب وفساد لا يعرفان الأخلاق؟! والآفتين أكلتا البُنية التحتية، وخلفت عشرات آلاف الضحايا، وملايين الأرامل والأيتام والمعاقين؟!

دخل العراق في ظروف قاسية؛ ساقتها سياسات همجية أفقدت الشباب مستقبلهم، وقادت الوطن الى مصير مجهول، حتى إعتقدنا بسقوط النظام المقبور نهاية نزف الدماء؛ ولكن النتائج الواقعية تقول؛ أن أرضنا تدنسها عصابة منحرفة، وموازناتنا منهوبة، ومقاعد حكومية تباع وتشترى، ونزيف الدم صار أنهار لا تتوقف ساعة؟! ومعالم العراق وأقدم معالم التاريخ تُفجر؟! وننتظر الأدوار القادمة، ولا نعرف ما تخفي أقذار الأشرار.

إستقر العراق في المراكز الأخيرة عالمياً، وتراجع في التعليم، في عالم صار يرتدي التكنلوجيا، ولدينا 5 ملايين أمي؟! وتفشى الفساد في جميع مفاصل الدولة؛ حتى عجزنا عن توفير الكهرباء والماء الصالح للشرب؟! ونسبة سكان ما دون خط الفقر في إرتفاع، وبدأ المواطن غاضباً أحيانا ولا يبالي بمخالفة القانون، وهو يرى مسؤول يسير بالعكس، ويستهين بمواطن بإطلاق صافرات التنبيه، بتحدي صارخ في شوارع موت لا تفرق بين صديق وعدو.

تقدم الدول يقاس بإلإلتزام بالقانون، الذي يبدأ من أعلى الهرم الى مواطن بسيط، لإعتقادهم أن القانون يخدم دولة كاملة لا أفراد، وهم جزء من هيكل بناء يتكامل ببعضه، ولا وجود للأنانية والسلطة الفرعونية.

العالم المتحضر لا يفكر كيف تلبس، ولا يُعاب أن تلبس عقالاً أو بدلة رسمية؛ بشرط أن لا تخرج بملابس النوم عند مراجعة المؤسسات؟! ويسمح أن تفعل ما تشاء بشرط عدم التجاوز على حريات الآخرين، ولا يسألك أحد عن أصلك وعشيرتك، وكل ما تحتاجه من مسؤولية دولة أنت جزء منها، وهي تحرسك وأنت حريص عليها، لا أن تكون وحدك الحارس على من ينهب أموالك ويصادرها الى خارج البلد؟! ولا يبالي بالمتجارة بدماء أبناء عمومته وجيرانه؟!

كل شيء في العالم مسخر لخدمة الإنسان، ويعمل كعقارب ساعة تحترم التوقيتات والمنبهات، وفي آخر الأبحاث البريطانية، صُنعت أجهزة تنبهك وقت شرب الدواء، وأعطت نتائج 70% من الشفاء، ودول آخرى صنعت أجهزة ألكترونية تلبس مثل الساعة، وتستطيع التحكم بها بالكلام وتطورت الى الحرف الأول من الكلمة وتفهم ما تريد، وقد تتطور حتى تستجيب لتفكيرك؟! والعالم نهض بالحضارة والتطور، ونحن ما زلنا نتبجح بها وهي على الرفوف يألكلها التراب.

عالمنا يعج بالتطرف والتكفير والقتل والفساد؟! والآخرون يرتدون الحضارة، وعندنا الأحزمة الناسفة للقتل؟! ولباس الدين والوطنية لخداع الناس وسرقتهم.

نصارع طيلة حياتنا عن الوجود، وكأننا نطارد سراب؛ وكلما إقتربنا وفكرنا بالخلاص، نجد خلاصنا هو الأقرب، وكلما نسرع في خطواتنا؛ نجد أرجلنا تسير الى هاوية، تدلنا على خيانة تحاك وسوء إدارة وحقد أعداء، ومتخلفين في عالم السياسة الحديثة وحقوق الإنسان؟! يريدون لنا عودة المركزية وسلطة الجبروتية.

 

واثق الجابري

 

 

في المثقف اليوم