أقلام حرة

حينما لا تستطع السنين محو ألكراهية .. ألنائب "فرست صوفي" إنموذجا!!

مع ان الله تعالى خلق الانسان ضعيفا، إلا ان هناك البعض ممن ينتمون الى عالم الأنسنة، يمكن ان يكونوا الاكثرضعفا من غيرهم في معايير الاصالة والقوة المعنوية للذات، وربما ذلك يعود لمزايا الجينات الوراثية للشخصية، أو قد يكون اكتسابا من البيئة منذ النشأة، حيث يتجلى ذلك الضعف باقصى مدياته من خلال عدم نسيان الاساءة، وحيث يصبح ذلك الضعف في الذات نوعا من عبودية وانهزام ذاتي امام مواقف التسامح الرحبة في مواقف الحياة في اختباراتها المتكررة للارادات، فتكون النتيجة، ان هذا الانسان، وللاسف يبقى دائم "الوفاء" لنفسه المريضة في البحث عن الثأر في محاولة لتعويض النقص الذي يشعره من خلال ضعفه وهوانه. فعاطفة الكراهية لا تولد عادة مع الانسان، بل من خلال تلقينها له، وفي هذا التلقين تنتج مخاطر جسيمة تسئ الى الصحة العقلية والنفسية والعاطفية للنفس.

والمشكلة التي يعاني منها الاخوة الاكراد والتي ما برحت تلقي باثارها السيئة على العراقيين العرب، هي اثار ذلك الاغتراب النفسي والاجتماعي مع البيئة منذ النشأة بحيث يتحول هذا الاغتراب الى نوع من النكوص النفسي وفي احيان كثيرة الى "سخط" على المجتمع العراقي ومبررا لعدم (الثقة) في التعايش معهم، وان "العراق" و (العرب العراقيين) بالذات يشكلون تهديدا مباشرا للوجود الكردي نتيجة لتجربة الاحتراب الماضية مع الحكومات العراقية السابقة، وأثار التهديد الحياتي التي عاشوها، ومن ثم الاقتناع ان "العراقيين" كانوا السبب الرئيسي في مشكلة فقدان احد الوالدين أو كلاهما. فضلا أن العراقيين كانوا أيضا "السبب" في تهجيرالعائلة في الشتات، وان الكردي ربما سيضطر للبقاء تحت ذاك التهديد المباشر من قبل أي حكومة عراقية جديدة، بما في ذلك النظام الجديد. فحتى هذا النظام الجديد بنظره لا يمثل سوى مصدرا (لقوة) الدولة المستقبلية التي ستكون قادرة على التفريط بوجوده عند أي حالة (اختلاف) سياسي بينه وبين النظام . ومن هذا المنطلق النفسي المأزوم، ظل الانسان الكردي يعيش كراهيته نحو العرب العراقيين، حيث لا أمل من حل لمشكلة كهذه بنظره، سوى بالانفصال .

فبدون أدنى شك، ان لا غرابة ان نجد ان من بين اكثر من أظهر عدوانية لشعبنا وللحكومة الاتحادية، سواءا حكومة السيد نوري المالكي او السيد العبادي، كانوا هم الاكراد بعد ارهابي داعش - البعثيين. ومن هذا المنطلق، ينبغي علينا ان نفهم، ان الاخوة العربية – الكردية، اصبحت مشكلة عويصة، وخصوصا طالما بقي السيد مسعود برزاني قائدا للاكراد، ومستمر في زرعه نوعا من عبودية في الذات الكردية، ويغذي فيهم ما يجعلهم اكثر بعدا من الناحية النفسية والعقلية عن العراقيين العرب، بحيث اصبحوا لا يقتنعون بأي "وسيلة" يمكن أن تجمعهم للبقاء معهم. ولذلك، نجدهم وهم يخططون للانفصال، ويحاولون ابتزاز اكبر قدر ممكن من الخيرات العراقية والاستيلاء على اراضيه لقيام دولتهم الكردية. ولا غرابة أيضا ان نجدهم الاكثر تشويشا على سمعة قواتنا المسلحة والحشد الشعبي، وما "مؤتمرأربيل" إلا، دليلا قاطعا على اهداف خسيسة ضالعة في دعم الارهاب في محاولة لتحطيم معنويات قواتنا المسلحة والحشد الشعبي بعد ان اصبحت بطولاتهم تذهل وتؤرق هؤلاء وغيرهم، وأصبحت اهداف اسيادهم في اسرائيل تتحطم على صخرة الصمود الحديدي للابطال العراقيين. وكنتيجة لذلك، حرص مؤتمر أربيل "العار" على تكثيف تناوله لابطال قواتنا المسلحة والحشد الشعبي في الاساءة اليهم بشكل لا أخلاقي وعلني ليبرهنوا بلا ادنى حياء على عدائهم لشعبنا، في ظاهرة تحدي علني جديد ضد الحكومة الجديدة، والتي لا تمتلك الشجاعة الكافية للرد، ولكن في الوقت نفسه، لايحرجها غضب شعبنا عليها، فكيف لا نتوقع من الاكراد مزيدا من الغدر؟؟!!.

فهذا السيد "فرست صوفي" عضو برلمان إقليم كردستان، اتهم، أمس الثلاثاء (6 كانون الثاني 2015)، الجيش العراقي بممارسة "جرائم خطيرة" ضد الشعب الكردستاني، لافتا الى أن الرأي العام في الإقليم يعارض الاحتفال بذكرى تأسيسه"" (1).

وسؤالنا للسيد فرست صوفي "عضو البرلمان الكردستاني"، هو متى وجدنا الاقليم ومنذ 2003، يتعاطف في أي موقف نافع مع شعبنا لكي نتوقع منهم الان اعترافا باحد أعياده الكبيرة ؟ فمن يسمع تصريح السيد صوفي، يعتقد وكأن الاكراد كانوا عزلا امام قوات الحكومات العراقية السابقة، في حين كانت كل من اسرائيل وايران وتركيا جميعا مصادرا مهمة في تزويدهم بالسلاح والخبراء والدعم المادي؟ ولكن، لماذا لا يتذكر السيد صوفي قبل كل شيئ أن الشعب الكردي في "حلبجة" كان أعزلا امام غاز الخردل الذي اطلقه المقبور عليهم، ومع ذلك، نجد أن أحقادهم على النظام الجديد وحكوماته الاتحادية، اكثر عنفا بكثير من عنفهم على صدام الذي قتل من شعبهم عشرات الالوف!!! كما وأن من يسمع تصريحات السيد صوفي، يعتقد وكأن ألاكراد لم يقتلوا ابناء قواتنا المسلحة الابطال او يقوموا بذبح الابرياء والعزل من المدنيين، أوان الاكراد كانوا ضحية لاستهتار الحكومات السابقة فقط؟؟!!، أو كأن الجيش العراقي، الذي هو سور الوطن، ومسؤولياته كانت دائما ولا تزال هي مسؤوليات أي جيش اخر في العالم، فيما ينبغي من دفاعه عن نفسه وشعبه !! أم أن السيد صوفي، كان يريد أن يرى الجيش العراقي، واقفا متفرجا امام جرائم البشمركة، أو انه كان يتعين على جيشنا الباسل، ان يستقبل قتلة ابنائنا الميامين بالورود والياسمين، من اجل ان يرضى هذا الصوفي وغيره من الحاقدين، في حين كانت البيشمركة مستمرة بذبحهم وحرق القرى الحدودية والعبث باستقرار البلاد...!! أهذا منطق سليم متوقع من نائب في برلمان كردستان ؟؟!      

ولكن، وعلى كل حال، ليس شيئا غريبا أبدا ان نسمع مثل ما صرح به السيد "فرست صوفي"، فكما اشرنا أعلاه، ان الانسان الكردي أصبح معبئ بالكراهية لشعبنا . وقد كتبنا الكثير من المقالات النقدية حول ألعلاقة بين الاقليم وشعبنا وسلوكهم الظالم العدواني واستغلالهم الظروف ومنذ 2003، والتكالب على النظام العراقي الجديد بكل وسيلة، للعبث باستقرار وأمن الوطن العراقي، وخصوصا بعد ان أدرك شعبنا أن السيد مسعود برزاني، مجرد صورة متنامية في بناءه النفسي كتوأم للمقبور صدام . فالنرجسية وطغيان نزعة الاستبداد في ادارة النظام الشمولي، والسعي لاختزال منافسيه والاستفراد بالحكم هي المبادئ التي تحكم سلوكه في طغيان يحاول به رئيس الاقليم من نسف قيم نظام جديد وعهد جديد لعراقنا واعادة زمن انقضى وانتهى . فلاثنتي عشرة من سنوات دامية، كان الاقليم في علاقته مع المركز، يمارس أدوارا أقل ما يمكن وصفها أنها ادوارا لا وطنية في محاولات لقلب الموازين السياسية وتحدي ارادة الملايين من العراقيين من اجل طموحات القيادات الكردية، وتوظيف وتوسيع أهدافهم واخضاع الحكومة الاتحادية لاهداف قوميتهم .

فقد هدد برزاني في كانون الأول 2005، معلنا أنه إذا لم تنضم كركوك، المدينة الغنية بالنفط، لإدارته بحلول كانون الأول 2007، فأنه قد يشعل حربا أهلية في العراق (2). ثم في نيسان 2007، هدد بارزاني ثانية قائلا : "أنه إذا لم تمتثل أنقرة لمطالبه فأنه سوف يقوم بمساندة التمرد في تركيا". والخرائط السياسية التي بيعت في ظل برلمان حكومة إقليم كردستان، تظهر بأن منطقة كردستان الكبرى تمتد إلى داخل تركيا. وتشير الصحف الكردية إلى كردستان العراق على أنها جنوب كردستان، ويكمن المعنى الضمني بأن جنوب شرق تركيا هوشمال كردستان.، وهي النزعة نفسها من اجل جعل كردستان العراق قوة تساهم في عدم الاستقرار، وفي نفس الوقت تبقى ملاذا للمجرمين والارهابيين (3).

وفي التسعينات، أمر كل من برزاني وطالباني وحدات البشمركة المعنية لمحاربة حزب العمال الكردستاني عندما حاولوا إقامة موطئ قدم في أراضيهم. ففي ذلك الوقت، ووفقا لمسؤولين عدة من الدبلوماسية التركية والمخابرات، طلب بارزاني من الحكومة التركية دعم البشمركة لانها تحارب ضد جماعة ارهابية. فقد أدرك بارزاني أنذاك بأن أي ملاذ آمن لحزب العمال الكردستاني سيكون لعنة على مصالحه وعليه تحرك لمنع ذلك.

وعندما نريد البحث في السيد مسعود بارزاني، فمن المنطقي أن نكشف طبيعة كونه كرديا تقليديا قبليا. ويذكر تقرير عن تقييم برزاني أكده مسؤولون في الاستخبارات الأمريكية ممن عملوا معه عن كثب، أن تصرفاته كرجل ريفي تقليدي، متمسك بالتقاليد تجعله يبدو وكأنه زعيم لقرية وليس قائدا للسلطة إلاقليمية (4) .

وعندما انكشفت خيانات الارهابي طارق الهاشمي وحمايته، وجدنا ان مسعود برزاني، كان ضالعا في تلك الجرائم من خلال توفير الحماية لمجرم تم الاعتراف عليه مع حمايته من خلال إيوائه في كردستان بعد أن أصدر القضاء أمرا لالقاء القبض عليه وتمت محاكمته غيابيا . فالقوانين العراقية تعتبر التستر على الجريمة مشاركة فعلية فيها، وهذا ما يجعل من السيد برزاني شريكا في الجريمة وينبغي تقديمه الى القضاء. وأن النتائج التي خلص عليها شعبنا من خلال المواقف السياسية للسيد مسعود بارزاني، ربما تشير الى انه قد تم تجنيده من قبل اسرائيل بهدف تدمير النظام الجديد.

كما وكان طموح برزاني واضحا وصريحا في ضم مدينة كركوك الى مناطق الحكم الذاتي الكردية، في حين رفضت حكومة المالكي السماح للأكراد في الرقابة الإدارية على كركوك، ولكن، الانكى من كل ذلك، نجد ان حكومة العبادي اليوم تقف الى جانب قيادة الاقليم ضد مصالح شعبنا...!! فهل يستطيع أي مراقب للاحداث ان يجعل من حكومة الدكتور العبادي حكومة لها اهدافا وطنية وجائت من اجل مصالح شعبنا؟؟ فهذا باعتقادنا سؤالا هاما جدا، علينا الانتظار لنرى النتائج.

ففي سنين الاقتتال الطائفي الماضية، كان التحالف الكردستاني ولا يزال، ألعدو الكاره لشعبنا والمتربص دائما للاستحواذ على كل ما يمكن الاستحواذ عليه لصالح القومية الكردية. وكان ظهيرا انتهازيا في كل موقف يستطيع من خلاله مساندة الكتل الفاسدة، أيا كانت، من اجل توسيع رقعة المصالح الكردية واليوم فأن شعبنا لا يعيش الرفاه الذي يعيشه الاكراد.

فمسعود برزاني اليوم باق كما كان دائما، يحاول استغلال كل الاوقات الحرجة، وخصوصا إنشغال الحكومة في مكافحة وجود داعش في نينوى، ومع ان الميزانية الاتحادية تعاني عجزا فضيعا، فان رئيس الاقليم لا يتوانى عن المطالبة في تحقيق مصالح له على حساب الحياة التي تنذر بتقشف قادم لشعبنا . فرئيس الاقليم يدرك، ان حكومة الدكتور العبادي قد تم فرضها تحت شروط معروفة لصالح الاقليم والبعثيين، وحيث يستطيع ممارسة الضغوط تحت هذه الظروف لابتزاز الحكومة والضغط عليها، فتنصاع اليه وتقوم بدفع التعويضات له في اتفاقية نفطية خيانية ضد مصالح شعبنا .

وحينما نتذكرفقط، انه في أيلول 2006، عندما أمر السيد مسعود بارزاني بأنزال العلم العراقي الوطني من مباني حكومة الاقليم، تحديا للحكومة الاتحادية، هل يمكن لاحد ان يجد غرابة عندما يصرح النائب فرست صوفي، معبرا عن أحقاده على القوات المسلحة والحشد الشعبي؟

   حماك الله يا عراقنا السامق ..

 

.....................

ألمصادر:

الفتلاوي: الجيش العراقي أثبت مهنيته رغم الأصوات النشاز التي تطعن بسمعته"” ( 1)

الثلاثاء 06 يناير / كانون الثاني 2015.

http://akhbaar.org/home/2015/1/183146.html

(2) Masud Barzani, interview by Elie Nakuzi, Frankly Speaking, Al Arabiya TV, April 6,  

     2007

(3) "Barzani: Kirkuk to Join Kurdistan," Turkish Daily News, December 2, 2005.

(4)Gurr, Ted Robert, and Harff, Barbara. Ethnic conflict in world politics. 2nd ed. (35-65).

     Boulder, Colorado: Westview, 2003.

في المثقف اليوم