أقلام حرة

إعترافات عشماوي الإخوان

hasan zayedلعله يعد من نافلة القول، اعتبار أن شباب الإخوان، الذين يهاجمون الدولة المصرية الآن، بضرب مؤسساتها، وخاصة الجيش، والشرطة، وقد امتد بهم الحال، إلي ضرب المجتمع ذاته، بضرب مصالحه الحيوية، هو شباب مغرر به، ومورست حياله، أبشع صور غسيل الأدمغة. لا أقول ذلك تبرئة لهم، مما يقترفونه من جرائم إرهابية، أو تبريراً لممارساتهم، حيال الدولة والمجتمع، أو دفعاً للتعاطف معهم، باعتبارهم مجني عليهم، قبل أن يكونوا جناة. وإنما أقول ذلك تأصيلاً للقضية، ووقوفاً علي دوافعهم الحقيقية، التي تدفعهم إلي مثل تلك الممارسات، وأنه لا يكفي القول، بأن سعيهم نحو مصارعهم المحتومة، هدفه وغايته، هو الحصول علي المال وفقط؛ لأن هذا القول يعد تسطيحاً للأمور، يفضي إلي التباس الفهم والتصور، بما يؤدي حتماً إلي فساد آليات المعالجة، وأدواتها، والذهاب بالنتائج، إلي غير المقصود، والمستهدف، والمتغيا . فليس من المعقول، أو المقبول، الذهاب في تفسير العمليات الإنتحارية إلي المرجعية المالية فقط، إذ أن ذلك وحده لا يكفي كدافع للإنتحار، وإنما يتعين البحث في دوافع أخري أكثر دافعية إلي هذا الفعل، وغاية اكبر وأبقي ينتظرها من يقدم عليه. هذا الدافع لابد أن يكون ممتداً لما بعد الموت، ولا يعوقه عائق عن الوصول إليه إلا الموت . يقول علي عشماوي آخر قادة التنظيم الخاص، في كتابه: " التاريخ السري للإخوان المسلمين "، الصادر عن مركز ابن خلدون " ص 7 ": ["لا رابطة أقوي من العقيدة ولا عقيدة أقوي من الإسلام " .. هذه الصيحة كانت كلمة حق أريد بها باطل، فقد كانت النداء الذي سيطر به الإخوان علي شباب هذه الأمة، ثم قاموا بغسل أدمغتهم والسيطرة عليهم يوجهونهم إلي أي اتجاه يريدون]. ويتضح من هذا الإعتراف ـ وهو اعتراف ؛ لأنه صرح بأنها كلمة حق أريد بها باطل، كما يذهب الخصوم الفكريين، وأن ما يجري من خلالها، غسل للأدمغة ـ أن المسألة مسألة عقيدة ابتداءًا، وإن جلبت منافع دنيوية فيما بعد . ولذا قد تجد من بين شباب الإخوان من يسخر من أصحاب التفسير المادي للسلوك الإخواني ؛ لأنهم يرون الجانب الروحي المضيء للإسلام ـ بغض النظر عن الغبش الفكري الإخواني الذي يعتقدون في صحته ـ دون غيره . وقد أرجع عشماوي في اعترافاته، خطورة هذا النداء أو تلك الصرخة، إلي أنها قد انبثق عنها وسائل السيطرة والتحكم ـ من منطلق عقدي ـ وهي : البيعة، والسمع والطاعة . يقول عشماوي في ذات المرجع " ص 7 ": [ومن هذا النداء انبثقت وسائل السيطرة، وهي البيعة، والسمع والطاعة. ذلك أن الشباب حين يدخل إلي الجماعة لابد أن تكون له بيعة ، والبيعة مع مجموعات النظام الخاص، وهو الجهاز السري للجماعة باستعمال المصحف والمسدس. أما "إخوان الأسر" وهو النظام المعمول به لربط الإخوان تنظيمياً فيكون باستعمال المصحف فقط]. ولا ندري، لماذا المصحف والمسدس؟. وإن كانت علة وجود المسدس في قسم البيعة بجوار المصحف لا تخفي دلالتها . إلي جانب هذا الإرتباط العقدي، هناك ما اطلق عليه عشماوي : الزواج البيئي. حيث يتزوج الإخوان من بعضهم البعض ـ ومن المؤكد أن هذا يتم تغطيته بغطاء شرعي ـ فتكون الإتصالات التي تتم بينهم لها غطاء النسب والقرابة . هذا بخلاف الإتصالات التي تتم علي المستوي الفردي، واستغلال المناسبات الدينية للإتصالات العامة . ويقول عشماوي " ص 8 ـ نفس المرجع السابق ": [لقد درس الإخوان جميع التنظيمات العالمية، حين حاولوا بناء النظام الخاص]. حيث كانت هذه التنظيمات، مصدراً أساسياً تم الرجوع إليه ودراسته، والإستنارة بالأفكار الحركية في كل تنظيم علي حده . ويواصل عشماوي اعترافاته بقوله: [كانت هناك وقفة شديدة أمام فرقة الحشاشين أتباع مصطفي الصباحي، وكان الإنبهار من وصولهم إلي حد الإعجاز في تنفيذ آليات السمع والطاعة، وكيف كان الأفراد يسمعون ويطيعون حتي لو طلب منهم قتل أنفسهم]. وهنا لابد من التوقف،عند قضية قتل النفس، إعمالاً للسمع والطاعة، بغض النظر عن ماهية الأمر ذاته. وهذا يتسق مع المباديء التربوية لدي الإخوان،التي تجعل موقع الإخواني من مرشده، كموقع الميت من مُغسِّله، يقلبه كيف يشاء، وتجعل من أحدهم يرفع أكف الضراعة إلي المولي عز وجل داعياً: " اللهم أمتني علي الإخوان "، كبديل عن التعبير الدارج علي ألسنة المسلمين: " اللهم أمتني علي الإسلام " . هذا هو المنطلق الأصيل لشباب الجماعة، وإن كانت هناك تفريعات أخري، منبثقة عن حالة التدين المغشوش، التي يقع البعض أسيراً لها . ولعل في هذا ما يفسر حالة العنف الهيستيري التي يمارسها الإخوان حالياً . وهذا ذاته ما دفع بأحدهم، كما ظهر في أحد الفيديوهات، وهو من المعممين بعمامة أزهرية، إلي اعتبار أن قتل الرئيس السيسي قربة إلي الله، وضمن لمن يفعلها الجنة، دوت تخريج شرعي للمسألة . ومن هنا جاءت المطالبات الملحة بتجديد الخطاب الديني، لأنه من المؤكد أن في بعض الكتب القديمة ما يسند تخريجاتهم الفاسدة . وهي كتب في حاجة إلي مراجعة جادة وحقيقية .

 

حـســـــن زايــــــــد

 

 

 

في المثقف اليوم