أقلام حرة

إن لم تستطع ان تكون وفيا يا عمار الحكيم فإتق الله

منذ عودته من ايران في2003، ووجود السيد عمار الحكيم في العملية السياسية لا يزال يمثل ظاهرة شديدة الغرابة. غرابة اتسمت بجنوح عن المبادي والقيم الدينية الشيعية التي تعتبرها الطائفة سفرها الحقيقي التراثي والمعنوي والاخلاقي الذي سارت عليه بهدي ونور واخلاق ال البيت الأطهار، بعد ان انتجت تلك الظاهرة الغريبة، أشد انحرافا عن تلك المبادئ، ومثلت في استفزازاتها الواضحة للشارع الشيعي وسياسيي الشيعة حرجا شديدا، من خلال دعواته الصريحة لبث الفرقة وتشتيت البيت الشيعي وانحيازه مع اعداء الوطن .

ولا يزال يزداد هذا الرجل، غرابة وسلبية وتراجعا عن المباديئ والقيم الدينية والسياسية معا، بحيث أصبح السيد عمار الحكيم، اكثر القادة الشيعة نفورا من قبل العراقيين . فمن يحاول تتبع مسيرة هذا الرجل السياسي – الديني المعمم، من خلال النتائج والمعطيات التي كشفت عن لاثقته بطائفته وميوله الانتهازية نحو اعداء شعبنا والوطن العراقي أمثال رئيس الاقليم وائتلاف متحدون والقوى الوطنية وغيرهم من البعثيين، يجد ان لعمار نظرة سياسية شخصية خاطئة في رسم سياسة المجلس الاسلامي، بحيث، ان مجلسه هذا سوف لن يستطيع استعادة عافيته السياسية، سوى بانقلاب على قيادته وخروج السيد عادل عبد المهدي واخرين منه، لكي يستعيد المجلس عافيته. إذ وكما يبدوا، ان السيد عمار دائب على ممارسة نوعا من "عناد" طفولي ضد رغبات الشارع الشيعي التي تطالب القادة الشيعة دائما بعدم التغريد خارج السرب، وعدم جعل التضامن السياسي مع الاعداء وسيلة لاسقاط الوطنيين من القادة الشيعة، الامر الذي جعل من عمار مثالا سلبيا ضد رفاق دربه ومحبيه من الشيعة .

فباعتقادنا، ان السيد عمار، المالئ الدنيا مواعظا ونصائحا وافتراضات التقوى والالتزام بالدين، هو نفسه عمار، شاغل الناس بتناقضاته ومالئ الدنيا بالتفرقة والعداوات مع "ابناء جلدته" بالذات، ولكنه في الوقت نفسه أيضا، هو ذلك السياسي "المرتبك" والذي يحاول اضفاء "نعومة" على سلوكه العدواني الذي يمارسه تجاه طائفته والترفع عنهم ...!!!

ولكن، الشراهة غير الطبيعية في ذات الرجل، قد أعمته وافقدته حتى اتزانه السياسي نتيجة لغرقه في النرجسية وحب الذات المطلق، والى درجة، ان السيد عمار لم يعد يمتلك "الحشمة" والاصول اللازم في تعامله السياسي مع ابناء طائفته، بل ولا يتورع حتى من منافسة إتلاف دولة القانون على رئاسة "الائتلاف الوطني" الذي هو من حصة السيد علي الاديب، الرجل الثاني في دولة القانون ورئيس اللجنة البرلمانية للائتلاف الوطني؟

فلماذا يا ترى يتبنى هذا الانسان السياسي المتدين هذه الفضاضة مع ابناء طائفته ؟؟!! هل هي الشراهة وحدها من اجل الهيمنة على العملية السياسية ؟ هل هي الرغبة العارمة في محاولة الاستحواذ الذاتي واشباع حب الظهور، وخصوصا امام من يشعر أمامهم "بنقص" من بعض القيادات الشيعية او غير الشيعية؟ أهو نوعا من محاولات للامعان في تهديم البيت الشيعي بشكل علني هذه المرة؟ أم هو استمرار لتحديات ما برح يمارسها سيدنا لدولة القانون بالذات؟؟؟!!!

فقد صرح السيد علي الأديب في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن «مسألة ترشيح زعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم لرئاسة التحالف الوطني لم تطرح حتى الآن بشكل رسمي، ولم نعرف بها إلا بعد شهرين من ترشيحنا لهذا المنصب»، مشيرا إلى أن «ائتلاف دولة القانون لا يعرف السبب الذي يجعل المجلس الأعلى يرفض هذا الترشيح الذي هو جزء من توافق داخل مكونات التحالف الوطني»....

وردا على سؤال بشأن ما تحاول تبريره قوى الائتلاف الوطني (المجلس الأعلى والتيار الصدري) من أن ائتلاف دولة القانون قد تسلم رئاسة الوزراء، وبالتالي لا بد أن يكون منصب رئاسة التحالف الوطني من حصة الائتلاف الوطني، قال الأديب إن «هذه الحجة غير صحيحة؛ لأن المجلس الأعلى أخذ أكثر من حصته من المناصب الوزارية ومنصب نائب رئيس البرلمان ووزارة سيادية مثل وزارة النفط، من خلال النقاط، وكل ذلك مقابل حصول ائتلاف دولة القانون على رئاسة الوزراء طبقا للمحاصصة التي نمقتها جميعا، ولكن هذا هو الواقع الحالي، وبالتالي لم يعد هناك مبرر لإصرارهم على عرقلة مرشح ائتلاف دولة القانون لهذا الموقع».

ومن جهته، أكد سليم شوقي، عضو البرلمان عن كتلة المواطن التابعة للمجلس الأعلى الإسلامي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «السيد عمار الحكيم لم يرشح نفسه للمنصب ولن يحتاج إلى أن يدخل منافسة، سواء بالتصويت أو غيره مع مرشح الإخوة في ائتلاف دولة القانون، بل إن ترشيحه جاء بناء على طلبات قدمت من أطراف أساسية من قوى التحالف الوطني، وفي المقدمة منهم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، فضلا عن شخصيات أخرى».

فماذا يعني كل ذلك؟

فهل ان السيد عمار الحكيم يعتقد بنفسه "أسمى" من الاخرين، لكي لا يحتاج الدخول في منافسة مع مرشح ائتلاف دولة القانون؟ ثم ماذا ان كان ترشيحه جاء " كما يدعي" السيد سليم شوقي، بناءا على طلبات قدمت من أطراف أساسية من قوى التحالف الوطني؟ أليس حريا بالسيد عمار الحكيم ان يتذكر "حفنة الاصوات" التي حصلت عليها كتلة المواطن في الانتخابات البرلمانية مقارنة بدولة القانون، فيكون في ذلك درسا بليغا في ادراك وزنه السياسي بين طائفته، ويعلم قبل كل شيئ الى أين هو سائر، فيجلس مع نفسه ليتفكر ويتعظ من اخطاء سلوكه اللامعقول؟

باعتقادنا، أن هناك أسببا كثيرة تدفع هذه الميول الجانحة في ذات السيد عمار الحكيم، منها نزعة الشهوة للهيمنة على القرار السياسي، وعدم اعترافه الضمني أو اكتراثه بالاخرين من طائفته. بل وهناك اسبابا اخرى من بينها مثلا:

أولا : محاولات السيد عمار وكتلته ل"تغييب" دور دولة القانون واضعافها في العملية السياسية، على حساب تقوية ودعم اعدائها الذي يأتلف عمار معهم عمليا اكثر من شعوره بإتلافه مع دولة القانون .

ثانيا : أن عمار الحكيم، يحاول ان يجعل من نفسه قائدا شيعيا "فذا" ...من خلال تصوير نفسه كشخصية "تعلو" فوق جميع الخلافات في العملية السياسية!! وان كانت هذه النزعة يحاول تصويرها البعض كنوع من "طيبة" على مستوى شخصيته، لكن هذه الطيبة ليست احدى أهدف عمار بالضبط . إذ لا طيبة في هذا العالم السياسي المزيف المحتال، تستطيع ان تكون مقبولة عندما تكون نتائجها اسقاط حقوق الوطنيين وتوجيه الانصال للقضايا الوطنية في الصميم، بل وتمرير اهداف باغية من اجل قيادة الاقليم وتلك الكتل البعثية . فوقوف السيد عمار مع رئيس الاقليم والبعثيين وغيرهم، بينما هو يدرك ان في قلوبهم مرض حيث يتربصون بشعبنا، نجد مواقفه الانتهازية في حين لا يزال مستمرا تحت مظلة الإتلاف الوطني!! فهل هذه نوعا من طيبة على الاطلاق؟ أم انها اشد انواع الانتهازية وقصر النظر والعقم في التفكير !!!

ثالثا: السيد عمار الحكيم لا يزال يعتقد ان المجلس السياسي يمثل "الثقل" الشيعي في العملية السياسية، وخصوصا بعد اشتراكه في مؤامرة تنحية السيد نوري المالكي، وهو بذلك يحاول تأشير امكانيات اكبر من حجمه في كل مساوماته السياسية ويضع ضغوطا من اجلها . وانطلاقا من هذا الاعتقاد، فان السيد، يحتاج الى دعم سياسي للابقاء على هذا الشعور النرجسي في ذاته. وبما انه يعلم ان الشارع الشيعي بعيدا ونائيا عنه، فعليه ان يبقى اذا، يدا بيد مع البعثيين ورئاسة الاقليم كاعوان له، بينما هؤلاء يستغلونه لمصالحهم .  

رابعا : ان عمار على خطأ كبيرفي ربط مصيره بالبعثيين . وعلى عمار ان يدرك، ان هؤلاء البعثيين لايمكن ان يكونوا معه الى النهاية أوعلى طول الخط، وذلك لسبب بسيط، هو ان طموح عمار الحكيم الشخصي يتعدى الحدود الطبيعية لكل هؤلاء السياسيين، الامر الذي سيصطدم يوما مع واقع العملية السياسية التي يطمح هؤلاء من الهيمنة عليها من اجل مصالحهم، ثم يجد نفسه قد تخلى عنه الجميع.

ولمن يتابع احتدامات السيد عمار السياسية وما تسود حياته من عدم العدالة مع طائفته، يقابل ذلك، انتهازية واصطفافا مع اعداء العراق، واخفاقات متواصلة في دعم المواقف الوطنية وحب الخير من اجل شعبنا، ثم ولعه في حب التملك، "حلالا وحراما"، وحبه الشديد للظهور، فان العراقي لا يستطيع إلا أن يتذكر ان الكثيرين من السياسيين من قبله، ممن كانوا على شاكلته، كانت اعمارهم السياسية قصيرة .

واخيرا ونحن نحاول ان نكتب بألم عن هذه الظواهر التي لا تخدم شعبنا، نتمنى من السيد عمار الحكيم ان يعود لرشده واصوله العائليه الكريمة التي لا يزال شعبنا يحتفظ من اجلها بالكثير من الاحترام والتقدير. وان يكف عن النظر لنفسه فقط، ويتعلم ويتعظ . فعمار الحكيم يفترض انه يعلم أكثرمن غيره، ان البارئ تعالى، يمهل ولا يهمل . وان "من سره زمن ...سائته أزمان.."...

حماك الله يا عراقنا السامق..

في المثقف اليوم