أقلام حرة

سوق النفط والاتفاق بين الفهم والغباء

ثمة أمور تتلاعب بموازين القوى الدولية، أهمها العسكرية والاقتصادية، فبعد أن كانت هناك حربين عالميتين، ثم حرب باردة بين الشرق والغرب، أصبحت الآن الحرب على امتلاك مصادر الطاقة والمال في العالم.

مصادر الطاقة متعددة، لكن الأهم هو البترول لأنه الآلة التي تسير الاقتصاد، واستخداماته تعددت ودخلت في كل الصناعات تقريبا، والسيطرة على منابع البترول أصبحت هاجس يؤرق المتنافسين، وامتلاك سوق النفط حلم كل الشركات النفطية.

السؤال من يتحكم بأسواق النفط في العالم؟

يستهلك العالم الآن حوالي 90 مليون برميل يوميا، 40% من هذه الكمية بيد أوبك التي يسطر عليها دول الخليج، وأي زيادة عن هذه الكمية، يعني انخفاض السعر العالمي، حسب نظرية العرض والطلب، وهذا ما يحصل الآن.

السعودية كانت تنتج 7,5 مليون برميل قبل انخفاض السوق، وفي شهر كانون الأول "ديسمبر" الماضي، أصبح إنتاجها 9,62مليون، مما أدى إلى نزول الأسعار أكثر، بالإضافة إلى ذلك هناك منابع نفطية تحت سيطرة منظمات إرهابية.

نفط نيجريا تحت تهديد "بوكو حرام"، ونفط ليبيا تتقاسمه أفراخ القاعدة هناك، وجزء من نفط العراق وسوريا تحت سيطرة "داعش"، وكل النفط المهرب إرهابيا، يصل مباشرة الى أوربا والولايات المتحدة الأمريكية وبأسعار زهيدة جدا.

النفط الصخري تصل مبالغ إنتاجه الى حوالي 70 دولار، والسوق الآن وصلت الى 50 دولار، ونحن نعيش زمن الرأسمالية العالمية، وشركات النفط لا تتحمل خسائر كهذه، لذلك أما أن يكون إنتاج النفط الصخري أكذوبة في هذا الوقت، أو أن هناك تعويض بنفط آخر كأن يكون نفط الإرهاب مثلا.

العراق بلد ريعي يعتمد على النفط، وسياساته السابقة بددت ثرواته، ولم تستطيع أن تعدد مصادر الموازنة، بسبب الفساد وسوء الإدارة السابقة، واليوم ينتظر جميع العراقيين زيادة الإنتاج حتى تُعوض خسائر السوق.

إن العنصر الأساسي في تقدم كل بلد، هو الاستقرار السياسي، والاتجاه بالناس على غير هذا الهدف، هو إما غباء من سياسيين مأزومين ومهزومين، أو محاولة فاشلة لإيقاف عجلة التغيير والعودة الى سنوات الفشل والفساد وسوء الإدارة.

بعد اتفاق عبد المهدي مع الإقليم، وصل الإنتاج إلى رقم تأريخي بما يقارب 3مليون برميل يوميا، وهي بوادر نجاح واضحة، مما يجعل الاتفاق هو طوق نجاة للجميع في هذا الوقت العصيب، وخطوة مدروسة وناجحة وذكية، ولا يجب على جميع الناس والسياسيين فهمها، لأن قدرات بعضهم محدودة جدا.

في المثقف اليوم